المفتي من البوسنة: «ليس كل من لديه معلومات دينية مؤهلًا للإفتاء»
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، إن لكل وطن من الأوطان، خصوصيته وحضارته وتاريخه وثقافته، وهذه العناصر تمتزج جميعًا لتكون جذورًا عميقة في نفس كل مواطن من أبناء الوطن تشده إليه وتجمع أواصره وقلبه عليه.
وأضاف المفتي - خلال لقائه اليوم بعدد من المفتين في منطقة البلقان وعمداء الكليات الإسلامية ومديري المدارس الشرعية في البوسنة، وذلك في إطار زيارته الرسمية التي بدأت قبل يومين إلى سراييفو - أن المسلم لا يرى هناك تناقضا أو تضادا بين معنى الدين وحقائقه وشعائره وتحقيق توحيد الله وعبوديته، وبين معاني الحياة ومتطلباتها وتدبير المنافع ورعاية المصالح وعمارة الأرض على المستويات كافة، والتعاون مع الجنس البشري في تحقيق ذلك.
وتابع: "إن العالم تطور بشكل مذهل، وقد شهدنا ثورة اتصالات ومواصلات هائلة، وهنا يثار سؤال: هل كان على التشريع منذ أكثر من 1400عامًا، أن يحتوي ويتفاعل مع هذه التطورات المذهلة؟ الجواب: نعم؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: (ما فرطنا في الكتاب من شيء)".
وأوضح أن النصوص الشرعية بمناهجها المعتبرة، تضبط حركة الحياة وتتفاعل مع الواقع المعيش فيه، فوصل الإسلام إلى آفاق كبيرة ومختلفة، وهنا برزت تحديات كثيرة، وأصبح هناك دخلاء اقتحموا ميدان الإفتاء، وأحدثوا فوضى كبيرة لا بد من التصدي لها بحزم.
وأشار إلى أن دار الإفتاء المصرية، واجهنا الدخلاء على الفتوى من خلال خطوتين، بغرض التصدي لفوضى الفتاوى؛ الخطوة الأولى: احترازية وقائية من خلال نشر وزيادة الوعي بين الناس بأهمية اللجوء للمتخصصين، وتتبع تلك الفتاوى الشاذة ورصدها، والخطوة الثانية: إصلاحية علاجية من خلال التصدي للفتاوى الشاذة، وتصحيح المفاهيم وعلاج هذه الفتاوى لإزالة ما أحدثته من تلبيس وبلبلة.
ونوه بأن واقعنا يحتاج إلى بذل الكثير من الجهود لإدراكه بشكل دقيق حتى نضع حلولًا متسقة مع الضوابط الشرعية والمصالح المرعية، فعصرنا الآن، هو عصر التخصص الدقيق.
وشدَّد مفتي الجمهورية على أن الفتوى الصحيحة تحتاج إلى عناصر مهمة يجب أن تتوفر فيها، ومن بينها: الإحاطة التامة بالعلوم الشرعية، والإحاطة بعلوم الواقع، المعقد والمتغير، ومعرفة المآلات والعواقب والآثار المترتبة على الفتوى من مضار أو منافع، والوصل بين المصادر الشرعية والواقع المعيش فيه.
وواصل: "نحن مؤتمنون على الفتوى، لأن الفتوى الصحيحة لها دور كبير في استقرار المجتمعات وتحقيق التنمية والتعايش بين أبناء الوطن الواحد، والجماعات الإرهابية استغلت النصوص الشرعية لتبرير أفعالها وزعزعة استقرار المجتمعات، وهنا يجب أن نؤكد أن كل من لديه معلومات دينية، ليس مؤهلًا للإفتاء؛ لأن الإفتاء يحتاج إلى مهارات خاصة يتم التدرُّب عليها. لذا، نطالب المسلمين جميعًا بعدم الالتفات إلى غير المختصين، واللجوء إلى أهل العلم المؤهلين للفتوى".