شادية.. دلوعة السينما المصرية التي تزعمت عصابة لسرقة تفاح الملك
شادية ليست أم كلثوم، أو فاتن حمامة، لم تصل إلى القمة في الغناء والتمثيل، هكذا كانت ترى نفسها، لكنها كانت تعتقد أن القمة مزعجة، وكانت سعيدة لأنها عثرت على كنز أعظم.. هو حب الناس.
يؤمن عبد المنعم مدبولي أن شادية السبب في نجاح «ريا وسكينة»، لأن الناس كانت تتجمهر أمام المسرح، وتتزاحم على شباك التذاكر، وهي لا تصدق أنها سوف تراها «لحم ودم» وليس مجرد صور تتحرك على شاشة السينما!
وحكى أحمد بدير أنه كان يفقد تركيزه على المسرح مرات عديدة، لأنه كان ينظر إلى شادية كمعجب، مهووس بجمالها، وليس زميلا في المسرحية.
أما يوسف شعبان فقد كشف أن شادية «أيدها مخرومة»، توزع أجرها على العمال الغلابة في الاستديو وتعود إلى البيت يا مولاي كما خلقتني.
واشتكت شادية لإيريس نظمي - التي دونت مذكراتها- أنها أعطت الكثير ولم تأخذ شيئا، واعتبرت حياتها أكبر دليل على ذلك الذي قالوه عن مواليد برج الدلو.. يعطون ولا يأخذون.. وابتسمت وهي تخبرها أنها غير نادمة على هذا العطاء.
تشفق شادية على مواليد برج الدلو، تصفهم بالمساكين، الذين كتب عليهم أن يظلوا بعيدين عن الجاه والسلطان، يعطون دون تفكير، ويتركون قلوبهم ومشاعرهم تحركهم وتوجههم، قلوبهم هي التي تفكر قبل عقولهم.. أحاسيسهم هي التي تقودهم في عالم أصبح ماديا لدرجة مخيفة.
شادية وقصص حب فاشلة
جميع قصص الحب التي عاشتها شادية فاشلة بالتلاتة، شعور الأمومة ظل محبوسا في صدرها، وإحساس الوحدة الذي يؤلمها لم يفارقها.
من «الحلمية الجديدة» في حي عابدين إلى إنشاص انتقلت فاطمة (اسمها الأصلي) مع أسرتها، للإقامة مع والدها المهندس الزراعي المشرف على الأراضي الخاصة الملكية.
ظنت في سنواتها الأولى أن فاكهة قصر الملك أطعم من الفاكهة الموجودة في حديقة بيتهم، و«قادت عصابة مكونة من اخويها، لتسلق السور وسرقة تفاح الملك»، وفقا لما قالته في مذكراتها التى نشرتها إيريس نظمي.
وعندما عاد بها والدها إلى القاهرة لتعيش في القاهرة، توسعت إمارتها ونزعتها للقيادة، وتزعمت البنات في سنة أولى ابتدائي بمدرسة شبرا للبنات.
شادية بطلة لعبة "الحجلة"
لم يكن ذلك هو كل ما حققته شادية من انتصارات في طفولتها السعيدة، كانت أيضا بطلة الشارع في «الحجلة»، واعترف العيال الذين يلعبون معها في شارع طوسون بمهارتها في النط.
أول فيلم شاهدته في السينما هو «ليلي» المأخوذ عن «غادة الكاميليا»، ما جعلها تقلد ليلى مراد أمام المرآة ولكنها لم تسمع أحد من أسرتها يشجعها بكلمة واحدة بعد ان سرقت أختها عفاف الإعجاب لأنها صاحبة الصوت الجميل، والمسموح لها بالغناء في الحفلات التي تقيمها العائلة، وعاد إليها الحق المسلوب عندما تزوجت عفاف.
