«نيويورك تايمز»: أزمة أوكرانيا قد تتحول إلى مشادة دبلوماسية طويلة تستهلك دول الغرب
أبرزت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية واحدا من السيناريوهات واردة الحدوث في المواجهة بين روسيا ودول الغرب حول أوكرانيا والتي قد تتحول إلى مشادة دبلوماسية خطيرة وطويلة الأمد تنتهي بتسوية صعبة.
وأشارت الصحيفة في تحليل نشرته على موقعها الإلكتروني، إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يراهن بشكل متزايد على قدرته على عكس تحول أوكرانيا لتأييد الغرب، وحتى إذا لم يأمر بشن الغزو خلال الشتاء الجاري، فإنه يبعث رسالة واضحة بأنه سيستمر في الضغط المدعوم بالقوة حتى يتمكن من تسيير الأمور بطريقته بغض النظر عن المدى الزمني الذي سيستغرقه تحقيق ذلك.
وعلى الجانب الآخر، يرفض قادة أوكرانيا حتى الآن الخضوع لشروط بوتين، فيما ترى دول الغرب أن مطالب الكرملين بخلق مجال للنفوذ الروسي في أوروبا الشرقية ليس أفضل نقطة لبداية المفاوضات، وهو ما سيدفع الوضع في أحسن حالة إلى مشادة دبلوماسية خطيرة نحو تسوية صعبة، وهي عملية من شأنها استهلاك موارد واهتمام حكومات دول الغرب لعدة شهور على الأقل.
ولفتت الصحيفة إلى أنه خلال رحلة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من موسكو إلى كييف ثم برلين خلال يومين، الإثنين والثلاثاء، وصف الأيام القادمة بأنها حاسمة في محاولة الغرب لمنع وقوع حرب، وفي المقابل تعهد بوتين بالحفاظ على استمرار الحوار، وهو ما رأته الصحيفة أنها رسالة ضمنية بأنه سيتعمد استخدام نفوذه للتعامل مع المطالب الروسية القائمة منذ زمن طويل والتي يبدو أن الكرملين مُصمم حاليا على معالجتها.
وفي هذا الصدد، قال عميد مدرسة العلاقات الدولية في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية أندريه سوشينتسوف إنه يتوقع استمرار تلك الأزمة لمدة طويلة لكن في عدة أشكال مختلفة ربما طوال عام 2022 على الأقل.
ووصف سوشينتسوف المواجهة الحالية بـ"الخطوة الأولى" في الجهود الروسية طويلة الأمد لإجبار الغرب على بنية أمنية جديدة في أوروبا الشرقية، مضيفا أنها بداية مرحلة ذات مخاطر أكبر في صراع روسيا مع الغرب المستمر منذ سنوات والذي يكتسب رواجا كبيرا في دوائر السياسة الخارجية في موسكو.
وبحسب سوشينتسوف، تهدف روسيا إلى إبقاء التهديد بالحرب قائما بشكل دائم لتُجبر مسئولي الغرب إلى المفاوضات التي دائما ما تجنبوها حتى الآن، موضحا أن أوروبا الغربية تؤمن منذ وقت طويل أن اشتعال حرب في القارة الأوروبية بات مستحيلا، لكن بوتين رأى أن تلك الرؤية في حاجة إلى تغيير لدفع الغرب إلى الموافقة على طلبات روسيا.
وأوضح المحلل السياسي الروسي أن أهم ما في القضية هو هذا التشويق الحالي والإحساس بقلق ما قبل الحرب، مضيفا أن "الناس يحصلون على سلام شامل وطويل ويعتقدون أن الأمن هو يحصلون عليه مجانا بدلا من أن يكون شيئا يجب التفاوض عليه، وهذا خطأ".
وأشارت الصحيفة إلى أنه بالنسبة للغرب، فإن هذا التوجه قد يعني سحبهم إلى نوع جديد من "حرب أبدية" تستهلك المزيد من الوقت والأموال بدون أي استراتيجية خروج واضحة، وربما بعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان العام الماضي، فإن بوتين قد تعلم درسا مختلفا وهو أن الولايات المتحدة لم يعد لديها القدرة على الخوض في نزاعات بعيدة، وأوكرانيا بعيدة عن الولايات المتحدة لكن ليس عن روسيا.
ونوهت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي جو بايدن تولى منصبه عازما على التركيز على الشؤون الداخلية والحلفاء والتهديد طويل الأمد الذي تشكله الصين التي تنافسها على المستوى التكنولوجي والعسكري والاقتصادي، لكن الآن استولى بوتين على الاهتمام الكامل للإدارة الأمريكية.