حوار| عباس شراقي: مصر تأثرت بموجة التغيرات المناخية.. وحديث غرق الإسكندرية غير حقيقي
لا يمكن الإقرار بالتغييرات المناخية إلا بعد فترة طويلة
الانفجارات الشمسية من أهم أسباب تغير المناخ
خفض معدل الانبعاثات الحرارية أحد سبل مواجهة التغيرات المناخية
موجة التغيرات المناخية التي تتأثر بها مصر لا تؤثر على مواردها المائية
الإسكندرية لن تغرق وذلك بسبب عوامل جغرافية
تعتبر التغيرات المناخية ومواجهة آثارها قضية محورية تشغل حيزًا كبيرًا في اهتمامات الدول، لما يترتب عليها من آثار سلبية تتجلى في صورة موجات طقس عديدة قد تؤدي إلى تدمير الموارد الطبيعية واختفاء مدن بالكامل نتيجة ارتفاع منسوب سطح البحر بسبب زيادة درجات الحرارة، لذا لا سبيل أمام العالم سوى مواجهة تغيرات المناخ ودعم الدول الأشد تأثير بالاحتباس الحراري.
وتعتبر مصر من الدول التي تتأثر بآثار موجة التغيرات المناخية، ويتضح ذلك من خلال الظواهر الجوية غير المعتادة التي حدثت خلال السنوات القليلة الماضية، إذ يشهد فصل الصيف ارتفاع درجات الحرارة بشكل ملحوظ، وفي الشتاء تنخفض درجات الحرارة عن المعتاد، بينما شهدت محافظة أسوان تساقط حبات البرد "الثلوج" في الخريف الماضي.
وحذر مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ في دورته الـ26، التي عقدت في جلاسكو، نوفمبر الماضي، من خطورة استمرار زيادة درجات الحرارة عن المعدل الطبيعي لما لذلك من تأثيرات سلبية أهمها ارتفاع منسوب سطح البحر مما يؤدي إلى غرق مدن بأكملها، فضلًا عن تغيرات بيئية عديدة.
ولتوضيح مخاطر التغيرات المناخية وأسبابها وآثارها السلبية أجرى موقع "مستقبل وطن نيوز" حوارا مع الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة.
في البداية.. ما هي التغيرات المناخية؟
- التغيرات المناخية هي متوسط قيم درجات الحرارة خلال مجموعة متتالية من السنوات، يصل الحد الأدنى لها إلى 30 سنة، وقد تصل إلى 100 سنة.
ودراسة التغيرات المناخية تكون أدق كلما زاد عدد السنوات محل البحث.
هل تأثرت مصر بالتغيرات المناخية؟
- لا شك أن مصر تتأثر بموجة من التغيرات المناخية، لكن لا يمكن الإقرار بوجود تغير حقيقي في المناخ إلا من خلال دراسة دقيقة، تبحث تغير درجات الحرارة والظواهر الجوية بشكل عميق.
وعلى سبيل المثال، لا يمكن اعتبار حدوث تغير مناخي من خلال تتبع درجات الحرارة خلال فصل شتاء واحد، حدث فيه انخفاض درجات الحرارة عن المعدل المعتاد، أو شهدنا فيه ظواهر جوية غريبة إلى حد ما مثل الرياح الشديدة أو الأمطار الكثيفة أو تساقط الثلوج.
ويمكن تفسير ما يحدث في مصر من اضطراب أحوال الطقس هو موجة من تغير درجات الحرارة والظواهر الجوية خلال 10 سنوات متتالية مرت، لكن لا يمكن الاعتراف بأن ذلك هو تغير حقيقي في المناخ.
ما هي أسباب التغيرات المناخية؟
- أهم جزء في الأسباب التي تؤدي إلى التغيرات المناخية تتعلق بالطبيعية إذ أن الانفجارات الشمسية من أهم أسباب تغير المناخ، لأن الشمس تعتبر مفاعل نووي ضخم، نتأثر بها في كل شيء، وكل حركة تحدث على الأرض ترتبط بالشمس.
