تقرير دولي يتوقع تراجع اقتصاد دول وسط وجنوب شرق أوروبا بنهاية 2022
يتوقع معهد فيينا لدراسات الاقتصاد الدولي حدوث تراجع في معدلات نمو اقتصاديات دول وسط و جنوب شرق أوروبا بنسبة 1 في المائة على الأقل بنهاية العام الجاري ، وذلك مقارنة بنسبة النمو المتوقعة السابق الإعلان عنها فى يناير 2022 وكانت 4 فى المائة .
و ارجع المعهد – الذى يعد الأهم فى منطقة البلقان و أوراسيا – سبب تشاؤمه إزاء معدلات نمو اقتصاد وسط و جنوب شرق أوروبا الى تداعيات المواجهات العسكرية الروسية الأوكرانية و ما نجم عنها من تراجع مؤشرات أداء الاقتصاد الروسى و دمار فى البنية التحتية و الإنتاجية لأوكرانيا التى تعد اهم منتج للحبوب فى العالم .
مفترضا التوصل لوقف اطلاق للنيران بين روسيا و أوكرانيا فى منتصف العام الجارى ، قدر تقرير معهد فيينا لدراسات الاقتصاد الدولى حجم نمو اقتصاد دول وسط و جنوب شرق أوروبا بنهاية العام الجارى بنحو 3 فى المائة فقط و ان تبقى دول مثل رومانيا و بلغاريا و دول البلطيق هى الأشد تضررا نتيجة انكشاف خطوط مواصالاتها و نقلها إقليميا و ارتباط اقتصادها بالاقتصاد الروسي من منظور الجغرافيا السياسية .
واكد التقرير ان عامل اضطراب خطوط النقل و التجارة نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية سيقود الى تراجع اقتصاديات دول وسط و جنوب شرق اوروبا لن تقل نسبته عن 5 في المائة من اجمالي نواتجها المحلية الكلية بنهاية العام الجارى بعد ان كانت معدلات نمو اقتصاد هذا الجزء من العالم متجاوزا ما حققته دول الاتحاد الاوروبى . . فبحسب تقرير صادر عن المعهد سجل اقتصاد دول وسط و جنوب شرق أوروبا نموا نسبته 3ر6 فى المائة خلال العام الماضى 2021 وهو معدل فاق معدلات نمو اقتصاد دول التعامل باليورو بنسبة 1 فى المائة ، كما جاءت نسبة نمو اقتصاديات وسط وجنوب شرق أوروبا فى العام المنصرم لتعكس تعافيا نسبيا لاقتصادات دول الاقليم بعد انكماش نسبته 1ر2 فى المائة خلال العام 2020 نتيجة اغلاقات كورونا وهى الاغلاقات التى كان وقعها اشد وطأة على منطقة التعامل الأوروبي باليورو و التى شهدت انكماشا اقتصاديا نسبته 4ر6 فى المائة خلال العام 2020 .
وجاء فى تقرير معهد فيينا لدراسات الاقتصاد الدولى ان حالة النمو الاقتصادي التى شهدتها دول وسط و جنوب شرق أوروبا و البالغ عددها 23 دولة خلال العام 2021 فاقت معدلات نموها الاقتصادى فيما قبل جائحة كورونا و الذى سجل 1ر4 فى المائة خلال العام 2019 .
و كشف التقرير عن تمكن 17 دولة من إجمالي دول وسط و جنوب شرق أوروبا – 23 دولة – قد استطاعت فى العام الماضى تسجيل معدلات نمو اقتصادى متجاوزة بذلك الصدمة الاقتصادية الشديدة التى شهدها الاقتصاد العالمى و اقتصاد الاقليم فى العام 2020 ابان ذروة احتدام الوباء .
و حدد التقرير كل من الجبل الأسود و بلغاريا و مقدونيا الشمالية و أوكرانيا و شيشينيا و سلوفاكيا كبلدان أخفقت فى تجاوز تداعيات ذروة ازمة كورونا خلال العام الماضى مقارنة بالعام 2020 .
و أشار التقرير إلى أن فرض عقوبات غربية على صادرات النفط و الغاز الروسى و ما سيقود اليه ذلك من مضاعفة أسعار الطاقة على امتداد بقية العام الجارى 2022 ، سيقود الى حدوث كساد خانق فى اقتصاديات وسط و جنوب شرق أوروبا وهو كساد قد لا يدع مجالا معه لأى نمو اقتصادى لدول الإقليم يتجاوز 1ر فى المائة بنهاية العام الجارى فى افضل تقدير .
كما توقع تقرير معهد فيينا لدراسات الاقتصاد الدولى حدوث تراجع فى الناتج المحلى الإجمالي للاقتصاد الروسى بنسبة 9 فى المائة بنهاية العام الجارى وقد يتدهور الانخفاض الى 11 فى المائة ، و بالنسبة لأوكرانيا ، يتوقع التقرير تراجع ناتجها المحلى الإجمالي بنسبة لن تقل عن 15 فى المائة بنهاية العام الجارى .
