مقتطفات من مقالات كبار الكُتاب.. العصافير التي تم ضربها بحجر «الحرب الروسية»
سلط كبار كُتَّاب الصحف المصرية، الصادرة صباح اليوم /الثلاثاء/، الضوء على عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المحلي.
عبدالرازق توفيق يكتب عن العصافير التي تم ضربها بحجر «الحرب الروسية الأوكرانية»
في صحيفة "الجمهورية"، قال الكاتب عبدالرازق توفيق إنه "مع بدايات الحرب الروسية-الأوكرانية، قلت إن إدارة تداعيات الحرب يراد منها ضرب عشرات العصافير بحجر الأزمة الواحد، خاصة أن تأثيراتها الاقتصادية قاسية للغاية، وإن الأمر يجري لتحقيق أهداف معينة، وما أكد هذا الاستنتاج هو السعي الدؤوب لإطالة أمد الأزمة وآثارها الاقتصادية الطاحنة".
وأضاف توفيق - في مقاله بعنوان "السهام المسمومة.. والموضوعية الغائبة" - أن كثيرًا من دول العالم يعاني ويلات اقتصادية من آثار الأزمة العالمية، وقليلا منها استفاد وحقق أرباحًا طائلة، خاصة الدول النفطية، كما أن هناك دولا تتعامل بأفكار خارج الصندوق وتسعى بكل جدية بعدم السماح لتداعيات الأزمة العالمية بالنيل من مواطنيها بالشكل الذي يخلق معاناة صعبة، وعجزًا، وهي دول يبدو فيها الاستقرار المعيشي وفي توافر السلع الأساسية، والاحتياجات الرئيسية للحياة، ولا تجد فيها أي نوع من العجز أو النقص .
وأشار توفيق إلى أن الجميع متأثرون بتداعيات الأزمة العالمية الطاحنة، لكن تبقى أوروبا هي أكثر دول العالم تضررًا سواء على صعيد توفر الطاقة والغاز تحديدًا، لأنه عصب الحياة والإنتاج والرفاهية فيها، أو على صعيد وجود نقص وعجز في السلع الأساسية وخلل في منظومة الأمن الغذائي، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم وزيادة الأسعار بشكل قد يبدو غير مسبوق بالنسبة للمواطن الأوروبي الذي كان مطمئنًا لحالة «الوفرة» .
ولفت إلى تأكيد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرين بأن زمن الوفرة قد انتهى، واستعدوا لمواجهة «الصعوبات»، أي يمكن القول إن عصر الرفاهية الأوروبي مهدد .. مشيرا إلى أن المواطن في أمريكا أيضًا يعاني ويلات طاحنة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية سواء في ارتفاع معدلات التضخم وزيادة الأسعار وارتفاع معدلات البطالة وهو لم يعتد مثل هذه الظروف القاسية، أضف إلى ذلك بالنسبة على الصعيدين الأوروبي والأمريكي موجات الجفاف شديدة الوطأة التي تحاصر الشعوب وتفرض بيئة مختلفة وصلت إلى حد المطالبة بعدم الاستحمام والاكتفاء بفوط مبللة لغسيل الجسد.
وأوضح توفيق أن جميع دول العالم المتقدمة والنامية تعيش في المعاناة سواء وبدرجات، في أمرين مهمين ارتفاع أسعار الطاقة وأيضًا ارتفاع أسعار أو عجز ونقص في توفر السلع الأساسية ووجود خلل في منظومة الأمن الغذائي، وارتفاع معدلات التضخم، وهذا ثابت بالنسبة للمواطن المصري، ورغم أن الدولة المصرية متأثرة بطبيعة الحال بتداعيات الأزمة العالمية، وفي هذا الصدد جاء حديث وزير المالية بالأمس خلال مؤتمر صحفي، عندما عبّر عن اندهاشه من محاولات البعض تحميل الدولة المصرية مسئولية التداعيات السلبية للأزمة العالمية الراهنة خاصة وبنظرة موضوعية لما يدور في دول العالم وفي مختلف البلدان المتقدمة والنامية، تكفي لإدراك حجم الآثار المترتبة على هذه التحديات العالمية الاستثنائية على كل الاقتصادات العالمية.
