أنغام.. تعرف على مغامرات مطربة تدلل كرامتها على حساب مشاعرها
في الاتجاه المعاكس لجيل التسعينات مضت أنغام، تتخذ من حنجرتها الفولاذية سلاحا لضرب مخطط حميد الشاعري في هدم الألحان الطربية، وهو يستخدم جملة موسيقية فقيرة تعتمد على الإيقاع السريع لتعبئة الأصوات الضعيفة في شرائط كاسيت، وجني الربح، وفي المقابل جلست أنغام في "الركن البعيد الهادي" تراهن على أذن المستمع العربي بإحساس استثنائي، وصوت أخاذ.
فشل حميد ومن معه في الاستمرار على الساحة، كلما ظهر أحدهم على المسرح واستمع الجمهور إلى صوته "المغشلق" بدون آلات تصحيح الأصوات، سخروا منه ومن إمكانياته المتواضعة، ما اضطرهم إلى الغناء بطريقة "البلاي باك"، في حين كانت أنغام بصوتها القوي تهز أركان القاعات وتفتح القلوب، وتجري في الروح مثل جريان الماء في الجداول.
مساحة صوت أنغام منحتها حق الاشتباك، والدخول في تجارب ومغامرات لا تنتهي، سواء في غناء ألحان صعبة، والاعتماد على القصة في الكلمات التي تغنيها، أو إقحام صوتها في السوق الخليجي، إلا أن الفشل لم يشعرها بالهزيمة، كما لم يقنعها نجاحها بالغرور والتعالي.
لم تسمح السيدة أنغام لأحد باحتكار صوتها، حتى ولو كان والدها الملحن محمد علي سليمان، إن ما يميز إحساس أنغام في الغناء هو الحرية في التعبير عن مشاعر الضعف والسمو والغيرة والتجاهل والصمود والانهيار، إنها مطربة قررت أن تغني ما تشعر به، ما أجبر الجمهور على أن يشعر بما تغنيه.
أنغام محررة القلوب
لم تخطف أنغام القلوب كما يفعل المطربين الكبار، ولكنها أطلقت سراحها في مسارات البوح والقلق والتمرد والعصيان والخضوع، وكأن حنجرتها تحمل رسالة تقول ببساطة إن الإنسان يستمتع بالشئ وضده معا «أيوة بحبك أوي بس مش عايزاك.. زعلانة منك بس مبسوطة معاك.. مش طايقه اشوفك لكن أنت وحشتني و بشك فيك لكن حقيقي مصدقاك»
أكثر من ثلاثين عاما مضت على ظهور أنغام، إلا أنها ما تزال على القمة، في حين يهبط قلبها ويعلو كلما تعثرت أو نهضت في مشوار الحياة، تضحك وتبكي على المسرح مثل طفلة لا تفهم المنطق، وترفع رأسها عاليا، ليبدو أنفها شامخا مثل أي امرأة تدلل كرامتها على حساب أحاسيسها.
لا تعرف إن كانت أنغام تغني للناس أم لنفسها، ولا تدرك إن كان الجمهور يصفق لنجاح الأغنية أم يطبطب عليها، صوتها يختلط بمشاعرها، وبهاء حضورها، إلا أنها في كل مرة تظهر فيها تبدو كعروس في ليلة زفافها.
