المشاركون بـ «مؤتمر الأوقاف» يطالبون المؤسسات التربوية والإعلامية بدعم منظومة القيم والأخلاق
دعا المشاركون في المؤتمر الثاني والثلاثين الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، كل المؤسسات التربوية والصحفية والإعلامية إلى العمل على توجيه المواطنين إلى منظومة القيم والأخلاق الحسنة التي تُعَدّ أساس التعايش بين الناس؛ حتى يعيش الإنسان في سعادة ووئام مع مجتمعه.
جاء ذلك في الجلسة العلمية الثانية لأعمال المؤتمر الذي ينظم بعنوان: "عقد المواطنة وأثره في تحقيق السلام المجتمعي والعالمي" تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي وبرئاسة وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، اليوم، والتي شارك فيها كل من: أستاذ الفقه بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر الدكتور محمد عبد الستار الجبالي، الكاتب الصحفي الدكتور وجدي زين الدين رئيس تحرير صحيفة "الوفد "، والكاتب الصحفي هاني لبيب.
وأكد المشاركون أن الإسلام لا يعارض الوطنية وحب الوطن والمواطنة ، مشددا على أن المواطنة المصرية منذ ثورة 30 يونيو قد رسخت للحقوق والواجبات بشكل يحفظ للدولة مقدراتها في شتى المجالات، مرتكزة في ذلك على منظومة العدل والمساواة بين المواطنين المصريين جميعًا.
ودعا الدكتور محمد عبد الستار الجبالي، كل المؤسسات التربوية والإعلامية إلى العمل على توجيه الناس إلى منظومة القيم والأخلاق الحسنة التي تُعَدّ أساس التعايش بين الناس؛ حتى يعيش الإنسان في سعادة ووئام مع مجتمعه، مؤكدا أن الإسلام لا يعارض الوطنية وحب الوطن والمواطنة بل يجعل كل تلك المعاني والمفاهيم من الدين، وقد دعا إلى ترسيخ أسسها ودعائمها لتحقيق السلام المجتمعي والعالمي؛ فمحبة الأوطان والانتماء إليها أمر غريزي، وطبيعة طبع الله تعالى النفوس عليها، وهي السبيل القويم للتفاعل والتعاون بين أبناء البلد الواحد وبين سائر البلدان لما فيه الخير والسعادة للإنسانية، وهذه هي الوطنية التي جاء بها الإسلام ودعا إليها.
وأضاف الجبالي ـ خلال كلمته التي جاءت تحت عنوان "أسس المواطنة وأثرها في تحقيق السلام المجتمعي والعالمي" أن أهم هذه القيم: التربية على التسامح بحيث يكون التسامح مرتبطًا بسلوكنا اليومي، فهو وحده الذي يضمن الخير للمجتمع، ويجعله يدًا واحدة، ويضمن للناس مصلحتهم وقوتهم وتماسكهم، ويحقق المواطنة بينهم، فالمواطنة هي ضمانة المجتمع من الانحلال، والتسامح الاجتماعي حينما يصبح سلوكًا تلقائيًّا غير متكلَّف هو أول دعامة من دعائم المواطنة.
وتابع الجبالي قائلا : لا شك أن المواطنة المنشودة لتحقيق السلام بصفة عامة لابد أن تقوم على أساس احترام العقود والمواثيق؛ وذلك لأن نقضها وعدم الالتزام بقواعدها يورث ضعفًا وخللًا داخل الأفراد والمجتمعات؛ ولذلك جاءت تعاليم الإسلام تأمر بالوفاء بالعهود والمواثيق، سواء أكانت عهودًا مع الله تعالى أم مع الناس وأن أيّ تقصير في الوفاء بالعهد يعتبر إثمًا كبيرًا يستوجب المقت والغضب، وأن جميع العهود التي يقطعها الإنسان على نفسه يعد مسئولًا عن الوفاء بها، ويحاسب على تركها، يقول الله تعالى: ( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا).
