الشحن البحري العالمي يتكبد أضرارا جسيمة بسبب نزاع أوكرانيا
سلطت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية الضوء على الأضرار التي تكبدها مجال الشحن البحري العالمي على خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وأشارت المجلة في تحليل على موقعها الإلكتروني، اليوم الثلاثاء، إلى أن بريطانيا حظرت رسو السفن الروسية في موانئها، والاتحاد الأوروبي سيتبع تلك الخطوة قريبا، بينما أعلنت أكبر ثلاثة خطوط شحن أن سفنها لن ترسو في الموانئ الروسية، كما أن الموانئ الأوكرانية أغلقت بالكامل، وهو ما يتسبب في أضرار هائلة للشحن الدولي المسئول عن نقل 80% من التجارة العالمية.
وذكرت المجلة أن السفن تُبحر الآن عبر المحيطات غير قادرة على تسليم أو استلام الشحنات، ومازالت هناك نحو 140 سفينة تجارة عالقة في الموانئ الأوكرانية تواجه خطر تلقي النيران بينما بدأت المواد الغذائية والأساسيات الأخرى على متنها في النفاد، منوهة بأن بقية العالم ينبغي أن يبدي مزيدا من الاهتمام لوضع تلك السفن، إذا لم يكن بسبب وضعهم المأساوي فبسبب الحمولات بالغة الأهمية على متنها.
وضربت المجلة مثالا على ناقلة النفط "إن إس تشامبيون" التي واجهت فجأة أزمة طارئة في الأول من مارس الجاري بينما كانت تتجه نحو إحدى محطات النفط الاسكتلندية، ورغم إبحار تلك السفينة تحت العلم الليبيري فإنها مملوكة لأكبر شركة شحن روسية "سوفكوم فلوت"، وقبل وصولها إلى محطتها كانت الحكومة البريطانية قد أعلنت إغلاق كل موانئها أمام السفن الروسية، واضطرت ناقلة النفط إلى استكمال الإبحار دون تسليم حمولتها إلى محطتها القادمة ميناء سكاجن الدنماركي، لكن في القريب العاجل لن تكون "إن إس تشامبيون" على تسليم حمولتها هناك أيضا، لأنه من المتوقع أن يعلن الاتحاد الأوروبي قريبا عن إغلاق موانئه أيضا أمام السفن الروسية.
ولفتت المجلة إلى أن كندا بالفعل أغلقت موانئها أمام السفن الروسية، بينما أعلنت شركة البحر المتوسط للشحن في سويسرا، وهي أكبر شركة شحن في العالم، تعليق كل أعمالها من وإلى روسيا، وكذلك تبعتها ثاني وثالث أكبر شركات الشحن الدنماركية "مايرسك" والفرنسية "سي إم إيه"، وامتدت سلسلة تعليق الشحن إلى شركة "أوشن نيتورك إكسبرس" في سنغافورة، و"هاباج لويد" الألمانية.
ويعني هذا أن روسيا ستكون معزولة عن أغلب مناطق العالم، قادرة فقط على استقبال وإرسال السلع والبضائع عبر شركات الشحن الآسيوية مثل شركة "كوسكو" الصينية، وفي الوقت نفسه فإن أوكرانيا بالفعل أصبحت معزولة عن العالم بينما يتحول الأوكسجين الطبي والإمدادات العلاجية في البلاد إلى سلع نادرة.
وأشارت المجلة إلى أن تلك الأخبار سيئة للغاية بالنسبة لأوكرانيا وكذلك المواطنين الروس، لكن تلك أخبار سيئة أيضا لصناعة الشحن العالمي، فالمحيطات أصبحت مليئة بالسفن التي تحولت رحلاتها البحرية إلى فوضى عارمة؛ لأن السفن ليس بإمكانها تسليم الشحنات أو استلام الشحنات المُخطط لها، وينبغي أن يتم إعادة الشحنات التي على متنها إلى الراسل مرة أخرى، لكن طبقا لحجم الشحن العالمي الذي يبلغ معدله نحو طن ونصف من السلع لكل شخص على سطح الكوكب سنويا، فإنه لا يوجد مساحات كافية في موانئ العالم لتخزين هذه الكمية من البضائع والتي قد تكون بعضها قابلة للتلف.
وتعد الأزمة الأكثر إلحاحا، حسب المجلة، هي طواقم عمل تلك السفن العالقة الذين أصبحوا بلا وجهة، لافتة إلى أنه ينبغي إعادتهم إلى أوطانهم، لكن بعضهم أوكرانيين ولا يريدون العودة إلى بلادهم لأن ذلك سيعني عدم قدرتهم على المغادرة مرة أخرى، أما البحارة الروس فإن عودتهم تعني انقطاع رواتبهم بسبب العقوبات المفروضة ضد موسكو، وفي الوقت نفسه يأتي ذلك بعد معاناة طواقم البحار لشهور طويلة بسبب جائحة فيروس كورونا التي أجبرتهم على البقاء داخل السفن حتى عند الرسو في بعض الموانئ.