أمين «البحوث الإسلامية»: الفهم الخاطئ للدين سبب الأحداث المضطربة المهددة للسلم العالمي
قال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور نظير عياد، إن ما يعيشه العالم من الأحداث المضطربة التي تهدد الأمن والسلم العالميين سببها الفهم السقيم للدّين ومقاصده، وتأويل نصوصه تأويلاتٍ بعيدة عن مرادها، وما يستدرجه من عوامل الشقاق والنزاع وسوء التصرّف في المجالات المتعلّقة بحسن التعامل بين الناس.
جاء ذلك في كلمة ألقاها عياد اليوم الثلاثاء، خلال مشاركته في فعاليات المؤتمر الدولي الرابع لكلية الآداب بجامعة دمنهور، والذي يعقد تحت عنوان "ترجمة معاني القرآن العظيم دراسات منهجية" بالتعاون مع مجمع البحوث الإسلامية.
وأكد عياد حاجة الإنسانية إلى هذا المؤتمر الذي يضم العديد من المحاور والقضايا المهمة التي ترتبط بالقرآن الكريم - لفظا ومعنى - وهو ما يؤكد أهمية العناية بها خصوصا وأنها تحتاج إلى جهودٍ حثيثة لبيان معانيه وتنزيل أحكامه الشرعية على الواقع بكلّ معطياته المعاصرة تنزيلًا يليق بقدسيّة هذه الأحكام، ويتوافق مع عظمة هذا النصّ المحكم وجلاله وكماله وتنزيهه.
وثمن رسالة المؤتمر التي تدعو إلى أهميّة التّرجمة لمعاني القرآن الكريم، وضرورة الاستفادة منها، واستثمارها في عرض الإسلام بعقائده وشرائعه وأخلاقه؛ باعتبار أنّ ذلك يساعد على تبليغ الدعوة إلى العالم أجمع، وفي الوقت ذاته يكشف عن فهمٍ سليمٍ يؤدّي إلى دعم التماسك الاجتماعيّ، والمشاركة في عملية العمران، والإسهام في بناء الحضارة الإنسانيّة المعاصرة، بما يؤكّد عظمة هذا الكتاب، وصلاحيته لكلّ زمانٍ ومكانٍ بما جاء به من أحكامٍ، وبما دعا إليه من أخلاق وسلوك.
وأشار إلى أهميّة ترجمة معاني القرآن الكريم، وما يمكن أن تسهم به في توضيح صورة الإسلام، وعرضها بما هي عليه، خصوصًا وأنّ القرآن الكريم كان ولايزال إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها موردًا للباحثين، ومسلكًا للطالبين، وزادًا للدارسين.
وأوضح أن ترجمة معاني القرآن الكريم تعدّ من أشقّ المحاولات وأصعبها التي تمّت في مجال التّرجمة على الإطلاق؛ لأنّ نقل معنى الآيات القدسية المحكمة إلى لغةٍ أخرى غير العربيّة ليس بالأمر السّهل، إلى جانب عجز لغة التّرجمة عن نقل التّركيب البلاغيّ للآيات وما تحمله من معان وإشارات ومدلولات لا تظهرها إلا لغة القرآن التي نزل بها، وذلك دفعا للأغاليط، ودحضا للأكاذيب والافتراءات التي تسبب خللا في فهم نصوص القرآن المقدسّة وأعمال الفقهاء سلفا وخلفا.
وأشار إلى أن العديد من الترجمات التي صدرت عن فئة كبيرة من المستشرقين، جاءت بعيدة عن المقصد، خالية من الموضوعية، معبرة في كثير من الأحيان عن جهل بالنص واللغة التي نزل بها وطبيعتها وخصائصها وتراكيبها.
ولفت إلى أهمية ترجمة معاني القرآن الكريم في هذا العصر على وجه الخصوص ترجمة منضبطة تعكس عظمة القرآن وجلالة مقاصده، موضحا أن هذا يمنح الآخر فرصة التعرف على كلام ربه العزيز الحكيم، فينشرح صدره بقبوله والاستسلام له، والعمل بما جاء فيه، أو على الأقل ينصفه ويحترمه ويقدره حق قدره، خصوصا مع وجود مقالاتٍ تعطي خطابا مفزعا نتيجة تلك القراءات الانتقائيّة للنصّ الدينيّ وتفسيرها بعيدًا عن سياق اللغة وأدواتها، ومن ثمّ تكون مخاطرة الترجمة خطيرة لأنّه إذا لم يراع فيها ضوابط التعامل مع النصّ القرآنيّ وخصائص نظمه المعجز، فإن ذلك يؤدّى إلى إبعاد الناس عن المعاني العظيمة، والقيم السّامية التي يحملها القرآن الكريم، فضلًا عن تعميق المفاهيم المغلوطة حول الإسلام.
وأشار عياد إلى ضرورة أن تكون ترجمات القرآن الكريم صادرةً عن المؤسّسات الدينيّة الرسميّة التي تعنى بنشر الدين الإسلاميّ بعيدًا عن تحريف المغالين وتأويل المبطلين، والعناية والاهتمام من قبل المؤسسات الأكاديميّة والأقسام العلمية بكل ما كتبه المستشرقون حول القرآن الكريم، وتفنيد مزاعمهم الباطلة حول القرآن بشكل منهجي سليم يتوافق والنصوص الدينية والقيم الإنسانية المعاصرة، فضلًا عن ضرورة رصد التّرجمات الفرديّة للقرآن الكريم التي وقعت فيها أخطاء جوهرية فادحة من أجل بيان أوجه الخطأ فيها لتحذير الناس منها؛ إسهامًا منّا في حراسة هذا الدّين الحنيف، وتحمّلًا للأمانة التي كلّفنا الله بها على الوجه المطلوب.