مصر تدعو إلى استراتيجية عربية ووطنية لدعم البحث العلمي في المجالات الصحية المختلفة
دعا الدكتور خالد عبد الغفار القائم بأعمال وزير الصحة والسكان وزير التعليم العالي والبحث العلمي رئيس المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب، إلى ضرورة إقرار "استراتيجية عربية ووطنية لدعم البحث العلمي" في المجالات الصحية المختلفة، من أجل بنية صحية قوية وأنظمة صحية قادرة على مواجهة التحديات الوبائية المستقبلية.
جاء ذلك في كلمة الدكتور خالد عبدالغفار، اليوم الخميس، أمام الجلسة الافتتاحية للدورة 56 لمجلس وزراء الصحة العرب، والتي انطلقت أعمالها بمقر الجامعة العربية.
وأكد الدكتور عبدالغفار أهمية أن نتقاسم الإمكانيات العربية القادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من احتياجاتنا العربية سواء في مجال إنتاج اللقاحات أو في مجال الدواء والمستلزمات الطبية، وأن نقر استراتيجية عربية بحثية تكون قاعدة قوية لدعم قدراتنا التصنيعية، مضيفا "لدينا في مصر سابقة وتجربة متميزة بحثية وصناعية كما يمكننا الاستفادة من إنجازات وتجارب الدول العربية والاسترشاد بجهودهم في وضع تلك الاستراتيجية".
وتابع :"إذا كنا بصدد الحديث عن تحرك بحثي وتصنيعي، فإن الأمر يقتضي تمويلاً يدفع هذا البحث نحو تحقيق أهدافه يمكن بلورة هذا التمويل في إطار (صندوق بحث عربي مشترك) لدعم الأبحاث الخاصة بالعلوم المختلفة، خاصة في الدول العربية التي تمتلك قدرات تصنيعية وبنية تحتية ملائمة، وكما توحدت الأوبئة والمخاطر الصحية في مواجهتنا، فعلينا جميعا أن نوحد الجهود العربية في مواجهة تلك الأوبئة عبر إحصاء ودراسة الأمراض المنتشرة والمتوطنة في بلداننا العربية ودعم القطاعات البحثية في تلك البلدان للوصول إلى مرحلة التكامل البحثي فيما بيننا، وهو ما سيفضي إلى تكامل واكتفاء ذاتي في إنتاج اللقاحات والأدوية لمكافحة تلك الأمراض والأوبئة".
وقال عبدالغفار إن مصر انطلاقا من دورها العربي الذي تستند فيه على ثقة أشقائها من الدول العربية، حريصة كل الحرص على استمرار التكاتف ودعم الجهود لإنجاح كافة القرارات الصادرة عن مجلس وزراء الصحة العرب في دوراته المتتالية، ولا تألو جهدًا في سبيل جعل تلك القرارات واقعا ملموسا يمس صحة وسلامة مواطنينا عبر تعزيز آليات التعاون العربي والدولي المشترك لخدمة أهداف ومبادئ جامعتنا العربية في النهاية.
وأشار عبدالغفار إلى أنه خلال رئاسته، أمس، لاجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب واستنادًا إلى المشاورات والتوصيات التي صدرت عن الاجتماع الحادي عشر للجنة الفنية الاستشارية لمجلس وزراء الصحة العرب، والتي حرصت على متابعة توصياتها وما آلت إليه مخرجاتها، فلقد ارتأى المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب خلال اجتماعه إلى تفعيل عدد من التوصيات والقرارات ذات الأهمية، وهي دفع الجهود العربية المشتركة نحو إقرار الاستراتيجية العربية لتوحيد إجراءات تسجيل واعتماد اللقاحات واستخدامها داخل البلدان العربية.
وأوضح: "لقد خطونا خطوات كبيرة نحو إعداد تلك الاستراتيجية والتشاور بشأن مدخلات ومقترحات الدول الأعضاء بشأنها على أن يسترشد بهذه الاستراتيجية كوثيقة مرجعية في أعمال فريق العمل المنصوص عليه في قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي بشأن المبادئ العامة الاسترشادية العربية لتوحيد إجراءات تسجيل واعتماد اللقاحات واستخدامها بين الدول العربية".
وأشار إلى مشروع الاستراتيجية العربية للحصول على لقاحات (كوفيد 19) وتوحيد الجهود المبذولة لضمان التوفير والتوزيع العادل لتلك اللقاحات على الدول العربية، والتي جاءت كمقترح ذي أهمية كبرى من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، على أن تقوم الدول العربية الأعضاء بموافاة جامعة الدول العربية بكافة احتياجاتها اللوجيستية والتقنية المتعلقة بالحصول على تلك اللقاحات.
وتابع عبدالغفار: "وحيث أن التجارب الناجحة والرائدة لدولنا العربية في المجال الصحي هي منبر مضيء لنا جميعا، فإنه من الضروري نشر تلك التجارب الناجحة بصفة دورية للاسترشاد بها ولتكون بمثابة خارطة طريق لتعظيم الاستفادة العربية منها وتدعيم أسس نُظمنا الصحية على أساس علمي منهجي".
ونوه الوزير بترحيب الدول العربية الشقيقة باستضافة مصر لاجتماع الهيئات العليا للدواء والغذاء للعام 2023، متمنياً كل التوفيق للمملكة العربية السعودية في تنظيمها للاجتماع القادم العام الجاري.
