أوروبا مهددة بشبح الكساد وارتفاعات غير مسبوق في أسعار الطاقة
أكد جاسبر جولي، الصحفي البريطاني المتخصص في الشؤون الاقتصادية أن أوروبا بأسرها مهددة بشبح الكساد، وسط مخاوف من إقدام روسيا على وقف إمداداتها من الغاز للدول الأوروبية كرد فعل للعقوبات الاقتصادية التي يفرضها الغرب على موسكو بسبب العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
وأشار الكاتب -في مقال نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية- إلى أن أسعار الطاقة كانت قد ارتفعت بالفعل في النصف الثاني من العام الماضي على ضوء انتشار جائحة كورونا، إلا أن حرب روسيا في أوكرانيا أدت إلى تفاقم الموقف ونجم عنها ارتفاع غير مسبوق في أسعار الطاقة في السوق العالمية، خاصة بعد مساعي الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي لفرض عزلة اقتصادية دولية على روسيا في الوقت الذي تعتمد فيه أوروبا بشكل أساسي على واردات روسيا من النفط.
وأوضح الكاتب أن أوروبا الآن تواجه خطر الكساد الاقتصادي بسبب تلك الزيادات الكبيرة في أسعار النفط والغاز، ولاسيما بعد أن زادت المخاوف من قيام روسيا بقطع كل إمداداتها من الطاقة لأوروبا للرد على العقوبات الدولية المفروضة عليها.
ونوه جولي بتقديرات بنك نومورا الياباني للاستثمار -وهو أحد أهم البنوك اليابانية العاملة في لندن- التي أشارت إلى أن اقتصادات الدول الأوروبية، سوف تتأثر على نحو كبير بالعديد من العوامل منها انخفاض الطلب على المنتجات الأوروبية من جانب السوق الأمريكية، الذي يعد أحد أكبر الأسواق العالمية للصادرات الأوروبية، بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا وما نتج عنها من ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية والطاقة.
وأظهرت توقعات بنك نومورا أن الاقتصاد الأوروبي سوف يبدأ في الانكماش خلال النصف الثاني من العام الحالي، مع استمرار حالة الكساد حتى صيف عام 2023 بمعدلات تباطؤ إجمالية تصل إلى 1.7% من الناتج القومي العام.
واستطرد الكاتب أن روسيا بدأت بالفعل في تقليص وارداتها من النفط إلى ألمانيا عبر خط أنابيب نوردستريم-1 كما قامت كذلك بخفض وارداتها من النفط إلى بلغاريا عبر خط أنابيب ترك ستريم بينما قامت بمنع وارداتها إلى بولندا عبر خط أنابيب يامال.
وأشارت تقديرات جورج باكلي، الخبير الاقتصادي في بنك نومورا الياباني، إلى أن أوروبا تعاني حالياً من أوضاع اقتصادية عالمية، لا تقتصر عليها وحدها مثل ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية إلى جانب ارتفاع معدلات التضخم والمخاطر الجيوسياسية وما يصاحبها من عدم الاستقرار، وهو ما دفع الخبراء الاقتصاديين إلى الاعتقاد بأن الاقتصادات الأوروبية سوف تتعرض لا محالة إلى حالة من الكساد مثلها في ذلك مثل الولايات المتحدة، حيث تشير الإحصائيات إلى أن معدلات التضخم في منطقة اليورو وصلت في يونيو الماضي إلى 8.6% وهي أعلى نسبة تصل إليها المنطقة منذ إقامتها عام 1999.
ونوه الكاتب في نفس الوقت إلى ما ذكره خبراء بنك جي بي مورجان تشيس، وهو أحد بنوك الاستثمار الأمريكية، أن روسيا قد تتسبب في ارتفاع جنوني في أسعار النفط إذا ما أقدمت على قطع إمداداتها من الغاز لأوروبا، كخطوة انتقامية في مواجهة مساعي مجموعة الدول الصناعية السبع لتحديد أسعار واردات الطاقة الروسية إلى الدول الأوروبية.
وخلص الكاتب في ختام مقاله إلى أن الدول الأوروبية تسابق الزمن للبحث عن بدائل للنفط الروسي، حتي لا تتعرض لمزيد من الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن قطع روسيا لإمداداتها من مواد الطاقة والتي باتت أسعارها فوق طاقة الاحتمال للمواطنين في الدول الأوروبية.