منتدى شباب العالم| استراتيجية مصر المائية.. سياسة رشيدة ومشروعات عملاقة
تؤرق قضية الأمن المائي، العديد من بلدان العالم، في ظل قلة الموارد المائية وعدم قدرتها على سد الاحتياجات بسبب النمو السكاني المتزايد، وتوسع الأنشطة الزراعية والصناعية والتجارية بما أوجب توفير موارد مائية مضاعفة لتوفير الإنتاج المناسب للأسواق.
وناقشت إحدى الورش التحضيرية للنسخة الرابعة من منتدى شباب العالم قضية الأمن المائي والحفاظ على الموارد تحت اسم «نحو سياسات مائية رشيدة من أجل الإنسانية»، فيما يناقش المنتدى خلال جلسات ثاني أيام انعقاده، بعد غد الثلاثاء، موضوع «المسؤولية الدولية في تحقيق الأمن المائي».
وتنطلق النسخة الرابعة من منتدى شباب العالم، بحضور ورعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال الفترة من 10 – 13 يناير الجاري، في مدينة شرم الشيخ، بحضور شباب يمثلون 196 دولة حول العالم، تحت عنوان “النسخة الرابعة عالم ما بعد جائحة كورونا”.
مشروعات مصرية لتحقيق الأمن المائي
«الدولة المصرية قامت بجهود كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية، لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من المورد المائي المتوفر لديها وهو نهر النيل»، يقول الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة، راصدا، جهود الدولة في توفير موارد مائية تلبي احتياجات النمو المتزايد للسكان، وتوسع الأنشطة المختلفة، على النحو التالي:
1- إقامة مشروعات لتحديث طرق الري التقليدية، عبر ري الأراضي بأساليب متنوعة تحافظ على المياه (الرش – التنقيط)، بغرض توفير كميات كبيرة من المياه تستخدم في استصلاح أراض جديدة.
2- استنباط أصناف زراعية جديدة تستهلك كميات مياه أقل، وتعطي إنتاجية أعلى، وعلى سبيل المثال إنتاج فدان الأرز كان يعطي ناتج يقدر بـ2 طن فقط، لكن الآن بعد استنباط سلالات جديدة أصبح الفدان ينتج من 4 إلى 5 أطنان أرز.
3- معالجة مياه الصرف الزراعي، في إطار استراتيجية استخدام مياه النيل أكثر من مرة، إذ جرى في هذا الصدد، إنشاء «محطة مياه بحر البقر» و«محطة المحسنة» ، فيما يجري العمل حاليًا على إقامة «محطة الحمام»، المقرر افتتاحها خلال الفترة القريبة المقبلة.
5- إطلاق المشروع القومي لتبطين الترع، والهدف من المشروع ليس فقط توفير المياه المسربة من الترع لأنها قليلة مقارنة بالكميات التي تتسرب من التربة الزراعية جراء الري بالغمر، وإنما الاستفادة من مميزات التبطين في توصيل المياه إلى نهاياتها.
6- إعادة استخدام مياه الري من خلال حفر آبار لاستخدام مياه الصرف الزراعي، ومياه الري المتسربة إلى التربة الزراعية، والاستفادة منها.
7- الاستفادة من المياه العميقة في الأراضي الصحراوية لاستخدامها في ري المشاريع الكبرى مثل مشروع المليون ونصف فدان، الذي أمرت القيادة السياسية باستكماله من أجل سد الفجوة الغذائية، بضخ إنتاج متزايد في السوق.
8- الاعتماد على المياه الجوفية بنسبة 80 في المئة، في مشروع المليون ونصف المليون فدان الجديد، في الفرافرة وغرب المنيا، إذ بدأ العمل في استصلاح أراضي المشروع، منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم في 2014.
9- الاعتماد على المياه المعالجة في «محطة الحمام»، التي تنتج 2.5 مليار متر مكعب مياه، في مشروع الدلتا الجديدة، بالإضافة إلى مصادر مياه أخرى، كما أن «محطة بحر البقر»، تخدم مشروع ترعة السلام.
