رخص الإفطار في رمضان.. المرض والسفر وكبر السن والحيض والنفاس
رخص الإفطار في رمضان من الأمور التي يبحث عنها الكثيرون حتى يتعرفوا على ضوابط الصيام، كما يتيح التعرف على رخص الإفطار في رمضان عدم الوقوع في المحظور بالإفطار عمدا، ومن ثم صيام شهرين متتاليين.
وتتعدد رخص الإفطار في رمضان، سواء الخاصة بالمرض، أو السفر أو حتى كبر السن، كما رخص الإفطار في رمضان خصصت للنساء في أمور معينة سوف نستعرضها في سياق التقرير التالي:
رخص الإفطار في رمضان
الإسلام دين اليُسر والسّماحة في تشريعاته وأحكامه، ويظهر هذا في التّخفيف عن المكلّفين عند مظنّة حصول المشقة، وشرع الإسلام الرّخص التي تُيسّرُ عليهم أداء الواجبات الشّرعية، واستقرّ هذا الفهم والعمل به عند أهل العلم استناداً إلى القاعدة الفقهية المشهورة "المشقّة تجلب التيسير"، والتي تؤكّد قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ).
و عرّف السّبكي -رحمه الله- الرخصة قائلا: "ما تغير من الحكم الشرعي لعذر إلى سهولة ويسر مع قيام السبب للحكم الأصلي"، وفيما يأتي بيان الرّخص التي تبيح الإفطار في رمضان.
المرض
يُبيح المرض الإفطار في رمضان هو المرض ذاته الذي يُبيح التيمُّم، ويُضبط المرض الذي يُبيح التيمُّم والفطر في رمضان؛ ما يترتّب عليه وقوع محذورٍ ما، أو ضررٍ، أو زيادته إن كان واقعاً، أو خشية بطء البُرء والشفاء منه. وأوضح العلماء أقسام المرض، وبيانها كالتالي:
المرض اليسير
وهو الذي لا تترتّب عليه أي مَشقّةٍ على الصائم، ومن الأمثلة عليه: الصُّداع، والحُمّى، ومرضى السّكري من ذوي الحالات المسيطر عليها، وذهب جمهور العلماء إلى أنّ المرض اليسير الذي لا يؤدّي الصيام معه إلى مشقّة لا يجوز الإفطار بسببه.
وذهب ابن سيرين والظاهريّة إلى اعتبار المرض عموماً سبباً مشروعاً للفطر في رمضان. المرض الذي يُباح فيه الفطر للصائم: ويُطلق عليه المرض المُرخّص؛ أي الذي يُرخّص لصاحبه الفطر.
ويقع ضمن هذا النّوع المرض الذي يتمكّن صاحبه من الصوم، ولكنّه يتضرّر بالصيام مضرّة لا تؤدي به إلى الهلاك، أو يؤدي الصيام إلى زيادة المرض المؤدي إلى الهلاك، أو يكون صيامه سبباً في زيادة المرض واستفحاله.
وذهب الحنفية والشافعية إلى أنه يباح له الفطر، وذهب المالكية إلى أنّه يستحبّ له الفطر، والصوم في حقّه مكروه.
المرض المُوجب للفطر:
وهو الذي لا يستطيع المسلم بسببه الصيام؛ إذ يُؤدّي إلى الهلاك، ويكون بتقدير الأطبّاء الثقات، فعلى المريض في تلك الحالة الإفطار، ويَحرُم عليه الصيام؛ إذ يؤدّي بنفسه إلى الهلاك. وأمر الله -سبحانه- بحفظها.
قال تعالى (وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)، وقال أيضاً: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ).
السفر
اتّفق كثير من أهل العلم على شروط السّفر المُبيحة للفطر؛ فاشترطوا أولاً أنْ تكون مسافة السّفر لا تقلّ عن واحدٍ وثمانين كيلو متراً، وهي المسافة التي تبيح قصر الصلاة، وأن يشرع المرء في السّفر قبل طلوع الفجر.
وترخّص الحنابلة في الشرط الأخير، وزاد الشافعية شرطاً ثالثاً؛ وهو أنْ لا يكون المرء دائم السّفر؛ فلا يصحّ له الفِطر إلا إذا لحقته مشقة من الصوم.
الحيض والنَّفاس
يجب الإفطار في رمضان؛ بسبب الحيض والنَّفاس، إذ يحرُم على الحائض والنفساء الامتناع عن المُفطرات بنيّة الصيام، ولعلّ الحكمة من إيجاب الفطر على النساء في الحيض والنَّفاس؛ الضعف الذي يصيبهنّ فيهما، فأشبهن المريض الذي أُبيح له الفطر.
