«الشتاء قارس البرودة والصيف شديد الحرارة».. لماذا تغير المناخ في مصر؟
ظواهر غريبة باتت تشهدها مصر، في السنوات الأخيرة على صعيد الطقس، فمثلا تصل درجات الحرارة في الصيف إلى 42 درجة، في الوقت الذي تتساقط فيه ثلوج في فصل الخريف على محافظة مثل أسوان.
كما تشهد مصر خلال فصل الشتاء الجاري موجة من الطقس البارد، تنخفض فيها درجات الحرارة عن الحد المعتاد، وهو ما أرجعه خبراء إلى أنه نتيجة التغيرات المناخية، التي وراءها أسباب عديدة من ضمنها التأثر بالعواصف المحملة بالكتل الهوائية الباردة القادمة من أوروبا، والتي تتسبب أحيانًا في سقوط ثلوج لا سيما على المناطق الساحلية مثل محافظة الإسكندرية.
ومنذ بداية شهر يناير الجاري، وبتتبع النشرة الجوية الصادرة عن الهيئة العامة للأرصاد الجوية نجد أن معدل درجة الحرارة العظمى على محافظة القاهرة كمثال من 16 إلى 18 درجة، والصغرى من 8 إلى 10 درجات، وهو معدل لدرجات الحرارة أقل من المعدل الطبيعي في فصل الشتاء، داخل مصر.
وللتعرف على أسباب التغيرات المناخية، وحقيقة تأثر مصر بها، وما هو متوقع حدوثه فيما يخص درجات الحرارة خلال السنوات القليلة المقبلة، تواصل موقع "مستقبل وطن نيوز" مع عدد من خبراء المناخ، الذين كشفوا عن الأسباب الحقيقية وراء هذه التغيرات.
مصر تتأثر بالتغيرات المناخية
وكشف الدكتور محمود شاهين، مدير مركز التحاليل والتنبؤات بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، في تصريحات لـ"مستقبل وطن نيوز"، أن التغيرات المناخية أثرت على حالة الطقس ودرجات الحرارة من خلال العديد من الظواهر الجوية، لافتًا إلى أن التغيرات المناخية تختلف من منطقة إلى أخرى.
وذكر شاهين، أن مصر من ضمن الدول التي تأثرت بموجة التغيرات المناخية، ومثال ذلك أن درجة الحرارة في الصيف وصلت معدلاتها إلى 42 درجة وذلك لأول مرة، لافتًا إلى أن فصل الخريف الماضي شهد تساقط ثلوج في محافظة أسوان، وهي ظاهرة نادرة الحدوث.
وأضاف أن وصول درجات الحرارة إلى معدل مرتفع غير معتاد في فصل الصيف، ومعدل منخفض في فصل الشتاء لا يعني أن كل فصل صيف أو شتاء مقبل سيكون كذلك، لافتًا إلى أنه من الوارد أن يكون فصل الشتاء المقبل أكثر دفئًا، والصيف أكثر اعتدالًا عن الصيف الماضي.
يناير أبرد شهور السنة
وأوضح شاهين، أن شعور المواطنين ببرودة الطقس خلال شهر يناير من السنة هو أمر طبيعي، لأن يناير (طوبة) يعتبر أكثر شهور السنة انخفاضًا في درجات الحرارة.
وأضاف أن التأثر بالتغيرات المناخية التي تتجلى في صورة ظواهر جوية مثل العواصف المحملة بالكتل الهوائية الباردة وارتفاع درجات الحرارة بشكل ملحوظ أصبح واضحا للغاية، حيث يؤدي إلى زيادة شعور المواطنين ببرودة الطقس خلال فصل الشتاء، وبارتفاع درجات الحرارة في الصيف.
أسباب موجة التغيرات المناخية
وعرَّف الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة، في تصريحات إلى "مستقبل وطن نيوز"، التغيرات المناخية على أنها متوسط قيم درجات الحرارة خلال مجموعة متتالية من السنوات، يصل الحد الأدنى لها إلى 30 سنة، وقد تصل إلى 100 سنة، لافتًا إلى أن دراسة التغيرات المناخية تكون أدق كلما زاد عدد السنوات محل البحث.
وكشف شراقي، أنه لا شك أن مصر تتأثر بموجة من التغيرات المناخية، لكن لا يمكن الإقرار بوجود تغير حقيقي في المناخ إلا من خلال دراسة دقيقة، تبحث تغير درجات الحرارة والظواهر الجوية بشكل عميق، مضيفًا أنه لا يمكن اعتبار حدوث تغير مناخي من خلال تتبع درجات الحرارة خلال فصل شتاء واحد.
وأضاف، أن ما يحدث في مصر هو موجة من تغير درجات الحرارة والظواهر الجوية خلال 10 سنوات متتالية مرت، لكن لا يمكن الاعتراف بأن ذلك هو تغير حقيقي في المناخ.
تأثر مصر بكتل هوائية باردة
وذكرت الأرصاد الجوية، أن أسباب انخفاض درجات الحرارة الراهن في مصر هو تأثر البلاد بكتلة هوائية باردة، مصدرها جنوب وشرق أوروبا، يصاحبها انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة، وسقوط ثلوج على مرتفعات سيناء.
وأشارت الأرصاد إلى نشاط الرياح على مناطق متفرقة من البلاد، ما يزيد الإحساس ببرودة الطقس أكثر، وتتكاثر السحب المنخفضة والمتوسطة على شمال البلاد حتى شمال الصعيد وسيناء وخليج السويس، ويصاحبها سقوط أمطار متفاوتة الشدة.
وأضافت، أن الكتلة الهوائية التي تأثرت بها مصر يصاحبها أيضًا ظهور الشبورة المائية على الطرق الساحلية والمؤدية من وإلى القاهرة، وسقوط أمطار من متوسطة إلى شديدة، يصاحبها سقوط حبات البرد "الثلوج"، لاسيما على المناطق الساحلية.
استضافة مصر مؤتمر تغير المناخ 2022
وتعتبر مصر من الدول التي تتبنى دراسة أسباب تغير المناخ وطريقة تفادي آثار ذلك، والحد من نتائجه السلبية، وذلك من خلال إعلان استضافة مدينة شرم الشيخ مؤتمر الدورة الـ27 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ عام 2022.
من جهته، ذكر سامح شكري، وزير الخارجية، إن قمة تغير المناخ التي عقدت في جلاكسو، في نوفمبر 2021، أسهمت في بناء تطلعات كبيرة للحد من الانبعاثات الكربونية ومكافحة التغير المناخي.
وكشف وزير الخارجية، أنه سيتم البناء على تلك التطلعات، والسعي لتحقيق الأهداف المطلوبة بطريقة واقعية وفعالة، تراعي ما تحتاجه إفريقيا والدول الناشئة لتفعيل قدرتها على الالتزام بالاستدامة وخفض الانبعاثات.
وأشار إلى أن مصر تبذل جهودًا ضخمة لتغيير اقتصادها، وتعزيز استدامته، وإنجاح قمة المناخ في شرم الشيخ 2022، وتقدر تعاون الولايات المتحدة الكبير على هذا الصعيد.
وشدد شكري على أن مجتمع الاعمال يقع عليه دور في التغيرات المناخية من خلال تمويل مشروعات الطاقة النظيفة والطاقة الجديدة والمتجددة، خصوصًا أنه لا بد من إسهام الدول الكبرى في علاج الأضرار التي وقعت على الدول النامية من التغيرات المناخية.
وأشار إلى أنه من المهم أيضًا أن يتم تمويل الدول النامية بطريقة ميسرة تأكيدًا على مصداقية الدول المتقدمة.