70 عامًا على ثورة يوليو.. شجاعة الضباط الأحرار تفسد مخططات الملك وتنتصر للشعب
تُمثل ثورة 23 يوليو 1952، بعد مرور 70 عامًا على قيامها، نقطة مضيئة في تاريخ مصر الحديث، والعسكرية المصرية، بما حققته من مكتسبات وإنجازات كبيرة على جميع المستويات، لا سيما ما ارتبط بالتحول الجزري في المجتمع، بإصدار قانون الإصلاح الزراعي والاعتراف بحقوق العمال، فضلًا عن التخلص من الاستعمار وأزلامه، والملك وحاشيته، والمنتفعين بمناصبهم، على يد ضباط لبوا نداء الوطن وشعبه الراغب في حياة مستقرة وكريمة بتحقيق العدالة الاجتماعية.
لا شك أيضًا أن عامل توفيق المولى – عز وجل – كان له بالغ الأثر في تحقيق مفاجئة كبرى لحاشية الملك، التي كانت قد علمت بأسماء الضبط الأحرار وأسمائهم، قبل انطلاقهم لتحرير الشعب من الفساد والاستعمار، ليتمكن الجيش الوطني من السيطرة عليهم قبل أن ينصبوا مكائدهم ويتمكنوا من إجهاض حركة الجيش المباركة.
جمال عبدالناصر يتحدث عن ليلة 23 يوليو
تحدث الزعيم جمال عبدالناصر مرارًا عن شجاعة الضباط الأحرار، الذي لم يتجاوز عددهم 90 ضابطًا ليلة قيام الثورة، ودور بعضهم المؤثر في الانقضاض على حاشية الملك، ومنع محاولاتهم اليائسة في السيطرة على التنظيم الوطني للجيش، ومنع قيام الثورة.
وقال الزعيم عبدالناصر، في الذكرى العاشرة لثورة يوليو المجيدة: "قبل ما نطلع للثورة ليلة 23 يوليو لو كنا نقعد نحسب العملية بالورقة والقلم كنا سنجد أن النجاح احتماله ضعيف، لكن كل واحد من الضباط الأحرار واللي اشتركوا في الثورة كان بيقول لو ما استطعناش أننا في القضاء على هذا الظلم والاستعباد فليس أقل من أن نضحي ونثبت للأجيال القادمة، أن الجيل اللي كان عايش في سنة 1952 مرضيش يسكت على الظلم، لكنه قام وقاتل حتى استشهد".
وتابع: "الضباط اللي كانوا موجودين ليلة 23 يوليو سنة 1952 من أجل القيام بالثورة كانوا حوالي 90 ضابطًا، والقوات اللي كانت معانا كانت قليلة، والخطة اللي كانت موضوعة لم تكن قد بُلغت لكل الضباط، اللي بذكره أن يوم 22 يوليو 1952 كنت بمر على الضباط اللي هيشتركوا في الثورة من الصبح، وكان كلي ثقة في الله وإيمان في هذا الشعب، بعد الظهر اجتمعت القيادة وتقرر في هذا اليوم أن تنفذ الثورة، كان المفروض أنها تنفذ يوم 22 يوليو، لكن تم تأجيلها لأن الخطة لم تكن قد اكتملت".
وأضاف الزعيم: "سهر عبدالحكيم عامر وكمال الدين حسين عندي في البيت لحد الصبح ولم نكمل خطة الثورة، لهذا تم تأجيل الثورة 24 ساعة، أنا كنت بمر على الضباط اللي شاركوا في الثورة وكل ضابط مع باقي الضباط المتصلين به، كنا على ثقة أن ربنا هيكون مع هذا الشعب لكي يتصل".
وأوضح: "الساعة 11 بليل يوم 22 يوليو، قبل قيام الثورة بساعتين، تم كشف خطة الثوة، بعدما أبلغ أخو أحد الضباط قصر عابدين بأن مجموعة من الضباط استعانوا بشقيقه للقيام بثورة، لكن الساعة 11 ونصف ليلة قيام الثورة جاء إلى منزلي أحد الضباط العاملين في المخابرات الحربية إلى منزلي، وقال إن الثورة قد اكتشفت، وأن الملك اتصل بقائد الجيش من إسكندرية، وأن قائد الجيش طلب عقد مؤتمر لكبار القيادات في كوبري القبة، ولا بد لنا من أن نلغي كل شيء".
وذكر عبدالناصر: "مكنش بأي حال من الأحوال أن نلغي كل شيء، كانت الساعة 11 والتحرك الساعة 1، والضباط وصلوا إلى وحداتهم، وكان لا بد من السير في عملية الثورة إلى النهاية، وأبلغت ضابط المخابرات بأن عجلة الثورة دارات ولا يستطيع أي إنسان أيقاف هذه العجلة، وقلت له أننا نستطيع أن نتحرك وفي آخر لحظة نستطيع أن نُغير الخطة، وأن الأمر الذي أصدره قائد الجيش بجمع كبار القادة في القيادة بيدي فرصة ذهبية لاعتقالهم جميعًا بعملية واحدة، وكان علينا في هذه اللحظة أن نعدل الخطة في آخر دقيقة".
واستكمل حديثه: "تركت منزلي ومريت على منزل عبدالحكيم عامر، واصطحبته معي كي نحصل على قوات من العباسية، لكن كان الطرف الآخر قد سبقنا وهو البوليس الحربي الذي أغلق مداخل القاهرة، فاتفقنا أن نستعين بـ كمال الدين حسين في الحصول على قوات وننفذ الثورة، وفي السكة حصلت حادث يدل على التوفيق، وهو كان من المفترض أن موعد التحرك لتنفيذ خطة الثورة الساعة 1 صباح 23 يوليو، لكن الضباط يوسف منصور صديق اعتقد أن التحرك الساعة 12، وقبلنا في السكة، واستفسرنا منه على تحركه قبل الموعد المحدد، وذكر أنه كان يعتقد أن التحرك الساعة 12 منتصف الليل، واتفقنا معه على الذهاب إلى القيادة والسيطرة عليها، ذلك إن دل على شيء فيدل على التوفيق، وكانت هذه القوة هي التي سيطرت على القيادة، وبهذا تمكنت الثورة من السير في طريقها، وكل وحدة اشتركت في الثورة أدت واجبها وهي تعتقد أنها طليعة ثورية لهذا الشعب".