وقال الكاتب "هنا يتطابق حديث وزير المالية مع ما قيل إن هناك محاولات لتمصير الأزمة العالمية، وكأن مصر هي الدولة الوحيدة التي أثرت عليها الأزمة العالمية، أو ربما يروج البعض أن مصر هي سبب الأزمة العالمية، هؤلاء أصابهم العمى أن يروا بعين الموضوعية ما يحدث في دول العالم المتقدمة والنامية بل وأن مصر على مستوى الاقتصاد والمواطن هي واحدة من أكثر الدول استقرارًا".
واستعرض الكاتب عبد الرازق توفيق أحوال المواطن المصري في مشهد الأزمة العالمية وتداعياتها، انطلاقًا من مبدأ ثابت أن الدولة المصرية قررت أن تتحمل الجزء الأكبر من تكلفة التعامل وإجراءات تداعيات الأزمة وعدم تحميل المواطن معاناة ارتفاع الأسعار للسلع الأساسية بشكل يفوق طاقته وقدرته ، فأولًا: أن هناك استقرارًا كاملًا في توفر السلع الأساسية والاحتياجات الأساسية للمواطن، ربما يكون هناك ارتفاع «منضبط» في بعض هذه السلع خاصة المستوردة أو التي زادت تكلفة إنتاجها، لكن هناك إجراءات اتخذت لتحقيق هذا الاستقرار جاءت من رحم مشروعات قومية عملاقة وفكر استشرف المستقبل ووضع مجموعة من المبادئ والثوابت، وأبرزها التوسع في إنشاء صوامع الغلال والحبوب ومستودعات الزيوت والبوتاجاز والبترول.
وأشار الكاتب إلى تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، بأن كل ما يحتاجه المواطن في الأسواق متوفر، ولدينا مخزون واحتياطي استراتيجي آمن من السلع يكفى لـ7 أشهر قادمة، بالإضافة إلى جهود الدولة وإجراءاتها لتأمين احتياجات المواطنين من خلال سلع بأسعار مخفضة تقل 30٪ أو أكثر وبجودة عالية في منافذ القوات المسلحة أو الداخلية أو وزارتي التموين والزراعة، إذًا فالسوق المصري متوازن ومستقر ويلبي كافة احتياجات المواطن المصري.
وأضاف الكاتب أن االنقطة الثانية هي أن المواطن المصري لا يشعر بأي أزمة على الإطلاق في توفر مصادر الطاقة، فالكهرباء لدينا فائض كبير منها ومن مصادر متنوعة سواء محطات التوليد التقليدية أو من الطاقة الجديدة والمتجددة ولم تحدث أي مشكلة في أوج ذروة ارتفاع درجات الحرارة في الصيف بل إن الدولة أجلت زيادة أسعار الكهرباء لمدة 6 أشهر .. لافتا إلى أن دولة في حجم بريطانيا ارتفعت فيها أسعار الكهرباء بنسبة 80٪، وهو بند واحد من تكلفة الحياة والمعيشة للمواطن البريطاني.
وأوضح أن البنزين والسولار متوفران وتدعمهما الدولة بقوة وأسعارها لا تقارن على الإطلاق بالأسعار العالمية، والغاز مصر لديها اكتفاء ذاتي وتصدر للخارج، بل أصبحت مركزًا إقليميًا لتداول الطاقة والغاز وتأتي به الدول إلى مصر لتسييله وتصديره للخارج وعلى رأسها أوروبا.