بدوره قال الكاتب الصحفي الدكتور وجدي زين الدين، إن مفهوم المواطنة ليس حديثًا ولا مستحدثًا في الإسلام، فقد أقام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أنبل المجتمعات، وأرسى فيها أرفع القيم، ومنها قيم المواطنة الصالحة التي تجعل كل فرد عضوًا صالحًا في مجتمعه، ولاءً وانتماءً وعملًا وسلوكًا.
وأضاف رئيس تحرير الوفد - أن من قيم المواطنة في العهد النبوي: حب الوطن، وعدم خيانته، والدفاع عنه في أوقات السلم والحرب، وحمايته من الأخطار، وصدّ الشائعات عنه، وحفظ أمنه واستقراره، والتصدي لمن يزرع الفتنة والفرقة فيه، والعناية بمصالحه العليا، وقد أرسى النبي صلى الله عليه وسلم هذه المبادئ حتى جعل المدينة النبوية واحة أمن وأمان، وتصدى بحزم لكل محاولة مغرضة لزعزعة استقرار المدينة داخليًّا وخارجيًّا.
ودعا رئيس تحرير الوفد إلى بناء العلاقة الإيجابية بين مؤسسات الوطن وأفراده، والتي تقوم على أساس الحقوق والواجبات المتبادلة والمنوطة بكل طرف، من ولاء، ووفاء، واحترام، وتوقير، وجلب المنافع، ودفع المضار، واحترام النظام والقانون، لافتا إلى أن الإسلام قد رَسَّخَ هذا الجانب صيانة للمجتمع من الخلل والفوضى، وأن النبي صلى الله عليه وسلم على روح القانون والعدالة في المجتمع، فلا ظلم ولا فوضى ولا محاباة، حيث جعل الإسلام المحافظة على الأنفس والأعراض والأموال والأوطان من الضروريات التي يجب المحافظة عليها، وحرَّم الاعتداء عليها، ووضع النبي صلى الله عليه وسلم المواثيق التي تحقق السلام في المجتمع، وترسي دعائم العلاقات السلمية بين المسلمين وغيرهم.
ومن جانبه ، أشاد الكاتب الصحفي هاني لبيب، بقرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بتعيين المستشار بولس فهمي رئيسا للمحكمة الدستورية العليا، مؤكدا أن المواطنة المصرية منذ ثورة 30 يونيو قد رسخت للحقوق والواجبات بشكل يحفظ للدولة مقدراتها في شتى المجالات، مرتكزة في ذلك على منظومة العدل والمساواة بين المواطنين المصريين جميعًا.
وأضاف لبيب ـ خلال كلمته التي جاءت تحت عنوان "استعادة وطن" - أن الاهتمام بقضية المواطنة في إطار المساواة والمشاركة الحضارية والالتزام بالحرية والعدالة يدعم اشتراك كافة المواطنين واندماجهم في تحديد مصيرهم من أجل صناعة المستقبل، وهكذا يجب الاهتمام بترسيخ مفهوم "الدولة المدنية" التي تقوم أساسًا على احترام الدين، وعلى تبجيل الإيمان.
وأوضح لبيب ، أن ثورة 30 يونيو قدمت نموذجًا واضح المعالم يجسد مفهوم "المواطنة" تجسيدًا حقيقيًّا، إذ شارك فيها جميع فئات المواطنين المصريين دون استثناء بهدف استرجاع الدولة المصرية، وقد نجح الأمر بشكل مبهر، وسرعان ما أُعيد تأسيس منظومة المواطنة المصرية بشكلها الحقيقي، وتجلى ذلك في أسلوب الدولة المصرية بعد ذلك، ومن النماذج الدالة هنا هو طريقة التعامل - في إطار منظومة "المواطنة" - مع اختلاف الديانة أو الجنس أو القدرة، ارتكازًا على إصلاحات وتعديلات تشريعية تحت مظلة المبادرات الرئاسية المتوالية التي أعلن عنها الرئيس السيسي منذ 2014م وإلى الآن؛ لتحقيق الأمن المجتمعي تراكميًّا.