مسؤولون بالبنك الفيدرالي الأمريكي لا يرون دليلاً على تراجع التضخم حتى الآن
رفض مسؤولون من بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي عملياً الرواية التي سادت الأسواق المالية خلال الأسبوع الماضي حول أن صناع السياسة يضعون تصورات لتحول بعيد عن تشديد السياسة النقدية، وسط أدلة على أن الاقتصاد يشهد انحداراً.
أكد 4 رؤساء لبنوك الاحتياطي الفيدرالي بالمقاطعات الأميركية في تصريحات، الثلاثاء الماضي، عدم وجود أي علامة على تراجع معدلات التضخم في الولايات المتحدة حتى الآن.
وقالت ماري دالي، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو: "إننا ما نزال صارمين ومتحدين بالكامل" بشأن تحقيق غاية تخفيض معدل التضخم إلى قرب نسبة 2% المستهدفة.
ساعدت التصريحات من "دالي"، ولوريتا ميستر من كليفلاند، وتشارلز إيفانز من شيكاغو على تحفيز ارتفاع عوائد سندات الخزانة، الثلاثاء، حيث أعاد المضاربون التفكير في مقدار زيادة البنك المركزي لأسعار الفائدة، وما إذا كان بإمكانه التحرك لتخفيضها مع مطلع 2023.
وهبطت العائدات عقب تصريح الرئيس جيروم باول في 27 يوليو الماضي بأنه "سيصبح من المناسب على الأرجح إبطاء وتيرة زيادات سعر الفائدة" بينما يزداد موقف سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي تشدداً.
البحث عن أدلة
صرحت "ميستر" لصحيفة "واشنطن بوست" خلال فعالية تم بثها عبر الإنترنت أنها تريد أن تشاهد "دليلاً دامغاً تماماً" على أن الزيادات في الأسعار من شهر إلى شهر آخذة في التراجع قبل أن تستطيع القول بأن دورة تشديد البنك المركزي الأميركي بدأت تحقيق هدفها المتمثل في كبح معدل صعود التضخم.
قال "إيفانز"، أثناء حديثة للصحفيين في بنكه، إن صُنّاع السياسة النقدية "ربما يكونوا على بُعد تقريرين على أقل تقدير" من مشاهدة طبيعة التحسن في بيانات التضخم التي ستدعم فكرة أنهم يتحركون في المسار الصحيح بالنسبة لتشديد السياسة النقدية.
زادت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة التابعة للبنك المركزي معدل الفائدة الأساسي لديها بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية الأسبوع الماضي للشهر الثاني على التوالي، ما يشكل أكبر الارتفاعات المتعاقبة على مدى أكثر من جيل للسيطرة على معدل التضخم.
بيانات الانكماش
كشفت البيانات منذ ذلك الحين عن انكماش الناتج المحلي الإجمالي الأميركي للربع الثاني على التوالي في الفترة من أبريل إلى يونيو الماضيين، ما يلبي الحد الأدنى المستخدم من قبل بعض خبراء الاقتصاد كمقياس للحكم بأن الاقتصاد وقع حالة ركود.
قال "باول" للصحفيين عقب صدور قرار 27 يوليو الماضي إن المسؤولين ربما يزيدون أسعار الفائدة بنفس القدر في الاجتماع المقبل، بحسب نتائج الاقتصاد من الآن وحتى ذلك الوقت، رغم أنها ستتباطأ عند مرحلة ما من المستقبل. ومن المقرر أن يكون اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة المقبل في الفترة 20-21 سبتمبر القادم.
قالت "دالي"، الثلاثاء، أثناء مقابلة على موقع لينكدإن: "إنني أتطلع بالفعل لمعرفة ما تفيدنا به هذه البيانات لتحديد ما إذا كان باستطاعتنا تعديل معدل زيادة الأسعار قليلاً، أو إذا كنا نحتاج لاستمرار" الارتفاعات الهائلة.
وتيرة أقل
توقع خبراء اقتصاد شملهم استطلاع رأي "بلومبرغ" قبل صدور قرار الأسبوع الماضي أن تزيد اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة من أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة في سبتمبر المقبل، ثم تنتقل إلى عمليات رفع بمقدار ربع نقطة في الاجتماعين المتبقيين من السنة الحالية. سيرفع ذلك الحد الأعلى لهدف السياسة النقدية للبنك المركزي إلى 3.5% مع حلول نهاية 2022، ما يعد أعلى مستوى منذ مطلع 2008.
لدى حديثه في فعالية بنيويورك، أكد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس جيمس بولارد أن البنك المركزي يتعين أن يزيد سعر الفائدة الأساسي إلى نطاق يتراوح من 3.75% إلى 4% مع نهاية السنة الجارية.
ذكر "إيفانز" أنه يطمح إلى أن يكون المسار لبلوغ سعر فائدة 3.5% على الأموال الفيدرالية مع الوصول لنهاية السنة الجارية عبر زيادة نصف نقطة في اجتماع سبتمبر المقبل، وارتفاع بمقدار ربع نقطة في اجتماعيّ السياسة النقدية المنتظرين خلال نوفمبر وديسمبر المقبلين "ما يزال منطقياً".
وتيرة أعلى
أضاف أنه إذا لم تتضح مؤشرات تحسن معدل التضخم، فربما يتوجب على اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة "إعادة التفكير في اتخاذ مسار أعلى بقليل، لكنني سأتوتر قليلاً تجاه استجابة مفرطة، ومبكرة للغاية".
خلال الأسبوع الماضي، قبل صدو بيانات الناتج المحلي الإجمالي، رفض "باول" التلميحات بأن الولايات المتحدة في حالة ركود فعلياً.
لا تلتزم لجنة التأريخ لدورة الأعمال التابعة للمكتب الوطني للبحوث الاقتصادية - وهي جهة إصدار الحكم الرسمي بوقوع حالات الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة – برأي تسجيل انكماش على مدى ربعين متتاليين. بدلاً من ذلك، تدرس المجموعة المشكلة من 8 خبراء اقتصاد أكاديميين من الصفوة نصف دستة تقارير اقتصادية شهرية لرصد "هبوط هائل في النشاط الاقتصادي متفشٍ عبر كافة أنحاء الاقتصاد ويتواصل لأكثر من بضعة شهور".
لا ركود
قال "بولارد" إنه من غير المرجح أن يشهد الاقتصاد الأميركي حالة ركود، وإن بنك الاحتياطي الفيدرالي "ريما يتمتع بالقدرة على امتصاص التضخم العالي بأسلوب منظم وتحقيق هبوط سلسل إلى حد ما"، بحيث يسفر عنه إبطاء التضخم دون التسبب في حدوث انكماش اقتصادي.
ارتفاع معدل التضخم إلى 9.1% يضغط على "الفيدرالي الأميركي" لمواصلة زيادة سعر الفائدة
صرحت "ميستر" بأن التباطؤ المُشاهد في بعض نقاط البيانات ليس كافياً لتوصيف الاقتصاد الأميركي بأنه في حالة ركود. ويرغب بنك الاحتياطي الفيدرالي في هندسة الانخفاض في النشاط الاقتصادي لجعل الطلب يواكب جانب العرض المحدود من الاقتصاد.
استطردت قائلة: "عندما يوجد ركود، ستعاين تدهور سوق العمل بسرعة هائلة، وبالتأكيد في الوقت الحاضر، فإن سوق العمل سليمة تماماً، ويتمثل توقعي للسنة الحالية في أننا سننمو بمستوى دون الاتجاه العام، لكن ذلك يعتبر ضرورياً للتحكم في ارتفاعات الأسعار".