وتابع توفيق "ثالثًا: الخضراوات والفواكه متوفرة وبأسعار تبدو طبيعية للغاية وعند مقارنتها بدول العالم تجد أن الفارق شاسع، وليس فقط توفرها ولكن أيضا أسعارها ، وهذا أيضًا لم يأت من فراغ بل طبقًا لرؤية استشرفت المستقبل، وجهود خلاقة نجحت في تنفيذ أكبر عملية توسع زراعي وإضافة ما يقرب من 6 ملايين فدان للرقعة الزراعية المصرية وإيقاف نزيفها بتحريم التعدي على الأراضي الزراعية، بالإضافة إلى الاستفادة من كل قطرة مياه مصرية في استصلاح وزراعة المزيد من الأراضي وتطبيق وسائل الري الحديثة وتبطين الترع والترشيد غير المسبوق في استخدام المياه بشكل علمي ومدروس، وهو ما حقق وفرة ونهضة زراعية جنت مصر وشعبها ثمارها خاصة في مواجهة الأزمة العالمية".
وأردف قائلا "في الوقت الذي تخبر فيه دول أوروبا مواطنيها: «نعتذر لن نستطيع مساعدتكم ودعمكم»، تتوسع الدولة وبتوجيهات من الرئيس السيسي في برامج الحماية الاجتماعية، ولابد أن يرتكز الحديث مع المواطن المصري على المصارحة والشفافية والمواجهة أيضًا، فالدولة تستعد لتنفيذ حزم جديدة من إجراءات الحماية الاجتماعية، تستهدف الفئات الأكثر احتياجًا أو الأكثر تأثرًا بتداعيات الأزمة العالمية".
ولفت إلى أنه تم إضافة مليون أسرة جديدة إلى برنامج «تكافل وكرامة» ليصبح عدد المستفيدين أكثر من 20 مليون مواطن مصري وذلك في أوج الأزمة العالمية، ثم صرف مساعدات لـ9 ملايين أسرة لمدة 6 أشهر بتكلفة مليار جنيه شهريًا للأسر الأكثر احتياجًا ومن أصحاب المعاشات الذين يحصلون على معاش شهري أقل من 2500 جنيه، كما أن العاملين في الجهاز الإداري للدولة الذين يحصلون على راتب أقل من 2700 جنيه شهريًا، ناهيك عن الإجراءات الأخرى المتعلقة بالأمن الغذائي للأسر الفقيرة والأمهات والأطفال، من خلال التوسع في طرح كراتين السلع الغذائية المدعمة بنصف الثمن وبواقع مليوني كرتونة توزع في منافذ القوات المسلحة، ثم جهود التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي الخلاق، ومبادرة حياة كريمة وغيرها من الجهود الوطنية التي توفر الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجًا.
وقال الكاتب عبد الرازق توفيق إن الأزمة عالمية تعاني منها جميع دول العالم، وألقت بظلالها وتداعياتها على الاقتصادات المتقدمة والنامية بأشكال ودرجات مختلفة لكنها في النهاية خلقت صعوبات ومعاناة للشعوب، لكن يجب التحدث بأمانة وصدق أن ما تقدمه الدولة المصرية لم تقدم دول كبيرة عليه ومنها دول متقدمة، بالإضافة إلى أن الاستقرار في توفير احتياجات المواطنين بتوفر السلع الأساسية وتحمل الدولة الجزء الأكبر من الزيادات في الأسعار يشير إلى أن الاقتصاد المصري بما يمتلكه من مرونة قادر على التعامل مع الأزمة العالمية.
وأشار توفيق إلى أن الدكتور معيط، استشهد بأرقام مهمة ونسب ومعدلات تكشف عن أن الاقتصاد المصري يقف على أرض صلبة، والدليل مؤشرات أداء للعام المالي المنتهي في يونيو الماضي، وهو ما يرد على الأكاذيب والشائعات وحملات الإحباط الممنهجة، فالاقتصاد المصري حقق أعلى معدل نمو منذ عام 2008 بنسبة 6.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بمتوسط عالمي 3.2٪ للاقتصادات الناشئة، وتراجع معدلات البطالة إلى 7.2٪ في يونيو 2022 بتوفير 826 ألف فرصة عمل، وانخفض عجز الموازنة من 13٪ في العام المالي 2013-2012 إلى 6.1٪ من الناتج المحلي العام المالي الماضي.
