ما حكم الصلاة بالحذاء؟.. دار الإفتاء تجيب
حكم الصلاة بالحذاء هو ما يسأل عنه الكثيرون خاصة إذا اضطرتهم ظروفهم إلى ذلك، ولا يعرفون حكم الصلاة بالحذاء، هل هو جائز أم محرم أم أنها تخضع لبعض الأمور.
ونستعرض في سياق التقرير التالي حكم الصلاة بالحذاء وفق دار الإفتاء، خاصة وأن الشخص لا يعرف على وجه الدقة إن كان الحذاء الذي يلبسه طاهرا أم تلتصق به النجاسة، ما يجعل التعرف على حكم الصلاة بالحذاء أمر ضروري.
حكم الصلاة بالحذاء
تحدثت دار الإفتاء على صفحتها الرسمية عن حكم الصلاة بالحذاء قائلة إنه يدور بين الندب والإباحة، فلا يجوز اعتقاد وجوبها ولا اعتقاد حرمتها؛ لأن كليهما لم يشرع فيهما، فمن صلى فيها على وجه الندب، ومن تركها في الصلاة على وجه الإباحة؛ لم يتعد حدود الله فيها.
وقالت دار الإفتاء إن أداء العامة في هذا الزمان الصلاة في المساجد بالنعال أو بدونها أمر يحتاج إلى النظر فيما إذا كان في وسعهم أن يتحروا طهارة الأحذية ويتحققوا من خلوها من النجاسات والأقذار مع كثرتها في الطرق كما كان يتحرى الصحابة والسلف الصالح، وهل يمكن أن يبقى للمساجد حرمتها وللفرش التي بها نظافتها إذا اقتحموها للصلاة بأحذيتهم؟ والجواب عن ذلك: بالسلب، فإذا سلكنا بالعامة في هذا الباب مسلك ابن عمر وأبي موسى الأشعري من ترك الصلاة بالنعال -وناهيك بهما تحريًا واقتداءً- وسعنا ذلك، وكان فيه اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في بعض أحواله.
جواز الصلاة بالنعال
واستدلت دار الإفتاء بما روي عن أبي مسلمة بن يزيد الأزدي قال: سألت أنسًا رضي الله عنه: أكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي في نعليه؟ قال: "نعم" رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَلَا يُؤْذِ بِهِمَا أَحَدًا، لِيَجْعَلْهُمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ، أَوْ لِيُصَلِّ فِيهِمَا»
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُصَلِّي حَافِيًا وَمُنْتَعِلًا" رواهما أبو داود.
وعن أبي عبد الرحمن بن أبي ليلى رضي الله عنه أنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في نعليه، فصلى الناس في نعالهم، فخلع نعليه، فخلعوا، فلما صلى قال: «مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي نَعْلَيْهِ فَلْيُصَلِّ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَخْلَعَ فَلْيَخْلَعْ»، وهو حديث مرسل صحيح الإسناد.
وأشارت الدار إلى أن هذه الأحاديث دالة على مشروعية الصلاة في النعال وعلى الإباحة والتخيير فيها، ولذلك اختلف عمل الصحابة والتابعين في ذلك؛ فكان لا يصلي في النعلين: عبد الله بن عمر وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهم، وكان ممن يصلي فيها من الصحابة: عمر وعثمان وابن مسعود وأنس بن مالك وعويمر بن ساعدة وسلمة بن الأكوع وأويس الثقفي رضي الله عنهم، ومن التابعين: سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح وعطاء بن يسار والقاسم وعروة بن الزبير وسالم بن عبد الله ومجاهد وشريح القاضي وطاوس وأبو عمرو الشيباني والأسود بن يزيد وإبراهيم النخعي وعلي بن الحسين رضي الله عنهم.
شروط الصلاة بالحذاء
ومحل جواز الصلاة في النعال: إذا لم يكن بها نجاسة؛ كما نص عليه العلامة القسطلاني في "شرح حديث البخاري"، والنووي في "شرح حديث مسلم".
واختلف الفقهاء فيما به يطهر النعل في القذر والخبيث؛ هل يطهر بالحك في التراب والدلك في الأرض، أو لا بد من غسله بالماء؟
قال الإمام القسطلاني في "إرشاد الساري شرح صحيح البخاري": [واختلف فيما إذا كان بها نجاسة؛ فعند الشافعية لا يطهرها إلا الماء، وقال الإمام مالك والإمام أبو حنيفة: إن كانت يابسة أجزأ حكها، وإن كانت رطبة تعين الماء].
وقال الإمام النووي - في "شرح النووي على مسلم": [ولو أصاب أسفل الخف نجاسة ومسحه على الأرض؛ فهل تصح صلاته؟ فيه خلاف للعلماء، وهما قولان للإمام الشافعي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: الأصح: لا يصح] أي: ويتعين تطهيرها بالماء.
وروى أحمد وأبو داود عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أَنَّهُ صَلَّى فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ؛ فَخَلَعَ النَّاسُ نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لَهُمْ:« لِمَ خَلَعْتُمْ» قَالُوا: رَأَيْنَاك خَلَعْت فَخَلَعْنَا فَقَالَ: «إنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ بِهِمَا خَبَثًا، فَإِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيُقَلِّبْ نَعْلَيْهِ وَلْيَنْظُرْ فِيهِمَا؛ فَإِنْ رَأَى فَلْيَمْسَحْهُ بِالْأَرْضِ، ثُمَّ لِيُصَلِّ فِيهِمَا».
ووردت أحاديث من طرق عدة يقوي بعضها بعضًا دالة على أن النعل يطهر بالدلك في الأرض رطبًا كان الخبث أو يابسًا، وإلى هذا ذهب الأوزاعي وأبو حنيفة وأبو يوسف والظاهرية وأبو ثور وإسحق وأحمد في رواية، وهي إحدى الروايتين عن الشافعي، وذهب العترة والشافعي ومحمد إلى أنه لا يطهر بالدلك لا رطبًا ولا يابسًا، وذهب الأكثر إلى أنه يطهر بالدلك يابسًا لا رطبًا.