مسؤول أممي: مصر لديها طموح واضح لتسريع الانتقال نحو الطاقة النظيفة
أكد مدير قسم التكنولوجيا والتغيرات المناخية والموارد الطبيعية بلجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا جون بول أدم، أن مصر لديها طموح واضح لتسهيل الانتقال نحو الطاقة النظيفة والمتجددة، ولاسيما أنها ليس لديها الكثير من مصادر الوقود الأحفوري، وبالتالي فإن الطاقة المتجددة تمثل بالنسبة لها وسيلة للاستقلال في قطاع الطاقة على المدى البعيد.
وقال جون بول أدم - في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الخميس - إن تنوع الاقتصاد المصري قائم على التنوع في مصادر الطاقة، وهناك العديد من الوسائل المبتكرة التي تنفذها مصر، ومنها على سبيل المثال استخدام الطاقة الشمسية لتحلية المياه للحصول على مياه الشرب ومياه الري.
وأشار المسؤول باللجنة الاقتصادية لإفريقيا ومقرها أديس أبابا إلى أن التجربة المصرية في هذا الشأن يمكن طرحها خلال مؤتمر الدول الأطراف السابعة والعشرين في اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بالمناخ، والمقرر عقده في نوفمبر القادم في شرم الشيخ للاستفادة منها في بلدان إفريقية أخرى بتكلفة معقولة.
وأضاف أنه من بين أولويات مصر خلال قمة المناخ القادمة في شرم الشيخ أن تتمكن الدول الإفريقية من تحديد مسار الانتقال نحو الطاقة المتجددة؛ لأن كل دولة لها خصوصياتها ومن المهم أن تتبنى كل واحدة نموذجا يتماشى مع احتياجاتها ومواردها، مشددا على أن الطاقة المتجددة هي أفضل بديل بالنسبة لأفريقيا.
ولفت إلى أن الدول الإفريقية عليها أن تحشد الموارد والتمويل الذاتي للاستجابة للاحتياجات، وخاصة فيما يتعلق بالاستثمار من أجل توفير الطاقة، حيث أن القارة الإفريقية لا تزال تعاني من التأخر في هذا القطاع بالنظر إلى أن هناك 600 مليون من سكان القارة لا زالوا محرومين من الحصول على الطاقة اللازمة لهم، مشيرا إلى أن هناك حاجة للاستثمار في التنمية المستدامة والطاقة.
وأكد جون بول أدم أن البلدان الإفريقية لديها القدرة على الاستثمار في هذه القطاعات، حيث أن تكلفة الطاقة المتجددة في أفريقيا لا تزال أقل بالمقارنة بباقي مناطق العالم، ولكن المشكلة تكمن في الحصول على التمويل الذي يتيح للدول سرعة الاستثمار في هذا القطاع، فضلا عن مشكلة البنية التحتية لأن التوسع في الطاقة المتجددة يتطلب بنية أساسية جيدة لازمة لنقل وتوزيع الطاقة وأيضا يتطلب توافر قاعدة إنتاجية، فإذا كانت الدول لديها بالفعل محطات توليد كهرباء تعمل بالوقود فيمكن في هذا الحالة إضافة مصادر طاقة متجددة، أما إذا هذه الدول لديها نقص في محطات الكهرباء - في 24 دولة أفريقية، أقل من 50% من السكان فقط يحصلون على الكهرباء - ففي هذه الحالة ستكون تكلفة إدخال مصادر طاقة متجددة أكبر بكثير، وبالتالي فإنه كلما توافرت للدول قاعدة من الطاقة، سيكون إضافة مصادر طاقة متجددة أقل تكلفة.
وأوضح أن الانتقال من مصادر الطاقة التقليدية إلى الطاقة المتجددة في إفريقيا سيحتاج في مرحلة أولى إلى الاستثمار في الوقود الاحفوري أولا بما يتيح بعد ذلك الاستثمار في المدى المتوسط والطويل في الطاقة المتجددة.
وقال أدم إن التزامات إفريقيا بالتحول نحو الطاقة النظيفة والمتجددة يتوقف على توافر التمويل، ومبلغ الـ100 مليار دولار سنويا الذي تم التعهد بتقديمه للبلدان الإفريقية في قمة باريس للمناخ وحتى قبلها لم يتم الوفاء به، مما يعني أن الكثير من البلدان الإفريقية التي تعتمد على الاستثمارات الخارجية في قطاع الطاقة المتجددة، عانت من التأخر في تنفيذ المشروعات المطلوبة لديها.
وأضاف أن ما تقوم به مصر يمثل نموذجا يحتذى به في كيفية حشد موارد إضافية باستخدام أسواق المال وإصدار السندات الخضراء، وهو الأمر الذي تسعى لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لإفريقيا إلى دعمه بما يخفض من تكلفة التمويل من خلال استخدام الأموال المتاحة في أسواق المال، واستخدامها إلى جانب مصادر التمويل من قبل المانحين للحصول على تكلفة أقل في التمويل.
وأشار جون بول أدم أيضا إلى إمكانية الحصول على القروض الخضراء، باعتبارها عناصر تتيح حشد أفضل لمصادر التمويل للدول الإفريقية بما يمكنها من الاستثمار في مجال الانتقال إلى الطاقة النظيفة والمتجددة وأيضا في مجال الصمود في مواجهة تداعيات التغيرات المناخية.
وفيما يتعلق بوضع الدول الإفريقية بالنسبة للتحول نحو الطاقة النظيفة والمتجددة، قال جون بول أدم إن هناك دولا حققت تقدما ملحوظا في هذا الشأن وهي الدول التي لديها بالفعل مستوى معقول من إتاحة الكهرباء، وبالتالي فقد بدأت تستثمر مباشرة في الطاقة المتجددة؛ لأن ذلك من شأنه أن يحقق لهم مزيدا من الاستقلالية في مجال الطاقة وخاصة أننا نرى حاليا أسعار الطاقة بصفة عامة ترتفع بشكل كبير وحتى الدول المصدرة للبترول تعاني لأنهم ليسوا في منأى عن ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية وبالتالي فإن الدول التي لديها بالفعل مستوى معقول من الطاقة تسرع نحو الانتقال من الوقود الاحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة، بينما الدول التي تعاني من محدودية الوصول إلى الكهرباء، فإن عليها أن تزيد من استخدام الوقود الاحفوري بشكل مؤقت في مرحلة أولى، ولكن مع حسن التخطيط يمكن الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة، معربا عن أمله أن تتمكن الدول الإفريقية من الانتقال بنسبة كبيرة إلى مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2035.
وفيما يتعلق بأهمية التدوير، قال جون بول أدم إن اللجنة الاقتصادية لإفريقيا تعمل على النظر فيما يمكن تنفيذه مع العديد من البلدان الإفريقية في هذا القطاع لخلق اقتصاديات تقوم على مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة في قطاع التدوير، وبما يحقق أيضا استقلالية عن الموارد الخارجية ويقلل في الوقت نفسه تكلفة استهلاك المواد الأولية.
وأشار في هذا الصدد إلى أهمية امتلاك التكنولوجيا اللازمة وتوفير التمويل اللازم وأيضا تبني السياسات الوطنية والإقليمية الداعمة، كما يمكن أيضا لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية أن تلعب دورا في تسهيل التعاون بين بلدان القارة فيما يتعلق بالتدوير.