ولا يجوز للمرأة الحائض أن تنوي الصيام إلّا بعد أن تتحقّق من الطُّهر الكامل، فإن تحقّقت من الطُّهر قبل الفجر وجب عليها الصيام حتى لو أخّرت الغُسل، أمّا إن طهُرَت بعد الفجر فلا يجوز لها الصيام، وإنّما تفطر وتقضي اليوم الذي أفطرته، ولا يجوز إتمام الصيام لمَن أدركها الحيض قبل غروب الشمس؛ إذ يتوجّب عليها ترك الإمساك، وقضاء ذلك اليوم.
كِبَر السِّن
من الأسباب المُبيحة للفطر في رمضان، واتّفق العلماء على إباحة الفطر لكبير السِّن العاجز الذي تلحقه مَشقّةٌ كبيرةٌ بسبب الصيام، أو يخشى على نفسه الهلاك.
الحمل والرِّضاع
ذهب أهل العلم إلى إباحة الفطر في رمضان للمرأة الحامل والمرضع، استدلالاً بأدلة كثيرة، منها جاء في السنّة النبويّة، حيث يقول النبي -صلى الله عليه وسلم: إن اللهَ وضع عن المسافرِ الصوم وشطرَ الصلاةِ، وعن الحاملِ أو المرضعِ الصومَ أو الصيامَ).
وللعلماء تفصيل في المسألة من حيث إذا كان خوف الحامل والمرضع من الصيام وقوع ضرر على أنفسهما وولديهما معاً، أم على أنفسهما فقط، أم على ولديهما فقط.
القضاء
يترتّب على الإفطار في رمضان القضاء دون دفع فديةٍ في حالاتٍ مُعيّنةٍ، كإفطار المُغمى عليه، ومَن نسِيَ عقد نيّة الصيام، أو تعمّد عدم عَقدها، وتُستحَبّ للمسلم المبادرة والتعجيل في قضاء الأيّام التي أفطرها في رمضان.
ويتوجّب القضاء عليه إن تبقّى لدخول رمضان التالي مثل عدد الأيام التي أفطرها، وقال الشافعيّة بوجوب القضاء فوراً دون تأجيلٍ إن كان الفطر عَمداً دون عذرٍ شرعيٍّ، بينما قال الحنفيّة بأنّ زمن القضاء مُوسّعٌ؛ فلا يأثم المسلم بتأخيره إلى حين دخول رمضان التالي.
الفدية
يتوجّب أداء الفدية عن الكبير في السِنّ الذي يعجز عن الصيام، ومثله المريض الذي يُعاني مرضاً مُزمناً، أو مرضاً لا يُرجى الشفاء منه؛ حيث يُباح له الإفطار في رمضان، مع دفع فديةٍ عن كلّ يومٍ أفطره.
القضاء والفدية
تجب الفدية مع القضاء على مَن أفطر؛ خوفاً على غيره، كمن أفطر لإنقاذ غيره من الموت، أو الهلاك، كما تجب الفدية مع القضاء أيضاً على من أخّر القضاء إلى رمضان التالي، وهو قادرٌ على الصيام.
قال جمهور العلماء من الشافعيّة، والمالكيّة، والحنابلة بوجوب الفدية على من أخّر قضاء ما أفطره من رمضان إلى حين دخول رمضان آخرٍ، وقال الشافعيّة بتكرار الفدية بمُضِيّ السنين.
و قال الحنفيّة بوجوب القضاء دون فديةٍ على تأخير القضاء إلى دخول رمضان آخرٍ؛ سواء كان التأخير بعذرٍ، أم دون عذرٍ.
وتعدّدتْ آراء العلماء في ترتُّب الفدية على الحامل والمُرضع إن أفطرتا في رمضان؛ إن خافتا على نفسَيهما، أو على ولدَيهما، أو على نفسَيهما وولدَيهما معاً، حيث أجاز المالكيّة للحامل والمُرضع الإفطار في رمضان، ويتوجّب عليهما القضاء، دون الفدية على الحامل، ووجوبها على المُرضع.
وقال الحنفيّة بجواز الإفطار للحامل والمُرضع، وعليهما القضاء فقط دون فديةٍ. أما الشافعيّة، والحنابلة فذهبوا إلى جواز الفطر للمرأة الحامل والمرضع، ويتوجّب عليهما القضاء دون الفدية؛ إن خافتا على نفسَيهما، أو على ولدَيهما مع نفسَيهما، أمّا إن كان الخوف على الولد فقط؛ فيتوجّب دفع الفدية مع القضاء.