خاص | أوروبا تتجه للتوسع في تنويع وارداتها من الغاز.. وخبراء: مصر مؤهلة بقوة
بينما تتواصل خلافات أوروبا مع روسيا بشأن الغاز، في ظل تعليق ألمانيا الموافقة على خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 الروسي المثير للجدل، يرى خبراء الطاقة، أن الاتحاد الأوروبي سيزيد من اعتماده على سياسة تنويع وارداته من الغاز الطبيعي، في محاولة لتقليص الاعتماد على الغاز الروسي الذي يوفر 30 في المئة، من الاحتياجات الأوروبية.
وقال خبراء الطاقة لـ«مستقبل وطن نيوز»، إن مصر مؤهلة للعب دوراً كبيراً الفترة المقبلة، في تلبية جانب من الطلب الأوروبي على الغاز، بالاشتراك مع دول منتدى شرق المتوسط، خاصة في ظل التوقعات بارتفاع الإنتاج المصري من الغاز الفترة المقبلة، بفعل الاستثمارات المتدفقة على القطاع، وتبشر بطفرة إنتاجية، خاصة في منطقة شرق المتوسط.
مصر تستحوذ على 1.5% من الإنتاج اليومي العالمي
ويبلغ إنتاج مصر من الغاز الطبيعي خلال عام 2020 ما يقرب من 5.64 مليار قدم مكعب يوميًا، مقارنة مع عام 2019، الذي سجل 6.28 مليار قدم مكعب، وتمكنت من الاستحواذ على حصة تصل إلى 1.5 في المئة، من الإنتاج العالمي اليومي من الغاز الطبيعي، فيما حصدت حصة تقدر بـ 11 في المئة، من إجمالي إنتاج الدول العربية من الغاز.
وقال المهندس أسامة كمال، وزير البترول الأسبق، إن أوروبا تستهلك 30 في المئة، من احتياجاتها اعتماداً على الغاز الروسي، والنسبة المتبقية من النرويج والولايات المتحدة الأمريكية والجزائر وإيران وقطر ومصر، وأن الاتحاد الأوروبي يعمل على سياسة تنويع مزيج الطاقة، مستهدفاً بحلول 2035 تحويل اعتماده من الغاز الطبيعي إلى مصادر أخرى من الطاقة المتجددة أقل تلويثاً للبيئة.
الاكتفاء الذاتي المصري من الغاز فتح الطريق أمام التصدير
وأوضح كمال - في تصريحات لـ«مستقبل وطن نيوز» - أن مصر وإسرائيل هما الدولتان اللتان تنتجا الغاز بشكل كبير في دول منتدى غاز شرق المتوسط، وأن مصر حققت الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي قبل سنوات، وبدأت في تحقيق قرابة مليار ونصف المليار قدم مكعب يومياً، بينما احتياجات أوروبا السنوية تقدر بنحو 260 مليار متر مكعب من الغاز، وروسيا وحدها تنتج 65 مليار قدم يومياً، وعليه فإن مصر تشترك مع عدة دول في تلبية جانب من الطلب الأوروبي على الغاز.
ويوم أمس، عقد المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، جلسة مباحثات مشتركة مع برنارد لوني، رئيس شركة بي بي البريطانية، لبحث زيادة التعاون المشترك وضخ المزيد من الاستثمارات لتحقيق نجاحات جديدة في إنتاج البترول، والغاز من حقول ريفين واوزوريس وساتيس وهارمتان، وأنه سيتم تنفيذ مشروع للمسح السيزمي باستثمارات كبيرة خلال العام المقبل.
قطاع البترول المصري قصة نجاح كبيرة خلال سنوات
ولفت أسامة كمال، الانتباه إلى أن أوروبا باتت تُرشد احتياجاتها من الغاز حالياً، بينما ينظر للقطاع البترولي في مصر باعتباره قصة نجاح قوية، بما يساهم به القطاع من قرابة الـ30 في المئة، من الناتج المحلي الإجمالي، فضلاً عن أنه يتصدر قائمة الصادرات المصرية، ولا تألو وزارة البترول والثروة المعدنية أي جهد في العمل على دفع الإنتاج المصري.
ورصدت بيانات للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفاع الاستهلاك المحلي من الغاز الطبيعي بنحو 95 ألف طن، حيث بلغ 3 ملايين و917 ألف طن في يناير الماضي، مقابل 3 ملايين و822 ألف طن عن نفس الشهر عام 2020.
واختتم أسامة كمال، قائلاً: «مصر تنفذ العديد من المشروعات حالياً، وحجم الاستثمارات المتدفقة على القطاع من الشركات الأجنبية كبيرة، وهو ما يبشر بالزيادة في الإنتاج، وكل سنة القطاع يشهد زيادة في عدد الآبار وتحديث الأنظمة وتأهيل وتدريب العمالة، وهي كلها بمثابة استثمار قوي في القطاع البترولي».
منطقة شرق المتوسط واعدة بالاكتشافات البترولية والغازية
أما الدكتور رمضان أبو العلا، أستاذ هندسة البترول والطاقة، فيرى، أن مجموعة اكتشافات شرق المتوسط وما يتم توفيره من هذه المنطقة، يساهم في تشكيل تنوع في الاستهلاك الأوروبي، حيث بإمكان مصر المشاركة مع دول أخرى في تغطية 10 في المئة، من الطلب الأوروبي على الغاز الذي يجرى تصديره عبر مصانع الإسالة بدمياط.
وتواجه أوروبا أزمة غاز شتوية تلوح في الأفق، أثارت مخاوف من تباطؤ صناعي واسع النطاق بسبب إغلاق المصانع وانقطاع التيار الكهربائي المحتمل، واتهمت بعض الدول روسيا أكبر مورد للغاز في أوروبا، بوقف إمدادات الغاز الإضافية عن أوروبا من أجل الضغط على ألمانيا للموافقة على مشروع الغاز، وقد نفى الكرملين ذلك.
أشار رمضان أبو العلا في تصريحات لـ«مستقبل وطن نيوز» إلى أن حقل ظُهر في منطقة شرق المتوسط، يمثل أكبر الحقول في المنطقة، وهو ليس الوحيد، فهناك حقل أفروديت القبرصي وتمار الإسرائيلي، موضحاً أن هذه المنطقة واعدة للغاية والاحتمالات بها مبشرة.
ارتفاع الطلب العالمي على الغاز رفع أسعاره
ووصلت أسعار الغاز إلى مستويات قياسية في الأشهر الأخيرة، مدفوعة بارتفاع الطلب العالمي بعد التباطؤ الاقتصادي لـ كورونا العام الماضي، وغذتها إحجام روسيا عن تصدير إمدادات إضافية إلى أوروبا للمساعدة في تلبية الطلب على الرغم من ارتفاع أسعار السوق.
واختتم أستاذ هندسة البترول والطاقة تصريحاته، لافتاً إلى أن مصر حققت الاكتفاء الذاتي بعد سنوات من العجز، واستطاعت توفير فائض من الغاز، وتتمتع ببنية تحتية قوية، بالإضافة إلى وجود مصنعين للإسالة، وهي كلها أمور تدفع في دعم هذا القطاع الحيوي الهام من قطاعات الاقتصاد المصري.