الرئيس السيسي يؤكد أمام قمة «الميثاق العالمي» أهمية التعاون في مواجهة التحديات الاستثنائية
أعرب الرئيس عبدالفتاح السيسي، عن تقديره لاجتماع قادة الميثاق العالمي للأمم المتحدة، ودوره في تعزيز تبادل وجهات النظر والتأكيد على أهمية التعاون متعدد الأطراف، لدعم وحدة العالم وتضامنه في مواجهة التحديات الاستثنائية التي يواجهها، والعمل المشترك لتحقيق عالم أفضل لجميع الفئات دون ترك أحد ليتخلف عن ركب التنمية.
وقال الرئيس السيسي - في كلمة أمام قمة القادة للميثاق العالمي للأمم المتحدة، ألقتها بالإنابة عنه وزيرة التعاون الدولي الدكتورة رانيا المشاط عبر تقنية الفيديو - إننا نتطلع إلى أن يثمر الاجتماع عن مناقشات بناءة تعزز الجهود الدولية للمضي قدمًا نحو تحقيق التنمية المستدامة، وتدفع الشراكة بين الحكومات ومجتمع الأعمال لتحفيز التعافي الشامل والمستدام.
وأشار إلى أن العالم يمُرُ في العام الحالي بمنعطف حرج للغاية مع استمرار تداعيات جائحة كورونا، والصدمات المتتالية في ضوء الحرب الدائرة، وما يترتب عليها من تداعيات اقتصادية على العالم أجمع، لاسيما على مستوى تدفق التجارة وارتفاع أسعار الغذاء والوقود، وإجراءات التشديد المالي والنقدي، وتراجع حجم الاستثمارات، وتفاقم تحديات الأسواق الناشئة، وحالة عدم اليقين العالمية.
وأوضح أن الأزمات تتطلب تعاونًا عالميًا وتنسيقًا على مستوى صانعي القرار، لاستشراف تأثير ما يحدث على العالم على المدى الطويل، وتكثيف العمل الجماعي حول مجالات الاهتمام الرئيسية الثلاثة ذات الأولوية وهي الغذاء والطاقة والتمويل، مع الأخذ في الاعتبار أن الجهود التي يتم بذلها في الفترة الحالية هي خطوة على الطريق تتبعها خطوات إضافية للتغلب على الفجوات التنموية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي الآخذة في الاتساع بين الدول المتقدمة والنامية بما يسهم في معالجة مشكلات التنمية المستدامة.
ونوه بأنه في ضوء كل هذه التحديات؛ فمن الأهمية بمكان تعزيز الحوار مُتعدد الأطراف لإيجاد حلول وطرق مبتكرة لدعم البلدان في هذه الأوقات غير المسبوقة، وضمان الحفاظ على مُكتسبات التنمية، ومواصلة التقدم نحو تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، والوفاء بالالتزامات المالية للمساعدة في سد الفجوات في الدول النامية والاقتصاديات الناشئة.
وتطرق إلى أن مصر تواصل دعمها لخطة التنمية المستدامة الأممية 2030، بصفتها عضوًا مؤسسًا في منظمة الأمم المتحدة، وطليعة الدول التي وضعت استراتيجية طويلة الأجل للتنمية المستدامة، أخذًا في الاعتبار الأولويات والمبادئ الوطنية بهدف تحقيق التنمية الشاملة، وتطبيقًا لالتزام الدولة المصرية بتحقيق التعافي الأخضر والشامل والمرن، حيث تم تنفيذ مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والتشريعية لتحسين مناخ الاستثمار وتوسيع قاعدة مشاركة القطاع الخاص باعتباره شريكًا محوريًا في عملية التنمية في مصر.
