مصر والجزائر.. علاقات يوثقها التاريخ وترسخها الإرادة السياسية المشتركة
شهدت العلاقات المصرية-الجزائرية تطورًا كبيرا منذ انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيسا لمصر في عام ٢٠١٤؛ حيث اختار الجزائر لتكون في مقدمة وجهاته الخارجية بعد انتخابه رئيسا للجمهورية.
وأعلنت الرئاسة الجزائرية أن زيارة الرئيس الجزائري، اليوم الاثنين، إلى مصر هي زيارة "عمل وأخوة"، وتشكل فرصة لتعزيز العلاقات التاريخية والسياسية بين البلدين، وتوسيع مجالات التعاون الثنائي، وكذلك مواصلة التنسيق والتشاور حول أهم القضايا العربية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
وتشهد العلاقات الجزائرية-المصرية مؤخرا ديناميكية تجلت بشكل كبير في تبادل الزيارات بين مسؤولي البلدين، والتي كانت آخرها زيارة وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة إلى مصر، الأسبوع الماضي، بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية، وقبلها الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق السعيد شنقريحة إلى القاهرة، لحضور النسخة الثانية من معرض مصر الدولي للصناعات العسكرية (EDEX 2021)، خلال الفترة من ٢٩ نوفمبر وحتى ٢ ديسمبر الماضي.
وتمتد قوة العلاقات المصرية-الجزائرية إلى كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية.
وعلى الصعيد السياسي، تشهد المواقف المصرية الجزائرية توافقا في الرؤى السياسية إزاء العديد من القضايا التي تطرأ على الساحة العربية والإقليمية وأيضا الدولية، من بينها على سبيل المثال الأزمة الليبية.
ففي يناير ٢٠٢٠، قام سامح شكري، وزير الخارجية، بزيارة إلى الجزائر للمشاركة في مؤتمر "دول الجوار الليبي"، وأكد وزيرا خارجية البلدين سامح شكري ورمطان لعمامرة، على تطابق وجهات النظر حول الملف الليبي والتي تقضي بضرورة حلحلة الأزمة الليبية عبر تنفيذ الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات بالمغرب أغسطس 2015، وضرورة دعم أمن ليبيا، والحفاظ على استقرار هذا البلد الشقيق ودول جواره، والتأكيد على ضرورة إنهاء الأزمة الليبية عبر التوصل إلى حل سياسي، يمهد الطريق لعودة الأمن والاستقرار في البلد الشقيق، ويقوض التدخلات الخارجية به.
وتمثل مكافحة الجماعات والتنظيمات الإرهابية، هدفا مشتركا للجزائر ومصر؛ حيث عانى البلدان من ويلات التطرف والإرهاب باسم الدين، وكان البلدان هدفا للإرهاب عدة سنوات، نظرا لإمكانياتهما وقوتيهما، باعتبار الجزائر من أكبر الدول العربية مساحة، ومصر هى أكبر الدول العربية سكانا.
وفيما يتعلق بالعلاقات التاريخية بين البلدين، تشهد هذه العلاقات إرثا تاريخيا من الدعم والمساندة المتبادلة، فقد ساندت مصر الجزائر في ثورتها التحريرية في مواجهة الاستعمار الفرنسي عام 1954، وتعرضت مصر لعدوان ثلاثي، فرنسي إسرائيلي، بريطاني، عام 1956؛ بسبب موقفها المساند لهذه الثورة.
وفي المقابل، قدمت الجزائر خلال عهد الرئيس هواري بومدين مساندة كبيرة لمصر سياسيًا وماديًا عقب هزيمة 67، وهو الدعم الذي استمر بعد رحيل الرئيس عبد الناصر، وتواصل حتى حرب 1973 التي شاركت فيها قوات جزائرية، حيث طلب بومدين من الاتحاد السوفيتي عام ١٩٧٣ شراء طائرات وأسلحة لإرسالها إلى مصر، وباشر الرئيس الجزائري اتصالاته مع الاتحاد السوفيتي لشراء العتاد العسكري لمصر بالمبالغ المالية.
وفيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية، تعد مصر الشريك الاقتصادي الثاني للجزائر، وحققت مصر زيادة في صادراتها غير البترولية للجزائر بنسبة 10% خلال النصف الأول من عام 2021 بالمقارنة بذات الفترة من العام الماضي، على الرغم من التأثير السلبي لـ جائحة كورونا على الاقتصاد الجزائري، وذلك بحسب الأرقام الصادرة من المديرية العامة للجمارك بالجزائر.
وزاد حجم التبادل التجاري بين مصر والجزائر، خلال هذه الفترة، بنسبة 15.4% ليصل إلى ما قيمته 392.7 مليون دولار.
ووفقا للجمارك الجزائرية، اعتلت مصر المرتبة 15 لأهم الدول المصدرة للجزائر، والمرتبة 24 لأهم الدول المستوردة منها.
وعلى صعيد العلاقات الثقافية بين البلدين، شهدت هذه العلاقات زخما كبيرا، حيث قام الموسيقار المصري الراحل محمد فوزي بتلحين النشيد الوطنى الجزائرى الذى يعد رمز الدولة الجزائرية، وألفه شاعر الثورة الجزائرية مفدى زكريا، كما قامت السينما المصرية بإنتاج أهم عمل فني مجد الثورة الجزائرية وبطولات المجاهدين هو الفيلم المصري "جميلة بو حريد"، الذي أخرجه المصري يوسف شاهين عام 1958.
وحلت الجزائر كضيف شرف على معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ49 في عام ٢٠١٨، ويستقبل الأزهر دعاة الجزائر والأئمة والوعاظ لتلقى الدورات التدريبية، التى يعقدها الأزهر بين الحين والآخر، إلى جانب وجود بعثات من الطلاب الجزائريين الذين يدرسون فى رحاب الأزهر الشريف.