وأكد أن البحث العلمي هو السبيل الأوحد للنهوض بأنظمتنا الصحية، مشيرًا إلى أنه تم التوافق نحو تشكيل لجنة عليا بالتعاون بين مصر وباقي البلاد العربية لتحديث وتطوير الدراسة المتعلقة بإنشاء "المركز العربي للأبحاث الصحية والمعملية"، وأن تتولى هذه اللجنة أيضا دراسة المقترح الذي سبق وأن تقدم به الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بإنشاء "منظمة الصحة العربية"، على أن تضم تلك اللجنة خبراء من الدول العربية لوضع هذه الدراسة لسهولة حوكمة تلك المؤسسات الصحية المزمع إنشاؤها.
وأشار إلى أن الدورات السابقة لمجلس وزراء الصحة العرب ارتكزت على ركيزة أساسية وهي تعزيز الاستجابة السريعة والتنسيق العربي المشترك لمواجهة تداعيات وخطر جائحة (كوفيد19)، وعلينا أن نركز في دورتنا الحالية على تعزيز النظم الصحية العربية، مع إعطاء الأولوية لدعم البلدان العربية ذات النظم الصحية التي تحتاج إلى تعزيز لمواجهة التحديات المستقبلية.
وأشاد عبدالغفار بالمقترح الأردني بأن يكون محور دورتنا "الاستجابة للأوبئة في المستقبل" وتوحيد الجهود العربية، من أجل الوصول والحصول على الكم الكافي من لقاحات (كوفيد19) وتحقيق الاكتفاء الذاتي منه، ليس فقط من خلال الحصول عليه من الآليات الدولية بل أيضاً الانخراط في عملية إنتاج اللقاحات وتوطين تكنولوجيا تصنيعها.
وتابع: "لدينا في مصر تجربة فريدة ومتميزة تقودها شركة فاكسيرا من خلال نموذج ناجح بالتعاون مع شركائنا في جمهورية الصين الشعبية، والذي أتت ثماره في وقت قياسي ونحن الآن بصدد توطين تكنولوجيا تصنيع لقاحات (سينوفاك) في مصر، حيث تسعى مصر لأن تصبح مركزاً لإنتاج وتصنيع اللقاحات لتوفيرها للدول العربية والإفريقية، ولتحقيق الاكتفاء الذاتي من تلك اللقاحات".
وأوضح أن مصر أصبحت واحدة ضمن 6 دول تلقت تكنولوجيا إنتاج لقاحات كورونا بتقنية (mRNA) بجانب حصول تونس على نفس التكنولوجيا، وفي إطار دعم وحرص القيادة السياسية المصرية على دعم جهود تصنيع اللقاحات فقد قدم الرئيس عبد الفتاح السيسي الشكر لمنظمة الصحة العالمية لجهودها في هذا الصدد.
وأكد أنه في إطار الدور التاريخي المعهود الذي أخذته جامعة الدول العربية على عاتقها تجاه الدول الأعضاء بها، فإن مجلس وزراء الصحة العرب حريص على استمرار الدعم المقدم لكافة الدول العربية التي تواجه أزمات صحية وإنسانية، داعيا إلى استمرار تدفق المساعدات سواء بمبادرات فردية أو في إطار مجلس وزراء الصحة العرب إلى أخواننا في البلدان العربية التي تحتاج دعماً كبيرا لنظمها الصحية التي أرهقتها الجائحة، فالأعباء أصبحت مثقلة فوق كاهلهم وما يواجهونه من تحديات إنسانية يستدعي التسابق لدعمهم ونجدتهم.
وقال عبدالغفار "لا يخفى علينا المسئولية الكبيرة الذي يضطلع بها المجلس العربي للاختصاصات الصحية، والدور الهام الذي يقوم به في إعداد ودعم القدرات والإمكانيات الخاصة بالكوادر الطبية العربية، وما لهذا من مردود إيجابي في دعم النظم الصحية العربية في ظل ما يمر به عالمنا العربي من جوائح ومشاكل صحية، ونحرص على استمرار دعمه في ممارسه مهامه تحت لواء مجلس وزراء الصحة العرب، وفي إطار ما يصدر عنه من قرارات كأحد الأجهزة التي تتبع مجلس وزراء الصحة العرب".
وتقدم عبدالغفار بالتهنئة للأطباء الفائزين بجائزة الطبيب العربي، متمنياً لهم خالص النجاح والتوفيق، حيث كشفت تلك الجائزة عن أن عالمنا العربي مليء بالكوادر الطبية والبحثية المشرفة، مؤكدا دعم مقترح اللجنة الفنية الاستشارية بإنشاء منصة تكون منطلقاً لنشر السير الذاتية وجهود أطبائنا لتكون قدوة ومثلا لشبابنا العربي ودافعا نحو تعزيز المكانة العربية لأطبائنا في المحافل الدولية.
كما تقدم بالشكر للأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، على الجهود الكبيرة التي تبذلها الجامعة العربية وأجهزتها ومازالت تبذلها في مواجهة المخاطر المحدقة ببلداننا العربية صحيا واجتماعيا، داعيا الجميع شعوبًا وحكومات إلى التكاتف سويا وتنسيق التعاون العربي والدولي، من أجل الوصول بشعوبنا وأممنا إلى حيث عاهدناهم، إلى بر الأمان والاستقرار الصحي والاجتماعي، مؤكدا أن "تكاتفنا وترابطنا هو السبيل الوحيد نحو النجاة من المخاطر الحالية ومن أية مخاطر متوقعة قد تواجهنا في المستقبل".