خاص| مصر تقلص فجوة استيراد الذرة بالتوسع الزراعي.. وخبراء: فوائده استراتيجية
مع إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي، على هامش منتدى شباب العالم المقام حاليًّا في مدينة شرم الشيخ، عزم الحكومة إدخال أكثر من مليوني فدان للرقعة الزاعية خلال عامين على الأكثر، تتجه الأنظار صوب العديد من المحاصيل الاستراتيجية التي تحتاجها مصر بكثافة، وتتجه لاستيرادها لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، وفي مقدمتها الذرة، وما يمكن أن يحققه التوسع في زراعتها من مكاسب عديدة للاقتصاد المصري.
مسؤولون وزراعيون، قالوا لـ«مستقبل وطن نيوز» إن التوسع في زراعة الذرة يخفض فاتورة استيراد سنوية قيمتها 1.7 مليار دولار لسد 50% من استهلاك السوق المحلي من المحصول الذي يمثل 70 في المئة من مدخلات صناعة الأعلاف للدواجن والأسماك والماشية، وتوفر أيضاً كونه من المحاصيل الزيتية جانباً من الطلب المحلي على الزيت الذي تستورده مصر بنسبة 97، في المئة علاوةً على كونه مدخلاً مهماً من مدخلات إنتاج رغيف الخبز.
مصر تحرز تقدماً في العديد من الزراعات وبمقدمتها الأرز
الدكتور أشرف كمال أستاذ الاقتصاد الزراعي بمركز البحوث الزراعية، قال لـ«مستقبل وطن نيوز» إن مصر أحرزت تقدماً في عدة ملفات زراعية محققة الاكتفاء الذاتي من الأرز بعدما كانت مستوردة له في الماضي، وباتت توجه الفائض للتصدير، وذلك نتيجة توسعها في العديد من المشروعات الزراعية في الدلتا الجديدة والمليون ونصف المليون فدان.
وتشير البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إلى أن قيمة الواردات المصرية من الذرة، بلغت نحو 220 مليونا و274 ألف دولار، في شهر أبريل الماضي، مُقابل 179 مليونا و306 آلاف دولار في شهر أبريل عام 2020، بزيادة بلغت 40 مليونا و968 ألف دولار. فيما بلغت قيمة الواردات نحو 236 مليونا و301 ألف دولار، في شهر مايو الماضي، بينما سجلت 114 مليونا و382 ألف دولار في شهر مايو عام 2020 بزيادة بلغت 121 مليونا و919 ألف دولار.
الذرة تمثل 70% من مكونات إنتاج الأعلاف
وأضاف أستاذ الاقتصاد الزراعي بمركز البحوث الزراعية، أن أهمية محصول الذرة تنبع من كونه يمثل 70 في المئة من مكونات إنتاج الأعلاف اللازمة كبروتين للثروة الحيوانية والداجنة والسمكية، علاوةً على أن وفرته وتقليص حجم المستورد يضمن بقاء أسعار اللحوم والأسماك والدواجن مستقرة، كون المحصول العالمي مرتفع للغاية لأسباب تتعلق بتلف المحصول في الدول المنتجة وظروف الشحن وأسعاره.
وأشار إلى أن الذرة تعد من المحاصيل الزيتية الهامة، التي يمكن الاستفادة منها في خفض فاتورة استيراد الزيوت، حيث تعتمد مصر على أغلب استهلاكها على الاستيراد من ماليزيا وإندونيسيا، وتتعاقد هيئة السلع التموينية بمليارات لتوفيره لأصحاب البطاقات التموينية، وبالتالي فإن خفض هذه الفاتورة يعد مكسباً آخر، علاوةً على استخدامه في إنتاج الخبز إلى جانب الدقيق، متوقعاً أن تحقق الدولة تقدماً في ملف الذرة بالتوازي مع الجهود المبذولة حالياً في الحملة القومية للقمح.
فاتورة استيرادية باهظة تصل 1.7 مليار دولار سنوياً
وتشير البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إلى أن الواردات المصرية من الذرة كانت ضمن قائمة أهم الواردات المصرية من المواد الخام، التي بلغت قيمتها الإجمالية نحو 755 مليونا و78 ألف دولار في شهر مايو الماضي، مقابل 576 مليونا و748 ألف دولار في نفس الشهر عام 2020 بزيادة بلغت نحو 178 مليونا و330 ألف دولار. بينما تبلغ تكلفة استيراد الحكومة للذرة سنويًا مليار و700 مليون.
أما نقيب الفلاحين، حسين أبو صدام، فقال لـ«مستقبل وطن نيوز» إن الدولة ستتجه إلى زيادة المساحات المزروعة من الذرة وتدرك أهمية تحقيق الأمن الغذائي في هذا الملف، كون فاتورة الاستيراد مرتفعة في ظل أزمات الشحن العالمية التي تضاعف من الأسعار المرتفعة في الدول المنتجة، موضحاً أن التوسع في ذراعة الذرة وتوفير الأعلاف سيخفض بدوره فاتورة استيراد اللحوم المستوردة التي تستوردها الدولة بنسبة 60 في المئة من الاستهلاك لسد حاجات السوق المحلية.
مخطط لزيادة المساحة الزروعة بـ300 ألف فدان إضافية
وتخطط وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي لزيادة مساحة محصول الذرة بـ300 ألف فدان، ليصل إجمالي المساحات المنزرعة 3 ملايين فدان، بحسب ما سبق أن صرح به الدكتور عباس الشناوي رئيس قطاع الخدمات والمتابعة الزراعية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي.
وأوضح حسين أبو صدام، أن مشكلة الذرة كمحصول كانت تنتج من أسعار توريده المنخفضة في ضوء تكلفته العالية على الفلاحين، وبالتالي فإن ضمه لمنظومة الزراعات التعاقدية سينهي تلك المشكلة ويضمن للمزارعين السعر المجدي للزراعة والتوريد، دون تحملهم أي خسارة، فضلاً عن أن مصر تستورد الذرة بجميع أنواعها: الرفيعة، البيضاء والصفراء بضعفي تكلفة الحصول عليه من المزارعين، وهو ما كان يدفع الفلاحين لزراعات أخرى أكثر جدوى اقتصادية مثل الأرز والفول والقطن.
وأعرب نقيب عام الفلاحين، عن تفاؤله بالمشروعات الزراعية الأخيرة التي دشنها الرئيس عبد الفتاح السيسي وعلى رأسها توشكى قبل أسابيع، وقال إن هذه المساحات ستتضمن زراعة محاصيل استراتيجية في مقدمتها الذرة بأنواعها، لافتاً إلى أن الإنتاج الزراعي يحظى بأهمية استراتيجية وقدم فائضاً تصديرياً زاد عن 5.5 مليون طن صادرات بنهاية العام الماضي.