خطيب الأزهر: التكافل ووحدة الصف ضمانة لتحقيق أمن المجتمع واستقراره
قال مدير مركز الأزهر العالمي للفتوي الإلكترونية، الدكتور أسامة الحديدي، إن توجيه النبي "صلى الله عليه وسلم" لأمته لم يكن بالإكثار من الصلاة والصوم فقط، وإنما الإكثار من كل أعمال البر والخير، وحينما هاجر صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة واجه العديد من الابتلاءات وحث على تجاوزها، واتخذ أسباب ذلك بالمآخاة والتكافل لما في هذين الخلقين من الرحمة والرأفة بالفقراء والمحتاجين، والضمانة الحقيقية لأمن المجتمع واستقراره، وتماسكه وقوته وهو القائل: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
وأوضح مدير مركز الأزهر العالمي للفتوي الإلكترونية - في خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، والتي جاءت تحت عنوان "دور التكافل ووحدة الصف في تجاوز الأزمات" - أن النبي "صلى الله عليه وسلم" كان ربى أمته على التكافل المعنوي، بمعنى أن يتضامن الإنسان مع أخيه الإنسان معنويا فيفرح لفرحه ويحزن لحزنه، لدرجة يظهر معها مظاهر حرصه "صلى الله عليه وسلم" على ضرورة التمسك بالتكافل وإعانة المحتاجين ومساعدتهم، خاصة في وقت الأزمات التي تمر بها الأفراد والمجتمعات، ضمانا لوحدة الصف وتماسك المجتمع، مشيرا إلى أن الإنسان لا يعيش منفردًا منعزلًا عن غيره، ولهذا فإن سعادة الإنسان لا تكتمل إلا في إطار من الألفة والتعاون والتراحم، وهي المعاني الذي يحدثها التمسك بخلق التكافل، هذا الخلق الذي يشعر الأغنياء بقيمتهم ودورهم، ويحفظ للفقراء إنسانيتهم وكرامتهم، كما أنه وفي الوقت نفسه ينعكس إيجابيا على التكامل في كل مجالات ومناحي الحياة، بما يحقق استقرار المجتمعات وأمنها.
وأضاف خطيب الجامع الأزهر أنه من الواجب على كل واحد منا أن يكون له دور في تجاوز الأزمات التي تمر بها مجتمعاتنا، بأن يكون نافعا لغيره معينا له، مشددا على موقف الإسلام من المتخاذلين والمحبطين الذين لم يتركوا عالما ولا صانعا ولا زارعا إلا نالوا منه، والذين يستغلون الأزمات لشق صف الأمة بقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن جرير الطبري: "إن الله كره لكم الفرقة وقدم لكم فيها وحذركموها ونهاكم عنها، وأحب لكم السمع والطاعة والألفة والجماعة فارضوا ما رضيه الله لكم ما استطعتم".
وبين خطيب الجامع الأزهر أنه لن يحدث التراحم إلا بالتمسك بقيم الإسلام العظيمة التي حثنا عليها النبي "صلى الله عليه وسلم" وقدمها على العبادة في حديثه: "أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشوا السَّلامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا باللَّيْل وَالنَّاسُ نِيامٌ، تَدخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلامٍ"، مبرزا الأهمية الكبيرة لأن يشعر الإنسان بأخيه الإنسان، موضحا أن كل مطالب أن يقوم بدوره، فالعالم يقوم بدوره في توجيه الناس وتوعيتهم، والتاجر يقوم بدوره في بيع السلع وعدم إخفائها والمغالاة في ثمنها، والصانع يضاعف من إنتاجه ليقابل حالة الطلب المتزايد فتستقر الأسعار، وتتوفر احتياجات الناس، مشددا على أن التكافل والتعاون هو سبب وحدة الأمة وتماسكها، ولهذا فقد جاء الأمر القرآني بضرورة الالتزام بهذا الخلق الكريم حين قال الله تعالى: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا".