عيد الشرطة.. رجال الداخلية عيون ساهرة على حماية الوطن
عيد الشرطة 2022.. عيد الشرطة يعد تخليدًا لذكرى موقعة الإسماعيلية 1952 التي راح ضحيتها 50 شهيدا و80 جريحًا من رجال الشرطة المصرية علي يد الاحتلال الإنجليزي في 25 يناير عام 1952؛ بعد أن رفضوا تسليم سلاحهم وإخلاء مبني المحافظة للاحتلال الإنجليزي.
وتم إقرار هذا اليوم إجازة رسمية للحكومة والقطاع العام تقديرًا لجهود رجال الشرطة المصرية في حفظ الأمن والأمان واستقرار الوطن واعترافًا بتضحياتهم في سبيل ذلك، وتم الإقرار به في فبراير 2009.
سبب الاحتفال بعيد الشرطة في 25 يناير من كل عام
فى هذا اليوم الخالد 25 يناير من كل عام يحتفل شعب مصر بذكرى معركة الإسماعيلية عام 1952، عيد الشرطة، التى ضرب فيها رجال الشرطة البواسل مثالا جديدا من الشهامة والفدائية؛ حفاظا على الأرض والعرض ضد الاحتلال الإنجليزى الغاشم.
ووصلت قمة التوتر بين مصر وبريطانيا إلى ذروتها عندما اشتدت أعمال التخريب والأنشطة الفدائية ضد معسكراتهم وجنودهم وضباطهم فى منطقة القنال من خلال الفدائيين الشرفاء؛ حيث كبدوا قوات الاحتلال البريطانى خسائر فادحة لا تقدر بثمن، كما انسحب العمال المصريون من العمل فى معسكرات الإنجليز؛ ما أدى إلى وضع القوات البريطانية فى منطقة القناة فى حرج شديد.
وحينما أعلنت الحكومة فتح مكاتب لتسجيل أسماء عمال المعسكرات الراغبين فى ترك عملهم مساهمة فى الكفاح الوطنى سجل 91 ألف و572 عاملاً أسماءهم خلال الفترة من 16 أكتوبر 1951، وحتى 30 من نوفمبر 1951، كما توقف المتعهدون عن توريد الخضراوات، واللحوم، والمستلزمات الأخرى الضرورية لإعاشة 80 ألف جندى وضابط بريطانى.
وبسبب تصاعد وتيرة الخلافات، أقدمت القوات البريطانية على محاولة رعناء لإهانة الحكومة المصرية، ففى صباح يوم الجمعة 25 يناير 1952 استدعى القائد البريطانى بمنطقة القناة "اللواء إكسهام"، ضابط الاتصال المصرى، وسلمه إنذارًا بأن تسلم قوات البوليس الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وتجلو عن دار المحافظة والثكنات، وترحل عن منطقة القناة كلها، وتنسحب إلى القاهرة بدعوى أنها مركز اختفاء الفدائيين المصريين المكافحين ضد قواته فى منطقة القنال.
ورفضت المحافظة الإنذار البريطانى وأبلغته إلى وزير الداخلية فؤاد سراح الدين باشا، والذى أقر موقفها، وطلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام.
وبعد هذا الرد، فقد القائد البريطانى فى القناة أعصابه، فقامت قواته ودباباته وعرباته المصفحة بمحاصرة قسم بوليس "شرطة" الإسماعيلية بعد أن أرسل إنذارا لمأمور قسم الشرطة يطلب فيه منه تسليم أسلحة جنوده، غير أن ضباط وجنود الشرطة البواسل رفضوا قبول هذا الإنذار.
ووجهت دبابات العدو مدافعها وأطلق المحتلون البريطانيون نيران قنابلهم بشكل بشع بدون توقف ولمدة زادت عن الساعة الكاملة، ولم تكن قوات الشرطة المصرية آنذاك مسلحة بشيء سوى البنادق العادية القديمة.
وقبل غروب شمس ذلك اليوم حاصر مبنى قسم البوليس "الشرطة" الصغير ومبنى المحافظة فى الإسماعيلية، 7 آلاف جندى بريطانى مزودين بالأسلحة، تدعمهم دباباتهم وعرباتهم المصفحة ومدافع الميدان، بينما كان عدد الجنود المصريين المحاصرين لا يزيد على 800 فى الثكنات و80 فى محافظة الإسماعيلية.