10- تخزين مياه الأمطار الكثيفة التي تسقط على الساحل الشمالي، وتعتبر مصدر أساسي في مطروح وشمال سيناء، وتعمل الدولة على تحقيق أقصى استفادة منها من خلال إقامة السدود لتخزين المياه في بحيرات، مثل سد الراوفعة في شمال سيناء، الذي يمكنه تخزين 5 ملايين متر مكعب من المياه، بالإضافة إلى أن تلك السدود تحمي السكان، إلى مخرات السيول.
11- إقامة محطات تحلية مياه البحر، رغم أن تلك المشروعات مكلفة للغاية، للاستفادة بها في الأنشطة المختلفة، بعيدًا عن مجال الزراعة، ويمكن إقامتها في المدن الساحلية التي تبعد عن موارد نهر النيل.
الري الحديث يقلل المياه المستهلكة
وبدوره الدكتور أشرف كمال، أستاذ الاقتصاد الزراعي بمركز البحوث الزراعية، يقول في تصريحات إلى "مستقبل وطن نيوز"، إن تطبيق نظم الري الحديثة يقلل كمية المياه المفقودة مقارنة بنظم الري التقليدية مثل الري بالغمر، مشيرا إلى أن نظم الري الحديثة تُزيد إنتاجية الفدان الواحد مقارنة بإنتاجيته عند استخدام نظام الري بالغمر التقليدي، وهو ما يحقق مصلحة الدولة في تحقيق الأمن الغذائي، ومصلحة المزارع بحصوله على إنتاجية عالية من المحصول.
ويوضح كمال، أن التحول لنظم الري الحديثة يحتوي على العديد من المحاور منها محور تبطين الترع والمساقي، مما يساهم في خفض معدلات التسرب والتبخر، ووصول المياه لنهايات الترع، والحفاظ على مساحة الرقعة الزراعية المزروعة.
وينوه بأن نُظم الري الحديثة تعتمد على تقليل الفاقد من المياه من خلال العمل على الحد من زراعة المحاصيل شرهة استهلاك المياه، مثل تقليل المساحة المزرعة بالأرز إلى 1.1 مليون فدان، والحفاظ على مساحة قصب السكر المزروعة في الوقت الجاري وهي حوالي 325 ألف فدان، والحد من مساحة محصول الموز.
ويلفت إلى أن نُظم الري الحديثة (الرش – التنقيط – المحوري) تحافظ على عمر التربة والأراضي الزراعية، من خلال إتاحة كمية المياه المحددة التي تحتاجها التربة، بالتالي يزيد عمرها.
حلول متعددة للحفاظ على المياه من التلوث
الدكتور سعد السيد حسن، عميد كلية العلوم بجامعة عين شمس الأسبق، يقول إن، 55.5 مليار متر مكعب من المياه غير كاف لتلبية احتياجات الدولة، في ظل الزيادة السكانية المستمرة وتوسع الأنشطة المختلفة.
ويشير حسن - في تصريحات إلى "مستقبل وطن نيوز" - إلى أن الدولة سارت في اتجاهات عديدة للحفاظ على المياه من التلوث وإعادة استخدامها منها تبطين الترع لعدم تسرب المياه، والتغلب على عدم وصول المياه إلى نهايات الترع، وبالتالي تتعرض مساحة واسعة من الأراضي الزراعية للبوار.
وينوه، إلى أن الدولة أدخلت تكنولوجيا حديثة في تحلية مياه البحر لخدمة المدن الساحلية وأنشطتها الزراعية والصناعية والتجارية، البعيدة عن نهر النيل، فضلا عن اتجاهها إلى تحديد كمية المياه المستهلكة في الري من خلال استخدام طرق الرش والحقن والتنقيط في ري الأراضي.
ويذكر أن محطة مياه بحر البقر لتحلية مياه الصرف تنتج 5.6 مليون متر مكعب من المياه، يمكن الاعتماد عليها في ري 400 ألف فدان في سيناء، بدلًا من تصريف مياه الصرف الزراعي والصحي في بحيرة المنزلة مما يضر بالبيئة والثروة السمكية.
ويضيف، أن الدولة بذلت أيضًا مجهودًا كبيرًا في إنشاء محطات تحلية ومعالجة المياه في القرى، مما يوفر كميات كبيرة من المياه من خلال إعادة استخدامها.