كما توقع التقرير تراجعا إضافيا نسبته 5ر1 فى المائة فى معدلات نمو الاقتصاد الروسى بنهاية العام 2023 و استمرار هذا التراجع بصورة – ربما اقل – خلال العام 2024 بنسبية 1 فى المائة ، و على صعيد التضخم يتوقع التقرير ان يتراوح مستواه فى روسيا خلال العام بقية العام الجارى 2022 بما يترواح بين 20 الى 28 فى المائة .
رصد تقرير معهد فيينا لدراسات الاقتصاد الدولي حدوث تراجع فى معدلات انتاج روسيا من السيارات بنسبة 50 فى المائة منذ اندلاع الحرب مع اوكرانيا مطلع العام الجارى وذلك بالمقارنة بعدلات انتاج روسيا من السيارات خلال العام 2021 ، و ارجع التقرير السبب فى ذلك الى اعلان 600 شركة غربية انسحابها من روسيا مع بداية الحرب الأوكرانية .
و استبعد التقرير تحسن أوضاع الاقتصاد الروسى او الأوكراني قبل العام 2024 وذلك على افتراض التوصل لاتفاق سياسى قبل نهاية النصف الأول من العام الجارى ، وفى حالة الإخفاق فى التوصل الى هذا الاتفاق السياسى ، فإن مزيدا من الانكشاف الاقتصادى وتردى معدلات النمو سيعانيها اقتصاد كل من روسيا و أوكرانيا حتى فيما بعد العام 2024 .
رصد التقرير ان أوكرانيا قد فقدت 53 فى المائة حجم ناتجها المحلى الإجمالي حتى الآن و منذ بداية العمليات العسكرية و المواجهات المسلحة مع روسيا ، و على الجانب الاخر .. فقدت أوكرانيا ما لا يقل عن 43 فى المائة من طاقتها التصنيعية و الإنتاجية ، و فقدت كذلك 34 فى المائة من انتاجها الزراعى ، وكذلك خسرت أوكرانيا 50 فى المائة من صادراتها الى أسواق العالم الخارجى وفى مقدمتها الحبوب .
وحتى منتصف ابريل الماضى كان ربع سكان أوكرانيا فى عداد النازحين و المشردين وبلغ عدد اللاجئين الأوكران فى بلدان الجوار و الاتحاد الأوروبي نحو 4ر6 مليون لاجئ وهو عدد يقارب عدد المشردين من النازحين اللذين اجبرتهم العمليات العسكرية على الارتحال عن مدنهم و قراهم وديارهم وهو 1ر7 مليون مشرد تقطعت بهم السبل داخل الأراضي الأوكرانية .
و بحسب التقرير .. فإنه فى حالة ان تم التوصل لوقف اطلاق للنيران قبل حلول منتصف العام الجارى سيكون اقتصاد أوكرانيا قد فقد 38 فى المائة من مقوماته بنهاية العام الجارى ، اما فى حالة عدم تحقق تلك الفرضية فقد يصل مستوى الانهيار الاقتصادى لأوكرانيا الى 45 فى المائة من حجم اقتصادها الإجمالي بنهاية العام 2022 .
و فى كلا الحالتين – بحسب التقرير – فإن مستوى العجز المالى فى أوكرانيا سيتجاوز مستواه الحالى البالغ 25 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالي برغم سخاء المساعدات الغربية المالية لتثبيت الاقتصاد الاوكرانى .
و اعتبر التقرير ان " مارشال " غربى لإحياء و إعادة تأهيل الاقتصاد الأوكراني الذى دمرته الحرب هو امر ضروري لاستعادة عافيته خلال عامى 2023 مع توقع نسبة نمو قدرها 5 فى المائة و كذلك نمو فى عام 2024 مع توقع نسبته عند مستوى 13 فى المائة ، الا ان التقرير عاد وشدد على ان ذلك لن يتحقق الا بعد ان تكون الحرب قد وضعت اوزارها بحلول منتصف العام الجارى و استمر الغرب فى صب دفقاته المالية بسخاء على الاوكرانيين .
يذكر أن صندوق النقد الدولى كان قد توقع هبوط الناتج المحلى الإجمالي لروسيا بنهاية العام الجارى بنسبة 5ر8 فى المائة مقارنة بالعام الماضى، و هبوط الناتج ألمحلى الأوكراني بنسبة 35 فى المائة بنهاية العام الجارى .
الا ان تقديرات البنك الدولى لتداعيات الحرب على اقتصاد كلا البلدين كانت اكثر تشاؤما اذ قدر البنك الدولى تراجع الاقتصاد الروسى بنسبة 2ر11 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالي الروسى بنهاية العام الجارى و تراجع الناتج المحلى الإجمالي الأوكراني بنسبة 45 فى المائة بنهاية العام.