خاص| تعطش عالمي يقود أسعار النفط للارتفاع.. واقتصاديون: الهجوم الحوثي غير مؤثر
استبعد خبراء الطاقة الربط بين الهجمات الحوثية التي نُفذت يوم أول أمس بحق أهداف إماراتية، وارتفاع أسعار النفط عالمياً، وقالوا لـ«مستقبل وطن نيوز» إن هناك عدة أسباب تدعم ارتفاع أسعار النفط على الصعيد العالمي، وهي بعيدة كل البعد عما حدث من هجمات حوثية قبل ساعات، متوقعين أن تظل الدول المنتجة وحلفاؤها «أوبك بلس» على خطط تخفيض الإنتاج للاستفادة من الأسعار المرتفعة والطلب العالي على النفط.
وبينما شنت المليشيات الحوثية عملية عسكرية في العمق الإماراتي، أسفرت عن سقوط ثلاث قتلى وإصابة 6 آخرين بهجمات يحتمل أن تكون لطائرات مسيرة دون طيار، واصلت أسعار النفط ارتفاعها خلال تعاملات أمس الثلاثاء، متجاوزة مستوى 87 دولارا للبرميل لخام برنت لتصل إلى أعلى مستوياتها في نحو 7 سنوات، ليسجل خام برنت خلال التعاملات 87.60 دولار للبرميل بنسبة ارتفاع 1.28% مقارنة بختام تعاملات أمس الأول، لترتفع لأعلى مستوى منذ عام 2014.
لا علاقة للهجوم بارتفاع أسعار النفط
«لا علاقة لما حدث في الإمارات من هجمات حوثية وزيادة أسعار النفط عالمياً، حيث أن المناطق المستهدفة مناطق مهجورة بمطار أبو ظبي ومحطة البراكة شمال أبوظبي»، هكذا يقول د. جمال القليوبي، أستاذ اقتصاديات البترول بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، لـ«مستقبل وطن نيوز»، مشيراً إلى أن الهجمات لا تتشابه مع سابقتها التي استهدفت خزانات أرامكو النفطية في الدمام، وانما تستهدف مناطق سكنية وبنية تحتية بعيدة عن كونها منشآت اقتصادية.
وأضاف د. جمال القليوبي: «استهداف الحوثيون، خزانات أرامكو السعودية في الدمام، أثر سلباً في معدلات تصدير أرامكو بنسبة 5% ما ساهم حينئذ في رفع أسعار النفط عالمياً، وهو ما لم يحدث هذه المرة، فالمنشآت المستهدفة ليست نفطية ولا اقتصادية، وبالتالي الربط بين ارتفاع أسعار النفط والهجمات غير صحيح».
كانت وزارة الطاقة السعودية، أكدت اندلاع حريق بمصفاة لتكرير البترول بالعاصمة الرياض؛ جراء اعتداء إرهابي بطائرة مسيرة أطلقتها ميليشيات الحوثيين، في مارس 2021، حيث تعرضت مصفاة تكرير البترول في الرياض لاعتداءٍ بطائراتٍ مُسيّرةٍ، ونجم عن الهجوم حريقٌ تمت السيطرة عليه، ولم تترتب على الاعتداء، إصابات أو وفيات، كما لم تتأثر إمدادات البترول ومشتقاته.
تعطش عالمي يقود الأسعار للارتفاع.. وليبيا والعراق يدعمان
وأوضح د. جمال القليوبي، أن هناك عدة أسباب دفعت أسعار النفط إلى الارتفاع، أولها أن السوق العالمية متعطشة لـ3.8 مليون برميل وسعر البرميل ارتفع اليوم متجاوزاً 85.8 دولار للبرميل لأسباب منها تأخير ونقص في إمدادات الوقود داخل الولايات المتحدة الأمريكية بسبب موجة الصقيع والثلوج التي وصل حجمها إلى 4.6 قدم في مناطق مثل جورجيا وأتلانتا وشمال كارولينا، والتي تضم البنية التحتية لخطوط الإنتاج، وبالتالي هناك جزء كبير تم تدميره نتيجة العواصف الثلجية وإعصار مايا الذي دمر 13 ألف كيلومتر في خطوط الإنتاج من خليج المكسيك، وهو ما حدا بالولايات المتحدة الأمريكية اللجوء إلى المخزون الاستراتيجي للمرة الثانية خلال أقل من سنة كي تقلل نسبة الارتفاع وشح الوقود داخل البلاد».
