الجامعة العربية: لا يمكن اختزال القضية الفلسطينية في مشاكل المياه والصرف الصحي
أكدت جامعة الدول العربية أن التحديات التي تواجهها فلسطين، نتيجة للاحتلال، لا تحصى ولا تعد، وتؤثر على كافة مجالات حياة المواطن وسبل عيشته، وينتج عنها مشاكل اقتصادية واجتماعية وبيئية تهدد إمكانية عيش المواطن الفلسطيني بكرامة في وطنه وبيئته، مشددا على أنه لا يمكن اختزال القضية الفلسطينية في مشاكل المياه والصرف الصحي، ولكنها من ضمن أهم التحديات التي تواجه الفرد الفلسطيني .
جاء ذلك في كلمة الأمين العام المساعد رئيس قطاع شؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة بجامعة الدول العربية السفير الدكتور سعيد أبو علي أمام اجتماع "عرض دراسة تقييم أضرار قطاع المياه والصرف الصحي في غزة جراء العدوان الإسرائيلي الغاشم الأخير" الذي عقد اليوم الأحد بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية.
وقال أبو علي إن الجامعة العربية وعت هذا الأمر، فأصبحت مناقشة ممارسات سلطة الاحتلال الإسرائيلية، في سرقة المياه العربية في الجولان السوري المحتل، والجنوب اللبناني والأراضي الفلسطينية المحتلة، أحد أهم بنود جدول أعمال المجلس الوزاري العربي للمياه منذ إنشائه، والذي قرر عقب العدوان الغاشم في مايو 2021، تمويل دراسة متكاملة، حول تقييم أضرار قطاع المياه والصرف الصحي في قطاع غزة.
وكلف شبكة خبراء المياه العربية، لإعداد دراسات تساهم في دعم التدخلات الطارئة، اللازمة في مجال المياه والصرف الصحي، والتي تعتبر ضرورةً لتحسين الظروف الإنسانية لأهالي غزة، كما وجه المجلس الوزاري، شبكة خبراء المياه العربية، بعرض التقرير الخاص حول المياه العربية تحت الاحتلال، على المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان، في الحصول على مياه الشرب المأمونة، وخدمات الصرف الصحي، لدى مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
وأردف قائلا "يأتي اجتماعنا اليوم لاستعراض الدراسات الثلاث التي تم إعدادها تنفيذاً لقرارات المجلس الوزاري العربي للمياه: حيث تم إعداد دراسة حول "التقييم البيئي للتربة والمياه الجوفية بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة" (مايو 2021)، وأوضحت هذه الدراسة آثار العدوان على سكان قطاع غزة البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، بالتركيز على قطاع المياه والصرف الصحي والنظافة".
وعددت الدراسة الخسائر الفادحة في البنية التحتية للعديد من القطاعات الحيوية، والطرق، وتأثيرها على مستوى الخدمات الرئيسية (المياه والكهرباء والصحة والعليم والاتصالات)، وأوضحت النقص الحاد في خدمة إمدادات المياه المنزلية بنسبة 50٪ بسبب تدمير العديد من المنشآت المائية، وهو ما نتج عنه تأثر 135 موقعًا من شبكات توزيع المياه و101 موقع من شبكات الصرف الصحي، وتسريب كميات من مياه الصرف الصحي إلى التربة وإلى شبكات توزيع المياه، الأمر الذي زاد من احتمالية تلوث المياه في الشبكات، بالإضافة إلى مخاطر الصحة العامة والبيئة، علاوةً على الأضرار الرئيسية التي لحقت بالبنية التحتية لإمدادات المياه، والأضرار التي لحقت بالمنشآت، والمخاطر العالية للتلوث والتأثيرات السامة على التربة والمياه الجوفية.
وشدد أبو علي على أن كلُ هذه التداعيات، تتطلب إجراء مسوحات لتحديد المواقع المتأثرة، وكذلك تحديد المخاطر المرتبطة بتلوث التربة والمياه الجوفية، والمناطق الزراعية، وإجراء تحليل شامل ومكثف، بغرض تنفيذ تقنية معالجة فورية في المواقع الملوثة، مع ضرورةٍ لبرنامج مراقبةٍ طويل الأمد، لرصد ومتابعة نوعية المياه في الآبار.
وقال إن تنفيذ هذا، يتطلب موارد مالية ومواد ومعدات وخبرات فنية، غير متوفرة حاليًا في قطاع غزة، مطالبا بدعم جهود السلطة الفلسطينية في حشد الموارد اللازمة لذلك، خاصة وأن الدراسة الثانية المقدمة لهذا الاجتماع، تتناول "تقييم الأضرار في قطاع المياه في قطاع غزة" وتحدد وبدقة، الاحتياجات والموارد المطلوبة لأغراض إعادة بناء ما دمره الاحتلال، بينما الدراسة الثالثة المقدمة للاجتماع تتناول "تحسين موارد الطاقة الكهربائية الخاصة بمحطات تحلية مياه البحر في قطاع غزة من خلال إنشاء محطة طاقـة شمسية عائمة في عرض البحر".
وأضاف أنه لا يكفي، لنجاح هذا الاجتماع إجراءُ الدراسات وتقديم البيانات، بل المطلوب، قناعةً كاملةً من الدول العربية ومن المجلس الوزاري العربي للمياه ومؤسسات العمل العربي المشترك، بأهمية إعادة بناء ما تم تدميره وبشكل أفضل ومستدام، حيث يصب ذلك في مصلحة دول المنطقة وتحقيق الأمن المائي العربي؛ وهذا الأمر يوجب على كافة الأجهزة المعنية في الدول العربية التعاون التام لتنفيذ نتائج وتوصيات هذه الدراسات، وتوفير التمويل اللازم لتنفيذها.
وأشاد بالتعاون المثمر بين كافة الشركاء في تنظيم هذا المؤتمر، الذي يعقد في ظروف بالغة الدقة، من تهديدٍ لأمن الطاقة والغذاء على المستوى الدولي، جراء الحرب والصراع الدائر في أوروبا حالياً، وفي ظل تداعيات تغير المناخ، التي تؤثر على قطاعي المياه والغذاء، المرتبطين بسبل عيش المواطن العربي والتنمية الاقتصادية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، التي يتطلع المواطن الفلسطيني لتحقيقها.
وأكد أن مخرجات هذا الاجتماع تمثل خطوة هامة للوصول إلى ذلك، والخروج بتوصيات عملية قابلة للتنفيذ تحقق الأمن المائي لفلسطين والمنطقة العربية.