رصيد القمح كاف.. السياسة الاستباقية في مواجهة الأزمات تتغلب على تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية
بتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، أصبحت الدولة تتبنى سياسة قائمة على الاستعداد التام واتخاذ خطوات استباقية في مواجهة حدوث أي أزمات تؤثر على الأمن القومي، لا سيما فيما يتعلق بالأمن الغذائي وتوفير السلع والمحاصيل الاستراتيجية، وعلى رأسها القمح.
ورغم تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية ونار المواجهات العسكرية المستعرة بين الطرفين، مما أثر على حصول مصر على احتياجاتها الرئيسية من القمح المستورد المقدرة بنحو 80% من الدولتين، نجحت الدولة في تأمين الاحتياجات الرئيسية من الذهب الأصفر حتى بداية العام المقبل، بفضل الاحتياطي الاستراتيجي للقمح المخزن في الصوامع الجديدة، بجانب ارتفاع نسبة الإنتاج المحلي، بفضل المشروعات الزراعية العملاقة الجديدة مثل توشكى والعوينات والدلتا الجديدة.
وأجرى الرئيس عبدالفتاح السيسي جولة تفقدية، فجر الخميس الماضي، لمنطقة توشكي في جنوب الوادي، في محافظة أسوان، ليشهد بدء موسم حصاد القمح بالأراضي الزراعية بتوشكى، في إطار جهود الدولة لإنشاء مجتمعات زراعية متكاملة لها مردود وعوائد اقتصادية كبيرة، وتدعم الأمن الغذائي وزيادة الصادرات، وتحقق طفرة زراعية، فضلًا عن توفير الآلاف من فرص العمل في إطار نهضة تنموية شاملة.
وأضاف السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن مشروع توشكى يعد الأكبر من نوعه في قطاع الاستصلاح الزراعي في الشرق الأوسط، وأحد المشروعات القومية العملاقة التي نجحت الدولة بتوجيهات الرئيس السيسي في إعادة الحياة لها، بحل كل المشاكل التي كانت تعوق المشروع عن تحقيق مستهدفاته، وكذلك توفير جميع المقومات اللازمة لنجاحه، وهو الأمر الذي تطلب القيام بحجم أعمال هائل في كل جوانب ومكونات المشروع للنهوض به، سواء على الجانب الإنشائي والبنية الأساسية، أو الفني، أو ما يتعلق بتوفير مياه الري ومصادر الطاقة، وكذلك إنشاء المحاور لربط المشروع بشبكة الطرق القومية، وتوفير الموارد المالية لكل تلك العناصر.
اتباع سياسة استباقية لمواجهة الأزمات
أوضح الدكتور سيد خليفة، نقيب الزراعيين، في تصريح إلى موقع "مستقبل وطن نيوز"، أن التحديات الاقتصادية المتعددة دفعت الدولة لاتخاذ إجراءات استباقية سريعة في مواجهة أي أزمات محتمل وقوعها فيما يخص السلع الاستراتيجية والخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والغاز.
وأضاف خليفة: "أن الدولة المصرية فكرت جيدًا أنها إذا لم تتخذ إجراءات استباقية لمواجهة الأزمات المتوقع حدوثها ستقع في مشاكل صعبة الحل السريع، مثل أزمة الكهرباء بين عامي 2011 – 2012، ومن هنا ظهرت الحاجة لمعالجة تلك الأزمة من خلال بناء محطات توليد طاقة كهربائية جديدة، واستخدام الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية والرياح في توليد الكهرباء، حتى أصبحت مصر الآن مصدرة للكهرباء".
وأوضح: "أن الدولة كانت عندها إرادة حقيقية في السير بطريق تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، وتجنب تداعيات أي مشاكل خارجية قد تؤثر على احتياجاتها من المحصول الاستراتيجي الأول بالنسبة لها، وهو ما حدث بالفعل في أعقاب الأزمة الروسية الأوكرانية وصعوبة خروج شحنات القمح من الموانئ الأوكرانية المحاصرة بالقوات الروسية، إذ أن مصر تحصل على 80% من احتياجاتها من القمح المستورد من كييف وموسكو، لنجد أن الاحتياطي الاستراتيجي من الذهب الأصفر يكفي يسد حاجة الاستهلاك حتى أول العام المقبل".
