تزايد المخاوف العالمية بشأن أزمة مالية طاحنة في أوكرانيا
ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في عددها الصادر اليوم الأربعاء، أن الشركاء الدوليين لأوكرانيا يدقون ناقوس الخطر بشأن الضغط المتزايد على المالية العامة في كييف؛ حيث أدت الأزمة العسكرية مع روسيا إلى انخفاض عائدات الضرائب في حين يكافح حلفاء أوكرانيا لتقديم الدعم المالي بأقصى سرعة.
وحذرت وزارة الخزانة الأمريكية من أن الإجراءات الطارئة مثل طباعة النقود التي تستخدمها كييف لدعم ماليتها العامة تهدد بإلحاق الضرر بقدرتها على تقديم الخدمات العامة الهامة مع مرور الوقت، مما يؤكد حاجة الحلفاء للوفاء بالتزاماتهم بتقديم عشرات المليارات من الدولارات من خلال المنح والقروض زهيدة الفائدة في أسرع وقت ممكن .
وأفادت الصحيفة (في معرض تقرير نشرته عبر موقعها الرسمي) أن وزراء مالية الاتحاد الأوروبي وافقوا في اجتماعهم الأخير ببروكسل يوم أمس الثلاثاء على قرض طارئ جديد بقيمة مليار يورو لأوكرانيا، مع محاولات حثيثة من جانبهم من أجل الحصول على اتفاق بشأن حزمة أوسع للبلاد.
وقال فالديس دومبروفسكيس، نائب الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية: إن أوكرانيا تواجه "احتياجات تمويل ضخمة قصيرة الأجل" وهناك حاجة إلى مزيد من العمل لتلبية هذه الاحتياجات.
وحث الدول الأعضاء على تقديم ضمانات مالية كافية للمفوضية لإقرار حزمة مخطط لها بقيمة 9 مليارات يورو إلى كييف.
وفي هذا، أكدت "فاينانشيال تايمز" أن أزمة الميزانية في أوكرانيا أصبحت حادة بسبب تراجع عائدات الضرائب والرسوم الجمركية منذ بدء العمليات العسكرية الروسية قبل نحو خمسة أشهر مع ارتفاع الإنفاق على الحرب. كذلك، أدى وقف صادرات الحبوب والصلب إلى حرمان كييف من أرباح العملات الأجنبية، ما أجبرها على حرق احتياطياتها من العملات الأجنبية بوتيرة متسارعة، حيث يشتري البنك المركزي السندات الحكومية لسد فجوة التمويل.
بدورها، أعلنت مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي عن التزامات تمويل رسمية لأوكرانيا بقيمة 29.6 مليار دولار، فيما أكد "دراجون كابيتال"، وهو بنك استثماري مقره في كييف، أن حلفاء أوكرانيا والمؤسسات المالية الدولية دفعوا حتى الآن 12.7 مليار دولار إلى البلاد.
كما تعهد قادة الاتحاد الأوروبي في مايو الماضي بتقديم دعم إضافي يصل إلى 9 مليارات يورو، بالإضافة إلى قرض طارئ سابق بقيمة 1.2 مليار يورو؛ غير انهم لا يزالون يتفاوضون حول كيفية هيكلة هذا الدعم المالي، بينما حذر مسئولون من أنه من غير المرجح تسوية حزمة المساعدة الكاملة التي يقدمها الاتحاد الأوروبي قبل عطلة أغسطس.
وقال دبلوماسيون (في تصريحات خاصة للفاينانشيال تايمز) إن ألمانيا على وجه الخصوص تشكك في فكرة تقديم كل المساعدات في شكل قروض، رغم انها ساهمت بالفعل في دعم ثنائي بقيمة مليار يورو لأوكرانيا، ودعمت يوم أمس قرض الاتحاد الأوروبي الإضافي البالغ مليار يورو. وقالت وزارة المالية الألمانية إن المفوضية ستقدم اقتراحًا آخر للوصول إلى 9 مليارات يورو، وبمجرد توفر ذلك، سيتم تقييمه من قبل الدول الأعضاء. وأضافت: "مع شركائنا الدوليين، سنظل نقف إلى جانب أوكرانيا".
من جانبه، قال أوليج أوستينكو، المستشار الاقتصادي للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن بلاده بحاجة الآن إلى تسعة مليارات دولار شهريًا من داعميها الغربيين لسد العجز في الميزانية..وهو رقم ضعف طلبها السابق تقريبًا.
وقالت وزارة المالية في كييف إن تقييمها للفجوة لا يزال خمسة مليارات دولار في الشهر، لكن حتى هذا الرقم، حسبما قالت الصحيفة، كان أكثر بكثير مما قدمته العواصم الغربية حتى الآن. وأضاف أوستينكو: "في الأشهر المقبلة، علينا أن نتلقى 9 مليارات دولار شهريًا بدلاً من 5 مليارات دولار".
وتابع: سنحاول البقاء على قيد الحياة في أي حال، ولكن بدون الدعم المالي من حلفائنا، لن يكون من الصعب القيام بذلك فحسب، بل سيكون أقرب إلى المستحيل".
وأبرزت الصحيفة: أن الضغوط المالية ظهرت على نطاق أوسع وتجلت في مناشدة شركة "نافتوجاز"، وهي شركة الطاقة المملوكة للدولة، يوم أمس الثلاثاء لحاملي سنداتها البالغة 1.5 مليار دولار قبول تأجيل السداد في الوقت الذي تسعى فيه للحفاظ على السيولة النقدية لشراء الغاز، الأمر الذي يمثل أول تقصير من قبل كيان حكومي أوكراني منذ بدء الحرب.
وتابعت: “أن تحرك نفتوجاز الأخير قد يشير إلى تغيير في نهج الحكومة الأوكرانية تجاه حاملي السندات الأجانب. فحتى الآن، رفضت كييف إعادة جدولة مدفوعات ديونها، قائلة إنه من المهم الحفاظ على ثقة المستثمرين الدوليين. فيما أعلن البنك المركزي الأوكراني الأسبوع الماضي انه استخدم 2.3 مليار دولار أو 9.3 في المائة من احتياطياته الدولية في يونيو الماضي وحده، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنه يقوم بتسييل العجز بوتيرة متزايدة”.