بيوت التمويل الأمريكية الكبرى تدفع فاتورة ارتباك الاقتصاد العالمي واستمرار الأزمة الأوكرانية
بدأت تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في فبراير الماضي والتي تمثلت في أزمات غذاء و طاقة في المقام الأول تترك بصماتها على كبريات المؤسسات الاقتصادية في العالم بل وفي الولايات المتحدة ذاتها التي بدا أن مؤسسات صناعة المال فيها ستظل تعاني تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية لفترة ممتدة قادمة.
فقد تراجع الدخل الكلي لمؤسسة جولدمان ساكس الأمريكية بنسبة 47 في المائة إلى 9ر2 مليار دولار أمريكى أو بواقع 73ر3 دولار أمريكي للسهم الواحد خلال الربع الأول من العام الجاري، وبحسب بيان صدر قبل قليل عن جولدمان ساكس – التي تعد أكبر بيت تمويل أمريكي – ان تراجعاتها المسجلة فى الربع الأول جاءت أعلى عن توقعات المحللين التي قدرت إجمالي تراجعها في الدخل بنحو 6ر2 مليار دولار أمريكي أو بما يعادل 65ر6 دولار أمريكي للسهم.
وكانت جولدمان ساكس قد حققت دخلا قيمته 5ر5 مليار دولار أمريكى خلال الربع الأول من العام 2021 أو بما يعادل 02ر15 دولار أمريكى للسهم الواحد من أسهم جولدمان ساكس التي يتم التداول بأسهمها في بورصات وول ستريت الأمريكية وبورصة لندن.
وقدرت جولدمان ساكس في تقريرها ربع السنوى الذي صدر اليوم – و يعكس وقاع الاقتصاد الأمريكى المأزوم جراء الحرب الروسية الأوكرانية – حجم الائتمان التمويلي المشكوك في تحصيله خلال الربع الأول من العام الجاري بنحو 667 مليون دولار أمريكي مشكلا بذلك خسائر حقيقية للمؤسسة ارجعته إلى حالة الكساد الخانق التي يعانيها الاقتصاد الأمريكي حاليا وما نتج عنه من إعثار للمقترضين التجاريين عن السداد.
وقال محللون لصحيفة الفاينانشيال تايمز العالمية إن تراجع الدخل الكلي لمؤسسة جولدمان ساكس يعكس الأزمة التي تعانيها مؤسسات الأعمال في الولايات المتحدة نتيجة لتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وما خلفته من أزمة الطاقة والغذاء طالت اقتصاد أكبر دولة في العالم وهي الولايات المتحدة وما دونها من دول العالم الأخرى الأقل نموا و أوقعتهم جميعا في براثن الكساد الممتد.
وبحسب وكالة بلومبيرج الإخبارية المتخصصة في الشأن الاقتصادي قال مسئولون في جولدمان ساكس إن صافي إيراداتهم الكلية عن الربع الأول من العام الجاري عن عمليات وأنشطة المؤسسة بلغت 9ر11 مليار دولار أمريكي بارتفاع عن التقديرات الأولية لها وكانت 7ر10 مليار دولار، و برغم ذلك فقد كان الإيرادات الصافية خلال الربع الأول من العام الجارى أقل بكثير عن إيرادات الربع الأول من العام المنصرم والتي بلغت 4ر15 مليار دولار أمريكى.
ويعد الاستثمار المصرفى هو النشاط الأساسي لمؤسسة جولدمان ساكس الامريكية ، و بحسب تقارير أدائها الربع سنوية فقد تراجع بنسبة 41 فى المائة الى 1ر2 مليار دولار أمريكي وهو التراجع الذى لم يكن مفاجأة للمحللين الذين توقعوه قياسا على ما اعلنته كبرى المؤسسات المنافسة لجولدمان ساكس وهما مؤسسة جى بى مورجان تشيس ومؤسسة مورجان ستانلى فى الأسبوع الماضى عن تراجع فى صافى ايراداتهما الكلية خلال الربع الأول من العام الجارى بنسبة 61 فى المائة و بنسبة 55 فى المائة لكل منهما على الترتيب مقارنة بصافى إيرادات الربع الأول من العام الماضى .
وجاءت تراجعات إيرادات ودخل جولدمان ساكس خلال الربع الأول من العام الجارى على الرغم من الأداء الاستثنائي الجيد لها على صعيد الاتجار فى السندات الامريكية وهو ما أدر إلى جولدمان ساكس إيرادات قدرها 5ر6 مليار دولار أمريكى خلال الربع الأول من العام الجارى بارتفاع نسبته 32 فى المائة عن إيرادات الربع الأول من العام الماضى و بارتفاع كذلك عن سابق توقعات الربح عن عمليات الاتجار فى السندات الامريكية عن ذات الفترة و كانت 8ر5 مليار دولار أمريكي .
وقال الخبراء إن سياسات رفع الفائدة التى اجراها المركزى الأمريكي منذ بداية العام الجارى كانت السبب فى تحقق تلك الارباح لجولدمان ساكس و كذلك سجلت منافسيتها جى بى مورجان و مورجان ستانلى نموا فى ايراداتهما من الاتجار و المضاربة على سندات الخزانة الامريكية خلال الربع الاول من العام الجارى بلغت مستوياتها 15 فى المائة و 21 فى المائة لكل منهما على الترتيب وذلك مقارنة بالربع الاول من العام الماضى ، و بلغ متوسط نمو التعامل على سهم جولدمان ساكس فى بورصة وول ستريت الامريكية خلال الربع الاول من العام الجارى نسبة 5ر5 فى المائة .
و قررت مؤسسة جولدمان ساكس اعتماد ربح قدره 25 فى المائة فى أسهمها يقدم من خلال توزيعات نقدية لحاملى اسهم المؤسسة فى البورصات العالمية بقيمة 5ر2 دولار امريكى عن أنشطة المؤسسة خلال الربع الأول من العام الجارى .
كما انخفضت إيرادات جولدمان ساكس عن إدارة الأصول الاستثمارية النقدية بنسبة 79 فى المائة خلال الربع الاول من العام الجارى مقارنة بذات الفترة من العام الماضى مسجله 1ر1 مليار دولار أمريكي ، الا انه إيرادات المؤسسة الامريكية العملاقة من المعاملات الائتمانية الشخصية لعملائها الافراد حققت فى الربع الاول من العام الجارى نموا نسبته 25 فى المائة مقارنة بالربع الأول من العام الماضى مسجله 2ر2 مليار دولار أمريكي و بارتفاع طفيف عن سابق التوقعات و كانت 1ر2 مليار دولار أمريكي وهو ما يعكس اقبالا من الأمريكيين على الاقتراض خلال الربع الأول عبر أدوات الاستدانة المصرفية لتلبية احتياجاتهم المعيشية الضرورية .