وارتفعت أسعار النفط بالسوق العالمية، أمس الثلاثاء، لأعلى مستوى في 8 سنوات، ليستأنف الخام الأمريكي مكاسبه التي توقفت مؤقتا بالأمس، وارتفع الخام الأمريكي بنسبة 1.75 بالمئة إلى مستوى 85.72 دولار، الأعلى منذ أكتوبر 2014، من مستوى الافتتاح عند 84.25 دولار، وسجل أدنى مستوى عند 84.13 دولار، وصعد خام برنت بنسبة 1.8 بالمئة إلى مستوى 88.08 دولار للبرميل الأعلى منذ أكتوبر 2014، من مستوى الافتتاح عند 86.52 دولار، وسجل أدنى مستوى عند 86.47 دولار.
تلاشي المخاوف من أوميكرون يرفع الطلب العالمي
وتابع خبير الطاقة متحدثاً عن العامل الثاني من عوامل رفع أسعار النفط: «هناك موجة أوميكرون وما سببه المتحور الجديد لفيروس كورونا الشهر الماضي من إغلاقات لدى بعض الدول، لكن بمجرد تصنيفه طبيعياً باعتباره دور برد عرضي تستغرق أعراضه من 3 لـ6 أيام، بدأت الدول تفتح حدودها ويرتفع الطلب على النفط مرة أخرى، خاصة من قبل الهند والصين واليابان وكوريا الجنوبية وتعاقداتهم النفطية طويلة الآجل، والتي تسببت في زيادة الأسعار العالمية».
وأشار أيضاً إلى أن هناك تأخير في ضخ مصافي النفط الليبية في سرت والزيتيات والزنتان بسبب تعرضها لهجمات شرسة وتوقف حقل الفيل العملاق، ولفت إلى عامل رابع هو التراخي في الإنتاج العراقي بسبب أن حقل نفط الجنوب في حاجة إلى برامج صيانة لمواجهة التسربات الزيتية في عدة أماكن، وهوي أمور تدفع نحو اجتماع للدولة المنتجة وحلفاؤها المعروفة باسم «أوبك بلس» خلال أسبوع لمراجعة خطط تخفيض الإنتاج مرة أخرى.
توقعات بمواصلة المسار الصعودي لأسعار النفط
وارتفع إجمالي الإمدادات النفطية لمجموعة الدول المنتجة من خارج منظمة أوبك خـلال الربع الثالث من عام 2021 بنحو 300 ألف برميل / يوم أي بنسبة 0.4 % مقارنة بالربع السابق، ليصل إلى 63.5 مليـون برميل / يوم ، وهو مستوى مرتفع بنحو 2.1 مليون برميل / يوم ، أي بنسبة 3.3 % مقارنـة بالربع المماثـل مـن العام الماضي، وذلك وفقا لتقرير التطورات البترولية في الأسواق العالمية خلال الربع الثالث2021 لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط «أوابك».
من جانبه، قال محمد سعد، رئيس جمعية مستثمري الغاز، لـ«مستقبل وطن نيوز» إن أسعار النفط ستواصل مسارها الصعودي الفترة المقبلة على الصعيد العالمي، نتيجة لارتفاع الطلب خاصة من قبل الاقتصادات المتقدمة التي تعمل على تحقيق معدلات نمو مرتفعة وتجاوز الجائحة وتداعياتها الاقتصادية، بإعادة بناء مخزوناتها مرة أخرى.
أضاف محمد سعد، أن أوروبا تشهد أزمة طاقة مستعرة، وأن هناك طلب مرتفع على النفط والغاز الطبيعي على مستوى العالم، وأن هذا الطلب ليس من المتوقع له أن يهدأ في الوقت الحالي، ويدفع نحو ارتفاع الأسعار عالمياً، مشيراً إلى أن سيناريو استهداف المنشآت النفطية من قبل الحوثيين قد يؤجج الأسعار ويدفعها للزيادة.