«الاحتياطي الأسترالي» يرفع الفائدة لأعلى مستوى في 7 سنوات لمجابهة التضخم
أقرّ البنك المركزي الأسترالي زيادة سعر الفائدة للمرة الرابعة على التوالي بنصف نقطة مئوية، مؤكدًا أنه لا يتبع مساراً محدداً سلفاً في سعيه لكبح جماح التضخم.
رفع البنك الاحتياطي الفائدة على النقد إلى 2.35%، وهو أعلى مستوى منذ 2015، من 1.85% في اجتماع اليوم الثلاثاء، كان القرار متوقعاً من قبل 27 خبيراً اقتصادياً من أصل 30 خبيراً ويعني أن بنك الاحتياطي الأسترالي يتبع نهجاً متشدّداً بأسرع وتيرة في جيل ضمن دورة بدأت في مايو الماضي، عندما وصلت الفائدة إلى مستوى قياسي منخفض بـ0.1%.
قال فيليب لوي محافظ بنك الاحتياطي الأسترالي في بيان بعد الاجتماع: "يتوقع مجلس الإدارة زيادة أسعار الفائدة بشكل أكبر خلال الأشهر المقبلة، لكنه ليس على مسار محدد مسبقاً، فهو ملتزم باتخاذ ما هو ضروري لضمان عودة التضخم في أستراليا إلى المعدل المستهدف بمرور الوقت".
يعتمد البنك الأسترالي على معدلات بطالة منخفضة للغاية واستهلاك قوي للحفاظ على حركة الاقتصاد خلال دورة التضييق، وتعكس الزيادة الأخيرة في أستراليا إصرارًا من جانب محافظي البنوك المركزية على مستوى العالم، والذي تم التأكيد عليه مجدداً في اجتماع "جاكسون هول"، لمواصلة رفع أسعار الفائدة حتى ينحسر التضخم بشكل ملموس.
حتى الآن، أظهرت الأسر المكبّلة بالديون في البلاد مرونة في مواجهة ارتفاع الأسعار، والتي تقود ارتفاع تكاليف المعيشة، ولا يزال سوق العمل قوياً، مع استمرار ارتفاع إعلانات الوظائف، مما يشير إلى المزيد من الانخفاضات الفعلية للبطالة التي وصلت بالفعل إلى أدنى مستوى لها منذ 48 عاماً عند 3.4%.
قال لوي في بيانه إن قفزة معدلات التضخم وارتفاع تكاليف الاقتراض يضغطان على ميزانيات الأسر، مع ظهور الآثار الكاملة لارتفاع أسعار الفائدة في مدفوعات الرهن العقاري، مضيفًا: "سيولي مجلس الإدارة اهتماماً وثيقاً لسبل موازنة هذه العوامل المختلفة من خلال تقييمه للضبط المناسب للسياسة النقدية".
أعلنت أستراليا عن الناتج المحلي الإجمالي للأشهر الثلاثة حتى يونيو يوم الأربعاء الماضي، ويتوقع الاقتصاديون زيادة بـ0.9% عن الربع السابق و3.4% عن الفترة نفسها من العام السابق.
من المقرر أن يلقي لوي يوم الخميس المقبل خطابه السنوي لمؤسسة "أنيكا فاونديشن" (Anika Foundation) بعنوان "التضخم وإطار السياسة النقدية".
هناك دلائل على أن تسارع نمو الأجور الذي طال انتظاره يواصل الصمود، وهو ما يمثل ارتياحاً للأسر التي تهاوى دخلها بسبب التضخم الذي لا يُظهِر سوى القليل من علامات التراجع، لكن هذا مصدر قلق آخر لصانعي السياسة الذين يحتاجون إلى الحذر من جولة جديدة من التضخم الناجم عن زيادة الأجور.
قال لوي اليوم: "بالنظر إلى سوق العمل الضيّق وضغوط الأسعار الأولية، سيواصل مجلس الإدارة إيلاء اهتمام وثيق لكل من تطور تكاليف العمالة وسلوك تحديد الأسعار للشركات في الفترة المقبلة".
مع ذلك، يتوقع العديد من الاقتصاديين العودة إلى تحركات ربع نقطة في أكتوبر، فالأسواق أقل يقيناً، مما يشير إلى احتمال 50-50 أن يبطئ بنك الاحتياطي الأسترالي الوتيرة بعد اليوم، بالإضافة إلى حالة عدم اليقين، تأخذ عقود المقايضة في الحسبان زيادات بنقطة مئوية أخرى بحلول نهاية العام.
في الوقت الحالي، فإن متوسط تقدير الاقتصاديين هو أن تصل الفائدة على النقد إلى ذروتها عند 3% في هذه الدورة، مقابل 3.8% في الأسواق بحلول منتصف عام 2023.
قال جو ماسترز، كبير الاقتصاديين في شركة "بارينجوي ماركتس" (.Barrenjoey Markets Pty Ltd): "قد يؤدي التشدّد المفرط في أسعار الفائدة إلى دفع الاقتصاد إلى الركود، ولكن هناك مخاطر أيضاً إذا كان التدخل ضعيفاً للغاية الأمر الذي سيدفع إلى ظهور دوامة الأجور والأسعار".
حذر الاقتصاديون أيضاً من أن التوقعات تزداد قتامة، مما يسلط الضوء على أن تشديد بنك الاحتياطي الأسترالي يميل إلى أن يستغرق حوالي شهرين إلى ثلاثة أشهر للتأثير على الأسر، ويشير ذلك إلى أن الاستهلاك سيبدأ في الضعف بشكل ملحوظ بحلول نهاية العام الجاري، كما أن التطورات العالمية تزداد سوءاً وسط التشديد العالمي والتوترات الجيوسياسية.
اعترف لوي بأن صانعي السياسة يسيرون في مسار التشديد بينما يحاولون إبطاء الطلب والتضخم دون دفع الاقتصاد إلى الاتجاه المعاكس.
يعد تدهور سوق العقارات من بين المخاطر الرئيسية، فقد أظهرت البيانات الأسبوع الماضي أن نمو الائتمان العقاري تراجع في يوليو وانخفضت أسعار المنازل بأسرع وتيرة منذ عام 1983 في أغسطس.
علّق ماسترز، بالقول: "المخاطر الجيوسياسية مرتفعة أيضاً وكما رأينا هذا العام يمكن أن تتدفق إلى الاقتصاد الحقيقي، فالتوقعات بالنسبة للصين تمثل دائماً خطراً بالنسبة لأستراليا، وعند هذا الحدّ نشهد ضغوطاً في سوق الإسكان تستحوذ على الاهتمام البالغ".