«توثيق لأواصر التعاون الاقتصادي».. كيف ينظر الخبراء لمشاركة مصر في قمة الاتحاد الأوروبي الأفريقي؟
في ظل التحديات والمخاطر التي تواجه المنطقة، تظل السياسة المصرية، منذ وصول الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلى سدة الحكم في عام 2014، ثابتة واضحة للمجتمع الدولي التي تعتمد على الشراكة، وهو ما ترجم مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي، في العديد من المحافل الدولية لمناقشة ووضع حلول للعديد من الأزمات تمر بها المنطقة سواء على المستوى الأمني أو الاقتصادي.
النجاحات التي حققتها الدولة المصرية، سواء على المستوى الأمني في مواجهة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى عمليات التنمية داخليا، وضعت ثقة دول العالم فيها لتكون شريكا برؤية قيادتها السياسة في المخاطر والتحديات التي يواجه العالم، وهو ما وضح خلال الفعاليات الدولية الأخيرة، منها المشاركة في قمة جلاسكو في بريطانيا، والحديث عن أزمة تغير المناخ والتداعيات السلبية لها.
تطور العلاقات المصرية - الأوروبية:
وتأتي مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي، في فعاليات الدورة السادسة للقمة الأوربية – الإفريقية بالعاصمة البلجيكية بروكسل، لتؤكد مدى التطور الملموس في العلاقات المصرية - الأوروبية في عهد الرئيس السيسي، والعمل على تعزيز سبل التعاون المشترك خاصة في ظل تحديات الوقت الراهن، منها جائحة كورونا وتغير المناخ والهجرة غير الشرعية، وأن مصر تمثل ركيزة أساسية للاستقرار في الشرق الأوسط، ويعتبرها الشركاء الأوروبيون بوابة إفريقيا.
ركز الرئيس السيسي، خلال مشاركته في فعاليات القمة، على مختلف الموضوعات التي تهم الدول الإفريقية، خاصة ما يتعلق بتعزيز الجهود الدولية لتيسير اندماجها في الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى تأكيد ضرورة تقديم المساندة الفعالة لهذه الدول في سعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، بالإضافة إلى استعراض استعدادات مصر لاستضافة قمة الأمم المتحدة المقبلة للمناخ في نوفمبر 2022، والجهود المصرية في هذا الإطار لخروجها بنتائج متوازنة وقابلة للتنفيذ، والدفع نحو أهمية بلورة رؤية مشتركة لدعم وتمويل القارة الإفريقية خلال جائحة «كورونا».
توصيات مهمة لدول القارة السمراء:
تقول السفيرة منى عمر، مساعد وزير الخارجية للشئون الإفريقية السابقة، في تصريحات خاصة إلى «مستقبل وطن نيوز»، إن القمة الأوروبية - الإفريقية، خرجت بالعديد من التوصيات المهمة، مشددة على أن القمة أظهرت مدى المكانة التي يوليها العالم للدولة المصرية في عهد الرئيس السيسي.
انعقاد القمة، جاء بالتزامن مع العديد من التحديات التي تواجه القارة السمراء منها الاقتصادية والصحية خاصة في ظل المخاطر الناجمة عن تغير المناخ، وهو ما يتطلب جهودا دولية تجاه هذه الأزمات خاصة الدول التي تقبع تحت دائرة الفقر، وهو ما أكده الرئيس أن استضافة مصر لقمة المناخ العالمية المقبلة في نوفمبر 2022 تأتي بالنظر إلى إدراك مصر لخطورة التحدي الذي تمثله ظاهرة تغير المناخ، والخروج بنتائج متوازنة وقابلة للتنفيذ لرفع طموح عمل المناخ بكافة مكوناته، سواء على صعيد خفض الانبعاثات أو التكيّف.
وتؤكد السفيرة منى عمر، أن الرئيس السيسي، أكد مدى عزم الدولة المصرية على التواجد والمشاركة في مثل هذه التحديات نظرا للمكانة الدولية لها، مشيرة إلى أن الرئيس أكد مشاركة الدول الأوروبية والإفريقية في القمة المقبلة ونجاح هذه القمة وإيجاد الحلول لهذه الأزمة، بجانب الحديث عن الحلول السلمية للأزمات منها أزمة ليبيا وسوريا.
لطالما كان الرئيس السيسي، داعما للقارة السمراء، في العديد من الملفات، وهو ما برهنه خلال كلمته في القمة، بضرورة تقديم الدعم إلى الدول الإفريقية بما فيها مصر لمواجهة تداعيات كورونا، وأن ذلك يمثل خطوة على الطريق نحو الشراكة الشاملة التي يتم السعي إليها في المجال الصحي.
