غادة والي: مصر لم تكتف بتشريعات مكافحة الفساد وتبنت استراتيجية وطنية لمنعه
قالت الدكتورة غادة والي وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة، إن المؤتمر التاسع للدول الأطراف في اتفاقية مكافحة الفساد والذي يختتم أعماله اليوم في شرم الشيخ، يعد تاريخيا لأنه يعقد في ظروف استثنائية بفعل وباء كورونا الذي تسبب في تأجيل أو إلغاء العديد من الفعاليات حول العالم، مشيرة إلى حرص مصر على استضافة المؤتمر وتوفير كل إجراءات التأمين والسلامة.
وأضافت غادة والي - في حوار خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط - أن مركز المؤتمرات الدولي بشرم الشيخ يسمح بالتباعد الاجتماعي، إضافة إلى إجراءات التحليل المستمر والمتابعة المستمرة التي وضعتها الدولة لحماية الوفود، لافتة إلى المؤشرات التي تؤكد استثنائية الدورة الحالية من حيث عدد المشاركين الذي تخطى 2100 شخص، ما بين حضور شخصي وافتراضي، ومشاركة أكثر من 500 منظمة مجتمع مدني و40 مركزًا بحثيًا ونحو 50 من خبراء منظمات الأمم المتحدة، إضافة إلى الأعداد التي تشارك في المؤتمر بشكل افتراضي.
وأوضحت وكيل الأمين العام للأمم المتحدة أن استضافة مصر لهذا المؤتمر يعكس اهتمامها بمكافحة الفساد والتعاون الدولي في هذا الصدد، مؤكدة أن مصر شريك دائم للأمم المتحدة في مختلف الموضوعات وهي من أوائل الدول الموقعة لتأسيس المنظمة الأممية وموقعة على اتفاقية مكافحة الفساد.
وتابعت بأن الدستور المصري ينص على مكافحة الفساد، إضافة إلى التشريعات القائمة والمعدلة في هذا الصدد، منوهة بأن الدولة لم تكتف بذلك وأعلنت عن استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد جارى تنفيذها بإشراف هيئة الرقابة الإدارية وبالتعاون مع العديد من الوزارات التي أصبح بالنسبة لها الوقاية من الفساد أحد السياسات الهامة للدولة.
وأضافت غادة والي أن مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة، له مكتب إقليمي نشط في القاهرة يشرف على نشاط شمال إفريقيا والشرق والأوسط، ونجح في إقامة ما يزيد عن 100 فعالية خلال السنوات الماضية، مشيرة إلى أن حملتين إعلاميتين (دشنتهما هيئة الرقابة الإدارية) مشهود لهما بالانتشار حول مفهوم رفض الفساد وصلت مشاهدتهم 55 مليون مشاهد.
وثمنت وكيل الأمين العام للأمم المتحدة التعاون مع أكاديمية مكافحة الفساد المصرية (التابعة لهيئة الرقابة الإدارية) ودورها في التعاون الفني ورفع الكفاءات، مشيرة إلى أن الأكاديمية قامت بالتعاون مع المكتب، بتدريب 150 خبيرًا من ليبيا والسودان لتطوير استراتيجيات مكافحة الفساد.
واعتبرت والي أن اشتراك مصر في شبكة جلوب يتيح لها التعاون مع باقي المحققين في العالم في تحقيق وفحص قضايا الفساد العابرة للحدود، إضافة إلى ما تتيحه الشبكة من فرصة لمصر لبناء القدرات والاطلاع على أفضل الممارسات.
ولفتت إلى ثراء وتنوع المؤتمر التاسع الذي استضاف 75 حدثا جانبيا لموضوعات تحظى باهتمام أممي، وكذلك الإعلان عن تقارير تصدر للمرة الأولى، منها تقرير عن وضع الفساد في الرياضة، ودراسة لأول مرة عن تأثير الفساد على المرأة ودورها في مكافحة الفساد، ورقة سياسات عن دور المرأة في مكافحة الفساد أعدها مكتب الأمم المتحدة المعنى بالجريمة والمخدرات لصالح منظمة المرأة الإسلامية (مقرها القاهرة).
وتابعت غادة والي بأن المؤتمر شهد استعراض ورق عمل وسياسات حول الفساد المرتبط بجائحة كوفيد 19، وجلسات عمل حول استرداد الأصول والموجودات وعمل وحدات التحريات المالية للتحقيق في غسيل الأموال وتدفقات الأموال غير الشرعية، بالإضافة إلى جلسة عن الذكاء الاصطناعي والتحريات عن الفساد والتعاون مع مؤسسة إيطالية بحضور جوفانى سالفينى النائب العام الإيطالي، وجلسة أخرى لوزير العدل في أنجولا حول مبادرة التعليم من أجل مكافحة الفساد قادة النزاهة، والوزير إبراهيم الكهموس رئيس هيئة مكافحة الفساد السعودي "نزاهة"، حول شبكة جلوب العالمية لمكافحة الفساد.
وأوضحت الدكتورة غادة والى أن كل عامين تستضيف أحد دول العالم - بناء على طلب الدولة - مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وتأتي استضافة مصر للمؤتمر ورئاسته بعد أن عقد منذ عامين في آسيا (أبوظبى بدولة الإمارات العربية المتحدة).
وكشفت والي أن مؤتمر الأطراف قرر أمس الموافقة على طلب الولايات المتحدة الأمريكية باستضافة الدورة المقبلة (عقب عامين)، مشيرة إلى أهمية هذا التنوع الجغرافي بما يعكس اهتمام المناطق الجغرافية على هذه الاتفاقية وحرصها على التعاون الدولي لمكافحة الفساد.
وأوضحت رئيس مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة، أن مكافحة الفساد تحتاج إلى قدر كبير من الاستقرار السياسي والأمن في الدولة، بوصفه أحد الإشكاليات المعقدة التي تتعدد صوره وأشكاله ومنه نماذج فساد صغير بين الأفراد، والفساد العابر للحدود، مؤكدة الحاجة إلى أجهزة لديها قدر من الاستقلالية والموارد والدعم الفني لمكافحة الفساد، وكذلك سياسات مستقرة وقيادات تشرف على العمل.
ونوهت والي، بالحاجة إلى تشريعات صادرة عن مجلس نيابي مستقر وإعداد تقارير ومتابعة وتبادل معلومات، يتبعها قيام مؤسسات الدولة وفق خطة عمل واستراتيجيات واضحة بالعمل على مكافحة الفساد ومنعه، محذرة من أن أي دولة في حالة حرب أو عدم استقرار لا يمكنها متابعة مختلفة مؤسساتها ما يتيح مجالًا للفساد.
وشددت غادة والي على أن الاستقرار شرط رئيس لمكافحة الفساد الذي ينبت من مواطن الضعف في الدولة، مشيرة إلى أن وباء كورونا تسبب في تغير أولويات الدول لتوفير احتياجاتها في ظل الجائحة ما فتح نافذة فساد لمحاولة استغلال عدم الاستقرار في القطاع الصحي.