حكاية «كنز شقة الزمالك».. بدأ بنزاع أسري وانتهى في أروقة المحاكم
في 27 مايو من العام الماضي توجهت إدارة تنفيذ الأحكام بمحكمة جنوب القاهرة، إلى إحدى الشقق بالزمالك؛ لإلزام "ك. أ."، بدفع مبلغ 10 ملايين جنيه بالفوائد لخاله في دعوى حساب بينهما؛ بسبب شركة للمقاولات والإنشاءات، ونزاع آخر منذ 7 سنوات على الميراث بين خاله ووالدته وخالته، وبناء على ذلك الحكم، صدر قرار من قاضى التنفيذ بمحكمة جنوب بالحجز على ممتلكاته، وأثناء الحجز على الشقة عثر داخلها على كمية من المجوهرات والأحجار الكريمة والتحف الأثرية بإحدى الشقق في منطقة الزمالك تغطي مساحة الشقة تقريبا.
وما إن وجدت إدارة تنفيذ الأحكام على "الكنز" أخطرت قاضى التنفيذ الذي أصدر القرار مساعد وزير العدل لشئون التفتيش القضائي، المستشار محمد شوقي، وعرض الأمر على المستشار عمر مروان، وزير العدل، فأمر باتخاذ الإجراءات القانونية حيث تم تشكيل لجنة قضائية من قضاة التنفيذ وندب لجان متخصصة لفحص الموجودات التي عثر عليها، فيما طالب قضاة التنفيذ التحفظ على محل تحف وانتيكات مغلق مملوك لوالدة المتهم.
قضاة التنفيذ شكلوا لجان خاصة من مصلحة الدمغة ووزارات الآثار والثقافة لفحص التحف والمجوهرات داخل شقة الزمالك، وإعداد تقرير عن قيمتها والاستعلام عن سندات الملكية الخاصة بها.
وبتاريخ 13 يونيو من العام الماضي، عقدت رئاسة محكمة جنوب القاهرة، مؤتمرا صحفيا، للكشف عن تفاصيل المتقتنيات داخل الشقة، حيث تقرر تشكيل لجان فنية من المجلس الأعلى للآثار ووزارة الثقافة، ومصلحة الدمغة، والموازين؛ لإجراء عمليات فحص المنقولات، كما جرت عمليات تأمين للشقة، عن طريق تثبيت كاميرات مراقبة، وفرض حراسة عليها، ووضعها تحت تصرف النيابة العامة.
نتائج عمل اللجان الفنية:
وجاءت نتائج عمل اللجان الفنية، بداية من لجنة المجلس الأعلى للآثار، التي أعدت تقريرا أثبتت فيه أنها توجهت إلى مقر الشقة والمتجر موضوع التنفيذ وتبين لها وجود العديد من القطع، التي تخضع لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، بنحو 1204 قطعة أثرية ترجع للحضارة المصرية القديمة والعصر الإسلامي، و787 قطعة أثرية ترجع لأسرة محمد علي.
وتبين من فحص الكتالوجات المضبوطة أنها تخص مزادات تم عقدها في صالات شهيرة تتابعها وزارة الآثار بشكل مستمر، التي تعرض قطعا أثرية مصرية للبيع يشتبه في خروجها من مصر بطرق غير شرعية، وقد تم استرداد العديد من القطع الأثرية التي كانت معروضة للبيع في تلك الصالات وتبين أنها مهربة من مصر بطرق غير شرعية؛ حيث تم استرداد 6 قطع أثرية كانت معروضة في صالة المزادات (CHRISTIE'S) و3 قطع أثرية كانت معروضة في صالة (Bonhams) عام 2014، و8 لوحات خشبية كانت مسروقة من قبة الخلفاء العباسيين ومعروضة في صالة (Bonhams) عام 2016.
وأعدت لجنة وزارة الثقافة تقريرا وأثبتت فيه أنها قامت بفحص 219 لوحة فنية تم تصنيفها إلى ثلاث فئات، الأولي: 103 لوحات فنية ذات قيمة فنية وتاريخية ومادية عالية جدا، تصلح للعرض المتحفي، منها لوحات أثرية تحت مسلسل(91 ، 35 ، 34 ، 19 ، 18 ، 17 ، 100، 91 ، 89 ، 88 ، 87 ، 102) من التقرير، والفئة الثانية: 56 لوحة فنية ذات قيمة فنية ومادية عالية، ولا تصلح للعرض المتحفي، والفئة الثالثة: 47 لوحة وتعد من الأعمال التجارية، و10 لوحات أوصت بعرضها على دار الكتب والوثائق.
وأشارت المحكمة إلى أن لجنة مصلحة الدمغة والموازين قامت بفحص 3707 قطعة بخلاف ما تم اعتباره أثريا، منها 2907 قطعة من الذهب، سواء الأصفر أو الأبيض والبلاتين والماس عالي الجودة ومنخفض الجودة والأحجار الكريمة وشبه الكريمة والتي تحلي بعض القطع من معدن النحاس وغيره من المعادن الأخرى، و800 قطعة إكسسوار عالي القيمة، بالإضافة إلى ما سبق؛ حيث أسفر جرد محتويات الشقة عن سلاح ناري وذخيرة (مسدس ماركة كولت كوبرا)، ومبالغ مالية متنوعة من عملات مختلفة.
