مخاوف من «انتقام صيني» يعرقل جهود واشنطن لتشكيل تحالف «شيب 4»
تواجه جهود الإدارة الأمريكية في تشكيل تحالف "شيب 4" لتوريد أشباه المواصلات، والذي يضم بجانب الولايات المتحدة، كوريا الجنوبية واليابان وتايوان، مخاوف من "انتقام صيني" وتفاقم التوترات الإقليمية، حسبما ذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز".
وذكرت الصحيفة أن التحالف المقترح بين واشنطن ودول شرق آسيا يُشكل جزءًا من استراتيجية الولايات المتحدة لتعزيز فرص حصولها على الرقائق الحيوية وإضعاف المشاركة الصينية، لأسباب تتعلق بالتجارة والأمن القومي.
وبعد عام من وضع خطط تشكيل التحالف الذي يفترض أن يوفر ساحة للحكومات والشركات لمناقشة وتنسيق السياسات المتعلقة بأمن سلاسل التوريد، وتنمية القوى العاملة، والبحث والتطوير، والإعانات المالية، لم تستكمل الدول الأربعة خططها بعد، ولم يتم الانتهاء حتى من وضع خطة لعقد اجتماع تمهيدي، وفقاً للصحيفة.
وأشارت "فاينانشال تايمز" إلى أن من بين مخاوف تأسيس التحالف، الاستجابة الصينية المحتملة، والتردد بشأن إدراج تايوان في منتدى حكومي دولي، بالإضافة إلى التوترات القائمة منذ وقت طويل بين كوريا الجنوبية واليابان.
تحذير صيني
وفي يوليو الماضي، حذرت المتحدثة باسم وزارة التجارة الصينية، شو جويتنج من أن الولايات المتحدة "تدمر وتمزق" سلسلة توريد أشباه الموصلات العالمية بتشكيل تحالف "شيب 4".
وقالت جويتنج إن التحالف قد يؤدي إلى تفاقم مشاكل سلاسل التوريد إذا كان قائماً على "التمييز والإقصاء".
وكان بايدن وقّع في أغسطس الماضي، قانوناً لمنح مساعدات بقيمة 52 مليار دولار لإحياء قطاع إنتاج أشباه الموصلات وغيرها من أدوات التكنولوجيا المتقدمة في الولايات المتحدة، خشية من أن تهيمن الصين عليها.
ويشتمل القانون التي أطلق عليه "ذا تشيبس أند ساينس أكت" (the CHIPS and Science Act) على نحو 52 مليار دولار لتعزيز إنتاج الشرائح الرقيقة، وهي مكونات صغيرة لكنها قوية وصعبة التصنيع نسبياً تعتبر أساسية في كل الآلات الحديثة.
وقال سوجاي شيفاكومار، زميل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، إن الولايات المتحدة "تحتاج إلى تحالف لتعزيز سلسلة التوريد الخاصة بها" ولمنحها "فرصة لالتقاط الأنفاس" لإعادة تمويل قاعدتها الصناعية في القطاع.
وأوضح شيفاكومار أن تحالف "تشيب 4" يهدف أيضاً "جزئياً إلى إبطاء التقدم الصيني (في مجال الرقائق)".
وتروج الولايات المتحدة للمبادرة باعتبارها أجندة إيجابية متعددة الأطراف ومنفصلة تماماً عن ضوابط التصدير ومراجعة الاستثمارات التي فرضتها لتصعب حصول الصين على تكنولوجيا أشباه الموصلات المتقدمة.
وقال مسؤول كوري جنوبي كبير إن كوريا الجنوبية طلبت تأكيدات من الولايات المتحدة بأن مشاركة تايوان لا يمكن أن تفسرها بكين على أنها تحد لسياسة الصين الواحدة، مُضيفاً أن كوريا الجنوبية لم تتعهد بأي التزامات باستثناء حضور "الاجتماع التمهيدي" للدول الأربع.
قلق حكومي وخاص
وأثارت معارضة الصين، التي تستحوذ على 40% من إنتاج تكنولوجيا المعلومات العالمي ولا تزال مصدراً هاماً للمكونات والمواد الأساسية، قلق العديد من الحكومات والشركات المُصنعة للرقائق.
وقال رئيس قطاع أشباه الموصلات في شركة "سامسونج" الكورية الجنوبية كيونج كاي هيان، الأسبوع الماضي إن الشركة "نقلت مخاوفنا" بشأن المبادرة إلى حكومة كوريا الجنوبية.
وأضاف: "يتمثل موقفنا في أنه فيما يتعلق بتحالف (شيب 4) يجب محاولة التفاهم مع الصين أولاً، ثم التفاوض مع الولايات المتحدة، نحن لا نحاول استغلال الصراع بين واشنطن وبكين، ولكننا نحاول إيجاد حل مريح للطرفين".
بدوره، أوضح مسؤول في الحكومة الأميركية لـ"فاينانشيال تايمز" أن كوريا الجنوبية، الدولة الأكثر تردداً بين الأعضاء المحتملين في التحالف، أعربت عن قلقها من أن المبادرة "ستتدخل في التوازن التنافسي بين بعض شركات الرقائق الكبيرة"، بما في ذلك من خلال مطالبة "سامسونج" ومنافستها "تايوان لصناعة أشباه الموصلات" (TSMC) بمشاركة تقنياتهما مع بعضهما البعض.
"ميزة تنافسية"
كما يشعر البعض في كوريا الجنوبية بالقلق من احتمالية ميل واشنطن إلى استخدام المبادرة لمنح شركتي "إنتل" و"مايكرون" الأمريكيتين ميزة تنافسية، بحسب الصحيفة.
وقال وزير العلوم وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في كوريا الجنوبية، لي جونج-هو، للصحيفة، إن الصين "أصبحت بالفعل سوقاً صعبة لممارسة الأعمال وجلب معدات جديدة إليها حتى قبل اقتراح التحالف".
ومع ذلك، يرى لي، الخبير في مجال أشباه الموصلات، أنه من المهم احترام آراء الشركات الخاصة، مُوضحاً أنه "ليس من المناسب اعتبار الأمر أزمة".
وقال أستاذ هندسة الإلكترونيات في جامعة هانيانج الكورية الجنوبية، بارك جي-جون، إن كوريا الجنوبية "يجب أن تؤكد للصين أنها ليس لديها خيار سوى الانضمام بسبب الضغط الأمريكي، وأنها لا تستطيع إنتاج رقائق ذاكرة في الصين دون الانضمام إلى التحالف".
توترات كوريا واليابان
ويرى مسؤول في الحكومة اليابانية أن انضمام كوريا الجنوبية إلى التحالف قد يقيد نطاق المبادرة بسبب التوترات التي لم يتم تسويتها بين البلدين.
ولم ترفع اليابان الضوابط التي فرضتها على صادرات المواد الكيميائية إلى صناعة أشباه الموصلات الكورية الجنوبية في عام 2019، وسط نزاع بشأن القضايا التاريخية.
وأكدت وزيرة الأمن الاقتصادي اليابانية، ساناي تاكايشي، على أهمية تعاون اليابان مع الولايات المتحدة والدول الحليفة الأخرى لجعل سلاسل توريد أشباه الموصلات الخاصة بها قادرة على الصمود.
وأضافت: "من المهم أيضاً -مع ذلك- أن نضع في اعتبارنا أن الجهود المبذولة في مجال الأمن الاقتصادي لا تقيد الأنشطة التجارية ولا تضر بالابتكار أو الكفاءة".