وقال " إنه نتيجة لهذه الإصلاحات ارتفع نمو الناتج المحلي الإجمالي، وبدأت محركات النمو مؤخرًا في التحول نحو الاستثمار وصافي الصادرات، وعلاوة على ذلك تعمل الحكومة المصرية في الفترة الحالية على وضع رؤية متكاملة لزيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري، بالإضافة إلى الاستراتيجيات الأخرى التي تعمل مصر على تنفيذها مثل الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050، واستراتيجية إدارة الموارد المائية 2037، واللتان تعدان مثالان على التزام مصر وجهودها المُستمرة لتحقيق التنمية المستدامة والتحول إلى الاقتصاد الأخضر وإتاحة الفرص لمزيد من الشراكات والعمل من قبل القطاع الخاص، هذا فضلا عن الخطوات التي تنتهجها الدولة على مستوى مصادر التمويل الأخضر، حيث كانت مصر أول دولة تصدر سندات خضراء في عام 2020 بقيمة 750 مليون دولار، وهو ما حفز القطاع الخاص على أن يحذو حذوها بإصدار السندات الخضراء لتعزيز ريادة مصر في هذا المجال".
وذكر "أنه تعزيزًا لجهود التنمية المختلفة، وإجراءات تحفيز القطاع الخاص، تقوم الدولة بتقوية علاقاتها مع مؤسسات التمويل الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف لدعم التنمية في القطاعات كافة، ومن أجل ذلك أطلقت مصر إطار التعاون الدولي والتمويل الإنمائي بهدف دعم جهود تحقيق النمو الشامل والمستدام من خلال الشراكات الدولية، وزيادة جهود تمكين المرأة وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري".
وتابع: "وفي هذا الإطار فإن جهود الدولة مُستمرة من خلال الاستراتيجيات مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين، حيث يجري العمل حاليًا على وضع اللمسات النهائية لإطار التعاون من أجل التنمية المستدامة مع الأمم المتحدة UNSDCF، للفترة من 2023-2027، بهدف دعم أولويات الدولة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030، وأهداف التنمية المستدامة، من خلال خمسة ركائز أساسية وهي الاستثمار في رأس المال البشري، والتنمية الاقتصادية الشاملة، وتعزيز الاستدامة البيئية، والشفافية والحكم الرشيد، وتمكين المرأة."
وفي ختام الكلمة، تم التأكيد على أهمية العمل المشترك بين الأطراف ذات الصلة، وتنسيق الجهود بين بنوك التنمية متعددة الأطراف والقطاعين الحكومي والخاص، لمواجهة التحديات، التي يواجهها العالم في الوقت الحالي، حيث استضافت مصر الدورة التاسعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد UNCAC، في عام 2021 كجزء من مشاركة مصر الدولية لتعزيز التعاون بين الدول الأطراف مواجهة الفساد والحفاظ على الموارد. كما تناولت الكلمة التشديد ايضا على أن الدورة السابعة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغيرات المناخية التي تستضيفها مصر العام الجاري تعد خطوة هامة في الطريق نحو تنفيذ تعهدات المناخ وتحويلها إلى تدابير ملموسة، ودعم جهود المجتمع الدولي للتحول إلى الاقتصاد الأخضر، والحفاظ على البيئة.
تعقد قمة الميثاق العالمي سنويا وتضم قائمة من المتحدثين من قادة العالم، حيث تعقد العام الحالي تحت شعار "العالم الذي نريد"، وتهدف إلى تقييم سياسات الاستدامة، ومناقشة الموضوعات والاتجاهات العالمية، بهدف تسريع التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
جدير بالذكر أن الميثاق العالمي للأمم المتحدة يحدد معايير لأساليب عمل شركات القطاع الخاص كأساس للشراكة بينها وبين الأمم المتحدة من خلال عشرة مبادئ في أربعة مجالات رئيسية؛ وهي حقوق الإنسان والبيئة ومكافحة الفساد وأساليب العمل، ويتناول الميثاق بشكل عام فكر تحديد نهج تتبعه الشركات لإجبارها على تبني تلك القيم سواء وطنيًا أو عالميًا، من خلال استخدام فرض الضرائب أو القيود أو القوانين المختلفة ذات الصلة.