دليل النيابة العامة:
وأُقيم الدليل مما تبين للنيابة العامة من اطلاعها على المستندات الهامة التي ضبطتها، وربطها بما ثبتَ بتقارير فحص تلك المستندات، من قِبَل اللجنة الأثرية، وتقرير إدارة أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي، حيث كان حاصل الدليل المستمد منها عِلم المتهميْن اليقينيّ بحيازتهما قطعًا أثرية واتجارهما في الآثار.
وكانت النيابة العامة قد استدعت المتهم لاستجوابه ومكنت دفاعه من الاطلاع على مفردات القضية، واستجابت إلى طلبه بتعيين جلسة محددة لحين قدوم المتهم من خارج البلاد، وبمثوله أمامها ألقت القبض عليه وواجهته خلال استجوابه بما جمعته من أدلة قِبَله، وأمرت بحبسه احتياطيًّا لحين إتمام التحقيقات معه، والتي انتهت بإعلانه بأمر إحالته وزوجته إلى محكمة الجنايات، والأمر بإخلاء سبيله إذا ما سدَّد ضمانًا ماليًّا قدره مليون جنيهٍ مصريٍّ؛ وذلك لاعتبارات تتعلق بتقدير مدى توافر مبررات استمرار حبسه احتياطيًّا المنصوص عليها قانونًا، والتي لا صلة لها بطبيعة الوظيفة التي كان يشغلها سابقًا بالبلاد أو التي يشغلها الآن خارجها، وقد أمرت مع إخلاء سبيله بإدراج اسمه وزوجته على قوائم الممنوعين من السفر، مع ضبط وإحضار الأخيرة التي ثبت في التحقيقات هربها داخل البلاد.
ونسخت النيابة العامة صورةً من الأوراق لاستكمال التحقيقات بشأن ارتكاب المتهميْن جريمة غسل الأموال المتحصلة من الاتجار في الآثار، وتحفظت بها على باقي المضبوطات باعتبارها من تلك المتحصلات، كما أمرت بنسخ صورة أخرى لاستكمال التحقيقات بشأن ما أُثير حول دور آخرين بالواقعة.
لجنة مصلحة الدمغة والموازين:
وقامت اللجنة بفحص عدد 3707 قطعة بخلاف ما تم اعتباره أثريا، منها 2907 قطعة من الذهب سواء الأصفر أو الأبيض والبلاتين والماس عالي الجوادة ومنخفض الجودة، والأحجار الكريمة وشبة الكريمة والتي تحلى بعض القطع من معدن النحاس وغيره من المعادن الأخرى، وعدد 800 قطعة إكسسوار عالي القيمة.
بالإضافة الى ما سبق أسفر جرد محتويات الشقة عن الآتي:
-سلاح ناري وذخيرة "مسدس ماركة كولت كوبرا"، مبالغ مالية متنوعة من عملات مختلفة.
كما وردت إفادات من:
-الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار: بان المنفذ ضده ووالده ليس لهما حيازة أثرية وفقا للسجلات.
-إدارة الأموال المستردة: بعدم وجود حيازة قانونية لمقتنيات أسرة محمد على سواء للمنفذ ضده أو والده وفقا للسجلات.
-قسم شرطة قصر النيل: بعدم وجود رخصة حيازة أو إحراز سلاح ناري سواء للمنفذ ضده او والده.
قرار الإحالة للجنايات:
أمر المستشار النائب العام، بإحالة مالك شقة الزمالك وزوجته إلى محكمة الجنايات؛ لاتجارهما في الآثار باعتيادهما شراءَها وبيعها ومبادلتها، وامتلاكهما ألفًا وثلاثمئة وأربعًا وثمانين قطعةً أثريةً 1384 ترجع إلى حِقَب مختلفة من الحضارة المصرية القديمة والعصور الإسلامية وعصر أسرة محمد علي، والتي تخضع للحماية قانونًا وغير المسجلة لدى المجلس الأعلى للآثار.
وأوضح البيان، أنه لم يُخطِر المتهمان المجلس الأعلى للآثار، بالقطع الأثرية، لتسجيلها خلالَ المدة المقررة قانونًا مع علمهما بأثريتها، فضلًا عن إخفائهما مئة وتسعَ عشرة قطعة 119 من ممتلكات أسرة محمد علي الصادر قرار مجلس قيادة الثورة في 8 نوفمبر 1953 بمصادرتها.
وكانت النيابة العامة قد أقامت الدليل قبل المتهميْنِ من شهادة 16 شاهدًا من بينهم حُرّاس العقار محل الشقة، وأحد جيران المتهميْن، ووكيل قسم مباحث الآثار مُجري التحريات، فضلًا عما تبين للنيابة العامة من مُعاينتها الشقة وما فيها من قطع أثرية متكدسة عثرَتْ عليها إدارة التنفيذ بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية خلال اتخاذها إجراءاتها، إضافة إلى ما تمكنت النيابة العامة من ضبطه من قطع أثرية أخرى ومستندات هامة بالشقة بعد إفراغها من التكدس.
كما أقامت النيابة العامة، الدليل قِبَل المتهميْن من شهادة أعضاء اللجنة الأثرية المشكَّلة بقرارها برئاسة الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، وتقاريرها بشأن فحص القطع الأثرية المضبوطة والمستندات الهامة التي عثرت عليها النيابة العامة، إضافةً إلى ما ثبت من إفادة المجلس الأعلى للآثار بأن القطع الأثرية المضبوطة غير مسجلة لديه، وأن المتهمين غير مسجليْنِ كحائزي آثار.