رئيس التحرير
أحمد ناصف
رئيس التحرير
أحمد ناصف

إفريقيا تحتاج 3 تريليونات دولار لمواجهة التغيرات المناخية

نشر
مستقبل وطن نيوز

 ذكر وزراء المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية الأفارقة في ختام اجتماعاتهم اليوم بداكار، ضمن أعمال الدورة الرابعة والخمسين للجنة الاقتصادية لإفريقيا، أن القارة تحتاج إلى أكثر من 3 تريليونات دولار بحلول عام 2030 لتمويل تدابير التخفيف والتكيف اللازمة للتصدي للتحديات الناجمة عن تغير المناخ، الأمر الذي يمكن استيفاؤه جزئيا بإصدار عدد أكبر بكثير من السندات الخضراء.
 

جاء ذلك في ختام أعمال الدورة الرابعة والخمسين التي عقدت تحت عنوان "’تمويل الانتعاش في أفريقيا: فتح آفاق جديدة"، بحضور ماكي سال رئيس الاتحاد الأفريقي رئيس السنغال، ومحافظي المصارف المركزية الوطنية ودون الإقليمية في إفريقيا.
 

وأشار الوزراء - في البيان الوزاري الختامي الصادر عن المؤتمر - إلى أن القارة سجلت معدل نمو اقتصادي بنسبة 4,7 في المائة في عام 2021، بعد انكماش بلغ 3,2 في المائة في عام 2020، غير أنهم حذروا من أن انتعاش إفريقيا قد يتعرض لعراقيل بفعل الارتفاع الحاد في أسعار الأغذية والنفط والأسمدة الناجم عن الحرب في أوكرانيا، والصدمات الأخرى مثل ظهور متحورات جديدة فتاكة من فيروس كورونا، وارتفاع أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة، والصدمات المناخية، وخروج رؤوس الأموال، وانخفاض قيمة العملات، وزيادة تكاليف الاقتراض.
 

ولفت الوزراء إلى أن القارة تعاني من عجز هائل في الهياكل الأساسية، يتراوح من النقص في الطاقة الذي يؤثر على ملايين الأسر ، إلى المستويات المنخفضة لتوافر الإنترنت، والكثافة المتدنية لشبكة الطرق التي تقل بكثير عن المستويات العالمية، وأن التمويل المطلوب لسد جميع أوجه العجز تلك يتراوح بين 130 مليار دولار و170 مليار دولار سنويا حتى عام 2025.
 

وأوضح الوزراء أن القارة تحتاج، لكي تتمكن من تحقيق أهداف التنمية المستدامة، إلى استثمار نحو 66 مليار دولار سنويا في نظمها الصحية وهياكلها الأساسية الصحية؛ للحد من عبء الأمراض في القارة، وتقليص متوسط معدلات وفيات الأمهات وتحسين سبل الحصول على خدمات العاملين الصحيين المهرة.
 

وأعرب الوزراء عن قلقهم إزاء توقعات برنامج الأمم المتحدة للبيئة من أنه بحلول نهاية عام 2020، سيتأثر ما بين 75 مليون و250 مليون شخص بالإجهاد المائي الناجم عن المناخ، وستنخفض المحاصيل الزراعية المعتمدة على الأمطار بنسبة قد تصل إلى 50 في المائة، وسيؤدي ارتفاع الحرارة بمعدل درجتين مئويتين إلى تعرض نصف سكان القارة لخطر انعدام الأمن الغذائي ونقص التغذية.
 

وقال الوزراء إنه نتيجة للتدابير التي اتخذها واضعو السياسات لإنقاذ الأرواح واستعادة سبل كسب العيش أثناء جائحة كوفيد-19، بما في ذلك زيادة الإنفاق العام وتخفيف العبء الضريبي على الأسر والشركات، انخفضت نسبة الإيرادات الضريبة إلى الناتج المحلي الإجمالي من 14,9 في المائة في عام 2019 إلى 11,9 في المائة في عام 2020، وانخفض الميزان المالي أيضا كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من -3,5 في المائة في عام 2019 إلى -7,6 في المائة في عام 2020، في حين ارتفعت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من 60 إلى 71,1 في المائة في الفترة نفسها، قبل أن تنخفض قليلا إلى 67,7 في المائة في عام 2021.
 

وأشار الوزراء إلى أن ما لا يقل عن 83 مليار دولار سنويا، ُتهَّرب من القارة بسبب ضعف القدرات في مجال الإدارة الضريبية والتهرب الضريبي، والتلاعب بالفواتير التجارية، وغسيل الأموال، وغير ذلك من الممارسات الفاسدة.
 