وأضاف أن الدكتور معيط أكد أن معدل عجز الموازنة لأول مرة منذ سنوات كان أقل من متوسط الدول الناشئة، واستطعنا تحقيق فائض أولى للعام الخامس على التوالي بقيمة 100 مليار جنيه وبنسبة 1.3٪ من الناتج المحلي، وبالتالي تكون مصر واحدة من الدول القليلة من الاقتصادات الناشئة التي حققت فائضًا أوليًا العام المالي الماضي.
ونوَّه توفيق بأن من المهم أيضًا معرفة أن معدل الدين للناتج المحلي انخفض من 103٪ في يونيو 2017 إلى 87.2٪ في يونيو الماضي مقارنة بنسبة مديونية حكومية عالمية 99٪ من الناتج المحلي العالمي، كما تراجع معدل الدين بنحو 15.6٪ للناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة من 2016 إلى 2022 مقارنة بزيادة 19.5٪ بالدول الناشئة، وتستهدف مصر خفض معدل الدين للناتج المحلي إلى 75٪ بحلول 2026، علمًا بأن 77٪ من المديونية الحكومية محلية لمؤسسات وأفراد في مصر و23٪ فقط خارجية بالعملة الصعبة، وأن المديونية الخارجية لأجهزة الموازنة استقرت عند 81.4 مليار دولار في يونيو الماضي بنسبة 19٪ من الناتج المحلي مقارنة بـ81.3 مليار دولار في يونيو 2021 علمًا بأنها مديونية طويلة الأجل.
وتابع توفيق أن "تفاصيل حديث الدكتور محمد معيط وزير المالية من وضع الاقتصاد المصري بين أيدي المواطن المصري، لكن ما يريد أن يقوله وزير المالية، هذا هو كتابنا ينطق بالثقة والاطمئنان والصدق، والشفافية، وأن لدينا القدرة والمرونة على التعاطي مع تداعيات الأزمة العالمية التي تشهد حالة من الغموض أو إلى أين تمضي في ظل استمرار الحرب الروسية-الأوكرانية".
عبدالمحسن سلامة يكتب عن تأجيل انعقاد القمة العربية
قال الكاتب عبدالمحسن سلامة إنه لشيء مؤسف أن تخرج أنباء تشير إلى احتمال تأجيل انعقاد القمة العربية المقرر عقدها بالجزائر في شهر نوفمبر المقبل.
وأشار سلامة - في مقاله بعنوان "التشرذم العربي!" - إلى أن القمة العربية المقبلة مؤجلة منذ ثلاث سنوات، حيث كانت آخر قمة هي القمة العربية التي عُقدت في تونس عام 2019، ثم جاء فيروس «كورونا»، وأشياء أخرى لتتعطل القمم العربية منذ ذلك الحين.
وقال سلامة إن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بذل، ولا يزال، جهدا كبيرا لاستكمال إجراءات انعقاد القمة؛ من أجل لم الشمل العربي في تلك المرحلة الحساسة والحاسمة التي يمر بها العالم، خاصة بعد اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية .. لافتا إلى أن العالم يمر بحالة استقطاب حاد، ويُعاد تشكيل خريطة القوى العالمية، والاتجاه نحو عالم متعدد الأقطاب، بعد انتهاء حِقبة القطب الواحد.
وشدد الكاتب عبد المحسن سلامة على أنه من المهم بذل كل الجهود لاستكمال عقد القمة العربية، من أجل التنسيق بين مواقف الدول العربية، وتحقيق مصالح العالم العربي، خاصة فيما يتعلق بقضية الصراع العربي-الإسرائيلي، والقضايا الاقتصادية، والسياسية المختلفة.
وأعرب المحسن سلامة عن تمنيه أن يبذل القادة العرب جهدا أكبر خلال الأيام المقبلة، لتجاوز الخلافات الهامشية، وانعقاد القمة العربية في موعدها، والأهم أن تخرج بنتائج ترقى لمستوى طموحات الشارع العربي.