اكتشفتها سيدة اسمها حكمت كانت قريبة الأسرة وتبنت موهبتها أمام العائلة وهي تعلن أن (فاتوش) ومعناها فاطمة بالتركية، ستغني، أما أبلة ليلى – مدرسة المحفوظات – التي كانت تمر بأزمة عاطفية، فقد كانت تغلق الفصل لتسمعها تغني (بتبص لي كده ليه)
اكتشاف شادية
وفي الثالثة عشرة من عمرها طلب منها والدها ان تحمل صينية الشربات ليشاهدها مهندس الطيران (22 عاما) الذي جاء لخطبتها، فانهارت أحلامها في أن تصبح ليلى مراد أو أسمهان، ولكن كان لديها العديد من الحيل لتجبره على الطيران من أمامها.
ولكن الحيل الصغيرة لم تصلح مع العريس الثاني، ما جعلها تهدد بالانتحار، في حال إرغامها على الزواج منه، ونجحت الخطة.. وتراجع والدها.
وانتهزت فرصة إقامة حفل عائلى حضره مطرب تركى معروف اسمه منير نور، وكان والدها من أشد المعجبين به، وغنت أمامه، وكان إعجاب المطرب التركى بصوتها سببا مباشرا فى إعجاب أبيها، ما جعله يستدعي مدرسا للموسيقى ليعلمها أصول الغناء.
أما مدرس الموسيقى فقد قدمها إلى أحمد بدرخان الذى قال إنها تصلح ممثلة ومطربة، وهي الجملة التى كانت تنتظرها.
بداية مشوار شادية الفني
أول عقد وقعته شادية كان وهي في الخامسة عشر من عمرها، حصلت من خلاله على مائتى جنيه، فى أول كل شهر عشرين جنيها من المبلغ المتفق عليه وظهرت فى لقطة واحدة على الشاشة فى فيلم «أزهار وأشواك».
ظهرت ككومبارس مع هند وفي افتتاح الفيلم رفضت سناء سميح أن تجلس معهما، فشعرت شادية بالإهانة الشديدة.. وبكيت.. لكن هند رستم قالت لها: «ماتزعليش بكرة تبقى أحسن منها».. وقد كان!
قبل أن تصل لسن الـ16 خطف قلبها ضابط أسمر من الصعيد. وبينما تتأهب لعقد قرانها، امتدت إليه يد القدر، ليسقط شهيداً في حرب 1948.
أزواج شادية
وفي العشرين من عمرها تزوجت عماد حمدي الذي كان في ضعف عمرها تقريبا، وبعد ثلاثة أعوام تم الطلاق.
الزوج الثاني هو الإذاعي المعروف فتحي عزيز عام 1957، وفشل الارتباط بعد عامين بسبب غيرته الشديدة عليها وصدمته من فقد حملها وهي في الشهر الثاني، ليشهد عام 1964 ارتباطها بالفنان صلاح ذو الفقار الذي استمر سبع سنوات.
يختلف عشاق شادية في أسباب حبهم لها، البعض يراها صاحبة صوت أنثوي، لبنت شقية، باستطاعته تخدير الحواس، والوصول إلى القلب بسهولة، وآخرون يرون أنها ممثلة من زمن «الأحاسيس» مجرد ظهورها في عمل سينمائي يجبرك على مشاهدته.
أفلام شادية
أدت شادية العديد من الأدوار الصعبة مثل أفلام: اللص والكلاب، ميرامار، الطريق، زقاق المدق، و«شئ من الخوف» وأخيرا «لا تسألني من أنا» الذي أثبتت من خلاله أن الموهبة تكبر مع العمر!
ورغم أنها نجحت في تجسيد العديد من الشخصيات، وحصلت موهبتها في التمثيل على احترام النقاد، إلا أن الانطباع الأول يدوم!
شادية مهما حاولت أن تغير جلدها، وتتخفى داخل أدوار مختلفة، ستظل هي البنت الدلوعة، التي لا تكبر أبدا في عيون المشاهد.
عام 1986 اعتزلت الفن بعد أن وجدت أنها تكرر نفسها، برصيد 150 فيلماً ومسرحية واحدة إضافة إلى 5000 أغنية.