واستخدم البريطانيون كل ما معهم من الأسلحة فى قصف مبنى المحافظة، ومع ذلك قاوم الجنود المصريون، واستمروا يقاومون بكل شجاعة وبسالة ودارت معركة غير متساوية القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصرة فى القسم ولم تتوقف هذه المجزرة حتى نفدت آخر طلقة معهم بعد ساعتين طويلتين من القتال.
ونتيجة لهذه البسالة والشجاعة التى أبهرت، ولا تزال، العالم أجمع سقط 50 شهيدا من رجال الشرطة البواسل، و80 مصابا، هذا بخلاف عدد آخر من المدنيين.
وأمر البريطانيون بتدمير بعض القرى حول الإسماعيلية التى كانوا يعتقدون أنها مركز لاختفاء الفدائيين المصريين المكافحين ضد قواته فقتل عدد آخر من المدنيين وجرحوا عددا آخر أثناء عمليات تفتيش تلك القرى.
لقد كانت معركة الإسماعيلية مثالا لا يزال حيا شاهدا على عظمة جنود مصر البواسل من رجال الشرطة الأبرار والذين يشكلون مع أقرانهم من أبطال القوات المسلحة خير أجناد الأرض، لتظل مصر دائما محفوظة بحفظ الله إلى الأبد.
موعد عيد الشرطة 2022
ويصادف يوم الثلاثاء الموافق 25 يناير 2022، عيد الشرطة للعام 2022، والذي يعتبر يوم إجازة رسمي لجميع القطاعات الحكومية والخاصة والبنوك في جمهورية مصر العربية.
وكان مجلس الوزراء المصري قرر ترحيل أي يوم إجازة يأتي في نصف الأسبوع إلى يوم الخميس حتى يجتمع مع العطلات الأسبوعية الرسمية وهي الجمعة والسبت، وتم تطبيق هذا القرار على مختلف الأعياد خلال العام الماضي.
موقعة الإسماعيلية 1952
بالرغم من مرور 70 عامًا علي موقعة الإسماعيلية، التي جرت أحداثها في 25 يناير 1952، ولا تزال ذاكرة التاريخ، تحتفظ بالبطولة والشجاعة النادرة، التي قاوم بها رجال الشرطة في الإسماعيلية الاحتلال البريطاني، ورفضوا الاستسلام وتنفيذ أوامر المحتل بإخلاء المحافظة، لتتخذ الشرطة من هذا اليوم المضيء في تاريخها يومًا لعيدها.
وخلال تلك الفترة كانت حالة من الثورة والغضب تجتاح كل ربوع مصر، للتخلص من المحتل الإنجليزي، الذي اتخذت قواته من مدن القناة مركزًا لتمركزها وتواجدها بالمنطقة، أمام ذلك توسعت المقاومة المصرية لطرد المحتل، وكبدت قواتهم خسائر فادحة، وانسحب العمال المصريون من العمل في المعسكرات الإنجليزية، وامتنع متعهدو الخضراوات والفاكهة، عن توريد المستلزمات الضرورية لإعاشة 80 ألف جندي وضابط بريطاني.
وشعر الأسد الإنجليزي العجوز بالإهانة والحرج، من الطريقة التي تعامل بها الشعب المصري، الذي كان يسعي لنيل حريته واستقلاله، وزاد من صعوبة الموقف، وصول أعداد المتطوعين لمقاومة الاحتلال البريطاني، الذي فتحت الحكومة المصرية، مكاتب لتسجيل أسمائهم، لـ "91572 " خلال الفترة من 16 أكتوبر 1951 وحتى 30 من نوفمبر 1951.
وبالرغم من ما تملكه القوات الإنجليزية، من أسلحة متطورة في هذا العصر، إلا أن نيران المقاومة وشجاعة الفدائيين، أحرقت قلوب بريطانيا علي أولادها، الذين كانوا يتساقطون الواحد تلو الآخر، أمام مقاومة باسلة، أقسمت على تحرير الأرض من المحتل.