ودورة الانفجارات الشمسية 11 سنة إذ تحدث 3 انفجارات كل 3 شهور، وتلك الانفجارات تكون ضخمة وعندما يصل لهيب الشمس إلى الكرة الأرضية يتسبب في ارتفاع درجات الحرارة.
وتتغير شكل دوران الأرض حول الشمس 90 ألف سنة إلى 100 ألف سنة ما بين البيضاوي والدائري، وخلال دوران الأرض حول الشمس في شكل بيضاوي تقترب من الشمس في مرات وتبتعد في مرات أخرى، وبالتالي يتكون عصور جليدية وعصور حارة.
وتشهد الأرض كل مليون سنة 9 عصور جليدية، ثم تعاود درجة الحرارة في الارتفاع فنشهد عصر شديد الحرارة، والفرق بين العصر الجليدي والحار 10 آلاف سنة، والعصر الحار من المفترض أن يكون انتهى من حوالي ألف سنة ومن الطبيعي حاليًا أن نشهد عصر جليدي لكن من الممكن أن تستمر درجات الحرارة في الارتفاع ومن الممكن أيضًا أن نشهد انخفاضات ملحوظة في درجات الحرارة.
والفرق في درجات الحرارة بين العصرين الجليدي والحار 10 درجات، ودرجة الحرارة ارتفعت حتى الآن بقيمة 8 درجات.
ما تأثير الإنسان في حدوث التغيرات المناخية؟
- بالطبع، الإنسان له تأثير في حدوث التغيرات المناخية لكن ذلك التأثير يكون بدرجة أقل عن العوامل الطبيعية، وذلك من خلال أنشطته المختلفة لاسيما الصناعية التي تؤدي إلى زيادة الانبعاثات الكربونية مما يزيد من ظاهرة الاحتباس الحراري.
ماذا نفعل كي نقلل من حدوث التغيرات المناخية؟
- يجب إرشاد الدول نحو خفض معدل الانبعاثات الحرارية حتى نكتفي بارتفاعها بشكل طبيعي، وتقليل معدل التلوث البيئي الناتج عن نشاط المصانع، لكن الإنسان لا يمكن أن يكون عصر جليدي أو حار.
ومن المتوقع حدوث تذبذبات خلال السنوات المقبلة في قيم درجات الحرارة.
ما تأثير التغيرات المناخية على الموارد المائية؟
- مصر ليست دولة مطيرة ولا نعتمد على مياه من داخل مصر بصورة رئيسية، إذ تعتمد على 98% من الموارد المائية الخارجية التي تأتي إلينا عبر نهر النيل لذلك يهمنا التغيرات المناخية إذا حدثت عند منابع النيل إذا أردنا معرفة تأثر الموارد المائية في مصر بتلك التغيرات.
ولا يوجد شيء علمي حتى الآن يؤكد أن الأمطار ستقل أو ستزيد خلال السنوات المقبلة، فحصة مصر في نهر النيل 55.5 مليار متر مكعب مياه منذ عام 1968 وتم تحديدها بعد التعرف على متوسط مياه النيل خلال 100 سنة وهو 84 مليار متر مكعب من المياه.
وفي ظل الزيادة السكانية يجب أن نحقق أقصى استفادة من مياه نهر النيل من خلال طرق عديدة فيما يخص المحاصيل الزراعية وإعادة استخدام المياه بدلًا من التخلص منها.
كيف نحقق أعلى استفادة من المياه في ظل موجة التغيرات المناخية؟
- هناك طرق عديدة للحفاظ على مواردنا المائية من أهمها تحسين الأصناف الزراعية، وطورنا ذلك بالفعل من خلال تحسين أصناف الأرز وأصبحنا نحصل على ضعف إنتاج الفدان من القمح.
ويجب أن يصل تحسين الأصناف الزراعية إلى تطوير شجر المانجو على سبيل المثال ليتحمل الصقيع، نظرًا لأن المانجو من المحاصيل الاستوائية التي لا تتحمل درجات الحرارة المنخفضة، كما يمكن تطوير أصناف هجينة من النباتات تتحمل الحرارة المرتفعة والبرد القارس.
إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي من خلال محطات تحلية المياه مثل بحر البقر والمحسنة.
استخدام طرق الري الحديثة مثل الري بالرش والتنقيط بدلًا من الري بالغمر، على الرغم من أن للري بالغمر فوائد عديدة مثل تخليص التربة من الأملاح الزائدة.
إنشاء الصوب الزراعية إذ أن الزراعة بها توفر استهلاك المياه وتعطي إنتاج وفير عكس الزراعة التقليدية.
حُسن استخدام المياه الجوفية في الصحراء الجوفية نظرًا لأنها غير متجددة ويتم الاعتماد عليها في جميع الأنشطة، فمن غير الطبيعي استخدامها في زراعة الأرز مثلًا وهو محصول يتميز بالشراهة في المياه.
تطوير سلالات جديدة من النباتات يمكن زراعتها في التربة المالحة مثل الساحل الشمالي.
هل تؤدي التغيرات المناخية إلى غرق الإسكندرية مثلما أشيع؟
- لا يمكن أن تغرق الإسكندرية بسبب ارتفاع درجات الحرارة نتيجة التغيرات المناخية مما يسبب ارتفاع منسوب سطح البحر، والتصريحات التي صدرت في مؤتمر المناخ الـ26 الذي عقد في مدينة جلاسكو، حول غرق الإسكندرية نتيجة ارتفاع درجات الحرارة بمعدل 4 درجات مئوية ما يعني ارتفاع منسوب سطح البحر، تحتاج إلى مراجعة لأن من الصعب للغاية غرق عروس البحر المتوسط.
فمن الصعب للغاية ارتفاع معدلات درجات الحرارة 4 درجات، لافتًا أن ذلك يحتاج آلاف السنين ولا يمكن أن يحدث ذلك في القريب العاجل، ومدينة الإسكندرية تم إنشاؤها على حاجز صخري يتراوح ارتفاعه من 10 إلى 15 مترًا عن سطح البحر، ويصل ارتفاع الحاجز الصخري إلى 30 مترًا في منطقة المكس، ويقل إلى 5 أمتار فقط في أبوقير، لافتًا إلى أنه حتى إذ زادت درجة الحرارة بمعدل 4 درجات وارتفع منسوب سطح البحر لن تغرق الإسكندرية بسبب الطبيعة الجغرافية للمدينة.
ماذا يمكن أن نفعل كي نحمي الساحل الشمالي من الغرق إذا ارتفع منسوب سطح البحر؟
- يجب إنشاء طريق بطول الساحل الشمالي مرتفع ليكون حاجز أمام ارتفاع منسوب البحر، ويمنع غرق المدن الساحلية، لافتًا إلى أن كورنيش الإسكندرية يحمي المدينة من الغرق عند ارتفاع الأمواج، كذلك الأمر كورنيش منطقة المعادي الذي يعمل حاجز يحول دون وصول مياه النيل عن ارتفاع منسوبها إلى المناطق السكنية.
هل توجد مدن مصرية معرضة للغرق بسبب التغيرات المناخية؟
- مدن مثل دمياط وبورسعيد وشمال الدلتا، ستتعرض للغرق حال ارتفاع منسوب سطح البحر نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، وبحيرة المنزلة تكونت نتيجة أنها كانت أرض منخفضة وامتلأت بالمياه نتيجة ارتفاع منسوب سطح البحر، وذلك بعد ارتفاع درجات الحرارة بمعدل 4 درجات، وهو أمر يحتاج إلى آلاف السنوات.
والأودية في الصحراء الشرقية تكونت نتيجة سقوط الأمطار بغزارة، ورغم اختفاء تلك المياه إلا أن دليلها يبقى واضحًا من خلال الأودية المتكونة، مشيرًا إلى أن ذلك يعد دليلًا على تأثير التغيرات المناخية على الطبيعة الجغرافية.