وحذر الوزراء من أن إقدام المصارف المركزية في الاقتصادات المتقدمة على رفع أسعار الفائدة للحد من توقعات التضخم المتزايدة خلف آثارا سلبية على تكلفة الائتمان، وترحيل الديون، وتدفقات رؤوس أموال الحوافظ المالية، وأسعار الصرف، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى ارتفاع أسعار الفائدة من مصادر التمويل العامة والخاصة، ومن ثم ارتفاع تكلفة الاقتراض لقارة إفريقيا. 
 

ولفت الوزراء إلى أن بورصات القارة بحاجة إلى جذب الاستثمارات، عن طريق تحديث النظم التجارية، والتقليل من أوقات تأخر التسويات وتكاليف المعاملات إلى أدنى حد ممكن، وتحسين أساليب عرض الأسعار، وإتاحة إمكانية الإدراج في القوائم المشتركة والتسعير الفعال، لضمان استقرار بيئات الاقتصاد الكلي، وإنفاذ العقود المالية في بيئة ذات أطر قانونية تتسم بالمصداقية والإنصاف والشفافية.
ودعا الوزراء إلى زيادة فرص الحصول على اللقاحات وتوسيع نطاق تصنيع اللقاحات وغيرها من المنتجات الدوائية في أفريقيا، مشيدين بجهود اللجنة الاقتصادية لأفريقيا ووزراء المالية الأفارقة وصندوق النقد الدولي لتيسير إنشاء فريق عامل رفيع المستوى معني بإنشاء هيكل مالي عالمي جديد.
 

وطالب الوزراء من اللجنة الاقتصادية لأفريقيا مواصلة تقديم الدعم التقني إلى دولها الأعضاء من أجل وضع وإنفاذ آليات تمويل مبتكرة، مثل تجميع تدفقات الإيرادات الخاصة والعامة (التمويل المختلط)، وتعميق أسواق رؤوس الأموال، واستخدام صناديق المعاشات التقاعدية في المشاريع الإنمائية، وصناديق الثروة السيادية، وسندات المغتربين وتحويلاتهم المالية لتمويل مشاريع التنمية، وإصدار السندات المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة، وإعمال حوافز جديدة والانخراط في أنشطة الدعوة بغرض خفض أقساط المخاطر وتكلفة الائتمان التي ما تزال تقف عائقا أمام الحصول على التمويل الدولي.
 

وأهاب الوزراء بالدول الأعضاء في اللجنة الاقتصادية لأفريقيا أن تعمل على تكثيف جهودها لحشد الموارد المحلية، من خلال سياسات ضريبية فعالة ومدخرات واستخدام آليات ابتكارية أخرى مثل صناديق المعاشات التقاعدية، وصناديق الثروة السيادية، وسندات المغتربين والتحويلات المالية، لدعم المشاريع الإنمائية الإفريقية.
 

وطالب الدول الأعضاء في اللجنة الاقتصادية لأفريقيا بأن تعتمد وتنفذ سياسات من شأنها تهيئة بيئة مواتية لنشاط القطاع الخاص وجذب المستثمرين المؤسسيين، وأن تدعم استخدام الأدوات المالية مثل التمويل المختلط، وأسواق رأس المال، وصناديق المعاشات التقاعدية، وصناديق الثروة السيادية، والسندات المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة، والتمويل الأخضر، وسندات المشاريع، والضمانات، وأدوات الحد من المخاطر، من بين أمور أخرى، إلى جانب حوافز جديدة لخفض تكلفة الائتمان.
 

وحث الوزراء الدول الأعضاء في اللجنة الاقتصادية لأفريقيا على أن تركز على سد فجوات الواردات الناجمة عن الحرب في أوكرانيا في الأسواق الزراعية وغيرها من الأسواق، وإنشاء شبكات أمان اجتماعي لدعم الفئات الضعيفة المعرضة بشكل مفرط لتلك الفجوات في الواردات، لضمان حصولهم على السلع الرئيسية والمنتجات الأساسية بشكل كاف.
 

وحث الوزراء الدول الأعضاء في اللجنة الاقتصادية لأفريقيا المستوردة الصافية للأغذية على تنويع مصادر إمداداتها، بما في ذلك عن طريق زيادة الإنتاج المحلي، وطرح المخزونات الموجودة، وتنويع مصادر الاستيراد.
 