وأمام قوة المقاومة المصرية وبسالتها، استدعي القائد البريطاني "البر يجادير إكسهام"، ضابط الاتصال المصري، في صباح 25 يناير 1952، وسلمه إنذارًا شديد اللهجة، طالبه فيه بتسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية، أسلحتها للقوات البريطانية، وتنسحب من دار المحافظة والثكنات التي تتمركز بها، ومنطقة القناة بكاملها للقاهرة؛ بسبب أن المحافظة تحولت لبؤرة مقاومة واختفاء، للفدائيين المصريين ضد القوات الإنجليزية بمنطقة القناة.
وأمام هذا الإنذار المتعجرف، الذي يهدف للضغط علي الحكومة والشعب المصري، رفضت المحافظة تهديدات القوات الإنجليزية، التي كانت تحاصرها بأعداد كبيرة، وأبلغته إلي وزير الداخلية وقتها فؤاد سراج الدين باشا، الذي أقر موقف المحافظة، وطلب من رجال الشرطة الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام، وحتى نفاد آخر طلقة.
وفي هذا اليوم كتب رجال الشرطة أسماءهم بالدم، في سجلات البطولات والشرف؛ بعد أن فقد القائد البريطاني أعصابه، وتحركت القوات الإنجليزية، التي يصل عددها سبعة آلاف جندي، مزودين بالأسلحة، تدعمهم دباباتهم "السنتوريون" الثقيلة وعرباتهم المصفحة ومدافع الميدان، لتطويق قسم الشرطة الصغير بجوار المحافظة.
وأعطت القوات البريطانية إنذارًا أخيرًا لمأمور الشرطة وقواته، الذي لا يزيد عددهم على ثمانمائة في الثكنات، وثمانين في المحافظة، لا يحملون سوي البنادق العادية، أمام ترسانة الأسلحة الإنجليزية، التي وجهت أسلحتها للجنود المحاصرون، لمدة ساعة كاملة لم تتوقف عن القصف.
ودارت معركة حامية، بين الضباط والجنود المحاصرين، وبين القوات البريطانية، التي استخدمت كل أسلحتها في معركة غير متكافئة، ولا في التعداد ولا العداد، المثير للدهشة، وبعد أن تهدمت جدران المحافظة، وسالت دماء الشهداء، أمر الجنرال "إكسهام" بوقف الضرب، ليعطي لرجال الشرطة إنذاره الأخير، بالتسليم والخروج رافعي الأيدي، بدون أسلحتهم، وإلا سيتم استئناف الضرب بأقصى قوة.
وجاء الرد علي إنذار القائد الإنجليزي، من ضابط شاب صغير الرتبة، وهو النقيب مصطفي رفعت، الذي صرخ في وجهه في شجاعة وثبات قائلاً :"لن تتسلموا منا إلا جثثا هامدة"، لتشعل هذه الجملة حماس المحاصرين، ويستأنف البريطانيون المذبحة، ليتحول المبني لأنقاض تتناثر حوله أشلاء الشهداء من رجال الشرطة.
وبعد مقاومة شرسة، سقط في المعركة 50 شهيدًا و80 جريحًا من الشرطة، تمكنوا من قتل 13 من القوات البريطانية، وأصابوا 12 جريحًا.
وأسرت القوات البريطانية المهاجمة من تبقي من رجال الشرطة، على رأسهم قائدهم اللواء أحمد رائف، الذي لم يفرج عنه إلا في فبراير 1952.
وأمام بسالة قوات الشرطة المصرية، أمر الجنرال "إكسهام" جنوده بإعطاء التحية العسكرية، للقوات المتبقية من رجال الشرطة، قائلاً:" لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف، واستسلموا بشرف، ولذا فان من واجبنا احترامهم جميعًا ضباطًا وجنودًا".
ولم تكتف القوات البريطانية بهذه المجزرة، بل قامت بتدمير بعض القرى حول الإسماعيلية، بحثًا عن الفدائيين المصريين، وقتلت أثناء هذه الهجمات بعض المدنين، وألقت القبض علي البعض الآخر.
ووصلت العلاقات بين الحكومة المصرية والمحتل الإنجليزي، لقمة التوتر بعد هذه المجزرة، واشتدت الأعمال الفدائية ضد المعسكرات الإنجليزية، وخرجت مظاهرات عارمة في القاهرة ومصر كلها، بعد تلقي أنباء هذه المعركة التي سطرت أسماء رجال الشرطة بحروف من نور في التاريخ، وأصبح يوم 25 يناير هو اليوم الذي تحتفل به الشرطة بعيدها.