«اللغة والأدب.. تحديات الوجود والهوية» محاضرة بجامعة الحسن الثاني في المغرب
نظم مختبر السرديات والخطابات الثقافية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، محاضرة ألقاها الباحث المصري الدكتور خالد عزب في موضوع: "اللغة والأدب، تحديات الوجود والهوية".
وافتتح إبراهيم أزوغ، منسق أعمال المختبر، اللقاء بكلمة وصف فيها الدكتور خالد عزب، بأنه أحد الوجوه الفكرية والثقافية التي أغنت المكتبة العربية بأبحاثها متعددة الروافد، وخاصة في الجماليات، مشيرا إلى أن عزب يحمل صفة محاضر من عدد من الجامعات المرموقة، وله ما يزيد عن خمسين كتابا.
بدوره، قال الدكتور خالد عزب إن مجمع اللغة العربية بالقاهرة، قام بدور ريادي منذ تأسيسه وحتى منتصف القرن العشرين، تمثل في إدخال كلمات جديدة تعبر عن مستجدات التقدم العلمي، سواء من خلال الاشتقاق أو من خلال القياس على المستوى الصوتي للغة العربية، ما يدل على أن هذه اللغة قادرة على مواكبة روح العصر واستيعاب التغيرات الجديدة.
وأشار إلى العلاقة الجامعة بين علم الآثار واللغة والأدب، مضيفا : "الغوص في الزمن يرينا عدة حقائق، من بينها أنه كان في العصر المملوكي بمصر حياة أدبية مفعمة بالحيوية، حيث كان الناس يستمتعون بالأدب في كل مكان: في الشارع والمقهى والمسجد والمدرسة، وذلك وفق أشكال الأدب المتاحة والمتعددة، التي تجمع بين ما هو شعبي وما هو رسمي".
ونوه بدور "الحكواتي" (الراوي الشعبي للقصص) في نشر هذه الثقافة وإشاعتها بين الناس، عبر طرقه الخاصة في استمالة المتلقي وتشويقه، منها القصة الممتدة التي يجزئها إلى قصص صغيرة تحكى منها قصة كل ليلة.
ووقف عزب عند مفهوم "أحدوثة"، التي تعني – وفقا لتعبيره – إحداث حديث غير موجود من قبل، وهي قصة تروى في ليلة واحدة، عكس القصة الممتدة أو الطويلة.
ولاحظ أنه كانت هناك ميزة أساسية افتقدها العصر الحديث، وهي فكرة التأليف الجمعي: حيث شهدت تلك الفترة ازدهار هذا النوع من التأليف الذي كان شائعا ومتأصلا، إذ أن "ألف ليلة وليلة" الشهيرة، التي كتبت في النسخة البغدادية، كتبت النسخة الأخيرة القاهرية منها في العصر المملوكي.
وشدد عزب على أن الحل الأنجع لإعادة الاعتبار للغة العربية ككيان لغوي ووعاء ثقافي، يكمن في التركيز على النص وجمالياته، الشيء الذي يخلق علاقة فنية ونفسية متينة بين الأطفال واللغة العربية.
كما طرح فكرة العودة إلى استخدام الحرف العربي في العمران، لما له من تأثير بصري وجمالي باعث على حضور اللغة العربية الدائم في الذاكرة الحية للأجيال.
وقال إنه يعتبر اللغة بمعجمها وتركيبها ودلالاتها هي المرآة التي تعكس مختلف التصورات في ثقافة ما عن هذا الموضوع، إذ إنها يجب أن تبقى لصيقة بتطورات الزمن عبر الاستعمال، حتى تكتسب حيثيات التعبير الواعي بالزمن المواكب لتحولاته وشتى انعطافاته المتعددة.
ورأى أن شباب اليوم لا يستصعبون كتابة لغتهم عبر الهواتف المحمولة، مما يطرح تساؤلا حول رؤية لغة جديدة مستقبلية بديلة للغة العربية، يتم تداولها بين مختلف الأوساط والوسائط وتمتلك أدبها الخاص كالقصة القصيرة جدا، التي بدأت تنتشر مع انتشار الإلكترونيات.
وانتقل الدكتور خالد عزب إلى الحديث عن موضوع اللغة الأم، مشيرا إلى أن القول باللغات السامية أصبح من الماضي، إذ فقد معناه وحجية استمراره في ظل تطور علم اللغة التاريخي والحفري والعلوم اللغوية التي تكشف عن المشتركات بين اللغات.
وأضاف أن هذا الطرح الجديد، يحتاج إلى إقامة معجم يجمع هذه المشتركات، متسائلا عن تغير مفهوم التعاون مع اللغة، في ظل تقدم اللغات وتداخلها، إذ يشير في هذا المستوى إلى أهمية المصطلحات، واعتبار كمها مؤشرا على الطفرة العلمية والثقافية والنهوض والتقدم الذي يشمل كل المجالات.