وتشير مساعد وزير الخارجية السابقة، إلى إن إفريقيا ستستفيد كثيرا من القمة التي عقدت على مدار يومين، خاصة بعد تخصيص 150 مليار يورو لمساعدة دول إفريقيا، وإعطاء الأولوية للبنية التحتية والطاقة، بالإضافة إلى دعم الاقتصاد الأخضر، لافتة إلى أن مجمل التوصيات التي خرجت في ختام أعمال القمة، لا ينقصها سوى الترجمة الحقيقة واستفادة دول القارة السمراء منها، في ظل ما تعانيها من تحديات سواء من الناحية الصحية والاقتصادية، حيث لم يتم تطعيم سوى 11% من مواطني إفريقيا بلقاحات كورونا، وهو ما تم الحديث عنه بتخصيص 450 مليون يورو لتسريع حملات التطعيم ودعم توزيع الجرعات وتدريب الفرق الطبية داخل القارة السمراء.
مكافحة الهجرة غير الشرعية:
الدولة المصرية نجحت في أن تقدم نموذجا دوليا في محاربة الهجرة غير المشروعة وسط إشادات دولية بتعامل الدولة المصرية، منذ عام 2016، وإطلاق أول استراتيجية وطنية لمكافحة الهجرة غير المشروعة والذى وضع عقوبات رادعة لهذه الظاهرة بتجريمه جميع أشكال تهريب المهاجرين.
السفيرة منى عمر، تقول في هذا الصدد، إن مصر ينظر لها بعين الاعتبار في مجالي مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية من جانب دول العالم وتعمل على الاستفادة من الخبرات المصرية في ظل النجاحات التي حققتها في مواجهة الإرهاب وظاهرة الهجرة غير الشرعية التي باتت تؤرق أوروبا كثيرا.
والتقى الرئيس السيسي، مع عدد من الشركات البلجيكية، لمتابعة التعاون في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر لتوليد الطاقة، مؤكدا استراتيجية مصر الوطنية لتعزيز الاستخدامات من الوقود البديل والاتجاه الي الطاقة الخضراء النظيفة، مع التركيز في هذا الإطار على إنتاج الهيدروجين الأخضر بالتعاون مع الشركاء الأجانب وفقاً لرؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.
تعقب مساعد وزير الخارجية السابقة، قائلة إن اللقاءات التي عقدها الرئيس السيسي، مع رؤساء الشركات تأتى لتوثيق أواصر التعاون الاقتصادي والتجاري ودعم الاقتصاد المصري، في ظل البرنامج الاقتصادي الذي تخوضه الدولة وسط إشادات دولية به، وهو يأتي ضمن خطوات بناء الجمهورية الجديدة.
مخاطر التغير المناخي:
وترأس الرئيس السيسي، جلسة التغير المناخي، خلال فعاليات القمة، والتي حظيت بحضور كبير خاصة في ظل ما تعانيه الدول الإفريقية من مخاطر كبيرة جراء التداعيات السلبية لهذه الظاهرة وأهم هذه المخاطر التي تنشأ عن ظاهرة التغير المناخي غرق السواحل الناتج عن ارتفاع سطح البحر وما ينتج عنه من تشريد ملايين السكان في المدن الساحلية أو ما يعرف بلاجئي المناخ.
يقول الدكتور عطية الطنطاوي، عميد كلية الدراسات الإفريقية، بجامعة القاهرة، في تصريحات خاصة إلى «مستقبل وطن نيوز»، إنه دائما ما تكون قضية التغيرات المناخية على رأس الموضوعات التي تناقشها القمم الدولية، موضحا أن العالم يعقد الآمال على قمة شرم الشيخ المقبلة والتي يظهر من خلالها مدى جدية دول العالم في تنفيذ تعهداتها لتقليل استخدام الوقود الحفرى واستبداله بالطاقة النظيفة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية وعمل فلاتر لتنقية عوادم المصانع والسيارات والالتزام بالاقتصاد الأخضر وإعادة سياسة التشجير وإعادة الغابة لسابق عهدها لأنها تمثل مخزنا لثاني أكسيد الكربون الملوث الرئيس للغلاف الجوي والمسبب لظاهرة الاحتباس الحرارى بالإضافة لالتزام الدول الأوربية بدفع تعويضات للدول الإفريقية وعمل مشروعات لتقنيات نظيفة داخل القارة الإفريقية وتسهيل نقل التكنولوجيا في مجال الطاقة النظيفة.
ويؤكد أن الرئيس السيسي، تناول في حديثه أهم التحديات التي تعانى منها القارة الإفريقية جراء التغيرات المناخية، خاصة وأن القارة غير مسئولة عن مسببات التغير وإنما هي الأكثر تأثرا بالظاهرة، لافتا إلى أن الدول المتقدمة ومنها الدول الأوروبية المسئولة عن التغير المناخي بسبب الانبعاثات الهائلة التي تطلقها في الغلاف الجوي سنويا نتيجة الاستخدام المفرط للوقود الحفرى، ودائما ما يطلب الرئيس الدعم والالتزام بالتعهدات التي قطعتها الدول الأوربية تجاه القارة الإفريقية.