وتابع: "في عام 2015 الرئيس السيسي اتخذ قرارًا نابع من إرادة سياسية قوية للتوسع في المشروعات القومية لاستصلاح الأراضي، بهدف زيادة المحاصيل الاستراتيجية (القمح – الأرز – بنج السكر – قصب السكر)، بجانب الخضروات والنباتات الطبية والعطرية، وسريعًا بدأت مصر جني ثمار توسعها في زراعة المحاصيل الاستراتيجية خصوصًا القمح الذي أصبح الإنتاج المحلي منه حاليًا 10 ملايين طن سنويًا، مما قلل من حاجة الدولة لاستيراد القمح لسد احتياجاتها الداخلية، ودفع ذلك مكتب القمح الأمريكي في القاهرة، وهو المسؤول عن توريد القمح من أمريكا لمصر، إلى الإغلاقه في عام 2017، كما تم تنويع مصادر استيراد القمح من الخارج من خلال اعتماد روسيا ورومانيا وأوكرانيا بجانب دول أخرى، كان أخرها الهند، كبلدان منشأ لاستيراد القمح، دون الاعتماد على السوق الأمريكية فقط".
وأضاف نقيب الزراعيين: "أن أي دولة لا تمتلك القدرة على توفير طعامها تقع دائمًا في منطقة المساومات السياسية، وهو ما انتبهت إليه القيادة السياسية جيدًا، من خلال التوسع في زراعة مساحات جديدة من القمح مثل توشكى، بجانب تنويع الأسواق لاستيراد القمح".
إنتاج مصر من القمح
وكشفت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، في وقت سابق، أن مساحة القمح المزروع في مصر في الوقت الجاري تبلغ 3.6 مليون فدان، مما يوفر 10 ملايين طن من القمح عالي الجودة، وغالبًا ما ينتج فدان القمح 3 طن من المحصول الأصفر تقريبًا.
وتستهدف الدولة جمع ما يقرب من 4 مليون طن قمح من المزارعين هذا العام، بزيادة تُناهز نحو 11% عن الكميات المُجمعة في العام الماضي.
ويبلغ حجم استهلاك مصر من القمح سنويًا نحو 18 مليون طن، في المقابل يتم إنتاج 10 ملايين طن من القمح سنويًا، بينما يتم الاعتماد على دول أخرى في تغطية عجز الإنتاج.
وارد مصر من القمح
وتصدرت روسيا قائمة أعلى 10 دول استوردت مصر منها القمح خلال الـ11 شهر الأولى من عام 2021، إذ سجلت قيمة واردات مصر منها 1.2 مليار دولار، بكمية بلغت 4.2 مليون طن، بنسبة 69.4% من إجمالي كمية واردات مصر من القمح.
وجاءت أوكرانيا في المرتبة الثانية بقيمة 649.4 مليون دولار، بكمية 651.4 ألف طن، بنسبة 10.7%، من إجمالي واردت مصر من القمح، وفي المركز الثالث جاءت رومانيا بقيمة 407.7 مليون دولار، وبكمية 387.2 ألف طن بنسبة 6.2%، ثم أستراليا بقيمة 105.5 مليون دولار، وبكمية 190.2 ألف طن، بنسبة 3,1%، ثم فرنسا بقيمة 63.8 مليون دولار، وبكمية 63 ألف طن، بنسبة 1%، ثم ليتوانيا بقيمة 16.9 مليون دولار، وبكمية 61 ألف طن، بنسبة 1%، ثم مالديف بقيمة 3.6 مليون دولا، وبكمية 20 طن، ثم كندا بقيمة 1.8 مليون دولار، بكمية 517 ألف طن، وبنسبة 8.5%، ثم الصين 843.2 ألف دولار، وبكمية 3 آلاف طن، بنسبة 0.05%، وفي المركز الأخير كوريا الجنوبية بقيمة 280.6 ألف دولار، وبكمية 100 طن.