وطالب الوزراء اللجنة الاقتصادية لأفريقيا بتقديم المساعدة التقنية والخدمات الاستشارية إلى الدول الأعضاء للتصدي للآثار السلبية المتزايدة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا على اقتصاداتها واستكشاف الفرص التي يتيحها هذا النزاع على صعيد الإنتاج الزراعي والصناعي بالنسبة للبلدان الأفريقية.
 

وحث الوزراء الدول الأعضاء في اللجنة الاقتصادية لأفريقيا على اغتنام الفرص التي تتيحها منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية لتعزيز التجارة فيما بين البلدان الأفريقية في الأغذية والمنتجات والخدمات الصناعية، من أجل بناء قدرتها الإنتاجية وقدرتها على الصمود في وجه الصدمات الخارجية. 
 

وحث الوزراء اللجنة الاقتصادية لإفريقيا والمصرف الأفريقي للتصدير والاستيراد، بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي وأمانة منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، على التعجيل بتفعيل منصة التبادل التجاري الأفريقية، وهي سوق رقمية للشركات فيما بينها، وبين الشركات والحكومات دعما للمنطقة.
 

وطالب الوزراء صندوق النقد الدولي بأن يستخدم، في ضوء الحرب الدائرة في أوكرانيا، الصندوق الاستئماني لاحتواء الكوارث وتخفيف أعباء الديون التابع له لتمكين البلدان الفقيرة من الاستفادة من تخفيف خدمة الدين، وكذلك التنازل، لمدة تتراوح بين سنتين و3 سنوات، عن الرسوم الإضافية التي تُقدر بنحو 4 مليارات دولار في عام 2022 وتُفرض على البلدان ذات الإقراض الكبير علاوة على دفع الفوائد والرسوم، كما أهاب الوزراء أيضا بصندوق النقد الدولي أن يُسرع في النظر في طلبات
الحصول على برامج جديدة، وتوسيع البرامج القائمة، والاستفادة الكاملة من أدواته التمويلية في حالات الطوارئ حيثما كان ذلك مناسبا، وتقليص قيود الحصول على التمويل في حالات الطوارئ مؤقتا حتى عام 2025، وإصدار حقوق سحب خاصة جديدة.
 

وحث الوزراء مجموعة العشرين على تمديد مبادرة تعليق سداد خدمة الدين لسنتين إضافيتين للمساعدة في إيجاد هامش حركة في المجال المالي للإنفاق العاجل من قبل البلدان الفقيرة ولتعديل الإطار المشترك لتعزيز فعالية إعادة هيكلة الديون وتوسيع نطاقها بحيث تشمل الدائنين التجاريين.
وأهاب الوزراء بالبلدان المتقدمة أن تدعم الجهود الرامية إلى إعادة تخصيص 100 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة، منها 60 مليار دولار ينبغي تخصيصها للصندوق الاستئماني للنمو والحد من الفقر وللصندوق الاستئماني لبناء القدرة على الصمود والاستدامة الجديد، ونحث هذه البلدان على النظر في إصدار حقوق سحب خاصة إضافية والعمل في الوقت نفسه على إنشاء آليات، مثل مرفق الاستدامة والسيولة، تتيح للبلدان الأفريقية استخدام حقوق السحب الخاصة هذه لتحسين السيولة، وتحقيق الاستقرار لعملاتها، وخفض تكاليف الائتمان.
 

ودعا الوزراء مجموعة العشرين وصندوق النقد الدولي إلى إصلاح الهيكل المالي الدولي حتى تتمكن البلدان الأفريقية من الوصول إلى الموارد بسهولة أكبر وبتكلفة أقل من المؤسسات المالية المتعددة الأطراف والإقليمية. وكذلك تعزيز صوت القارة في الحوار واتخاذ القرارات على الصعيد العالمي.
وطالب الوزراء من اللجنة الاقتصادية لأفريقيا تقديم المساعدة التقنية والخدمات الاستشارية للدول الأعضاء، في إطار تحضيراتها للدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (COP27) المقرر عقدها في مصر في الفترة من 7 إلى 18 نوفمبر المقبل بمدينة شرم الشيخ. 
 

يذكر أن دراسات أجراها صندوق النقد الدولي أظهرت أن النفقات السنوية التي تحتاج إليها القارة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة يُتوفع أن ترتفع بمقدار 154 مليار دولار سنويا، وبمبلغ إضافي آخر قدره 285 مليار دولار كل سنة على مدى السنوات الخمس المقبلة لضمان التصدي على نحو كاف لأزمة (كوفيد-19).

عاجل