سكر سادة.. عروسة المولد مصرية 100%
عروسة المولد فخورة بجمالها تضع يدها على خصرها، وفارس يمتطي حصانا جامحا ويشهر سيفه، أهم ما يميز الحلوى التي يتم شرائها بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.
وكان يتم تصنيع عروسة المولد في قوالب بدائية ولكن الصناعة الآن شهدت طفرة كبيرة خاصة بعد ظهور تقارير طبية أكدت خطر تناول تلك الحلوى فتم استبدال الحلوى بالبلاستيك والخشب المغطى بالأقمشة والمراوح الخلفية بأشكال وأحجام متعددة، حتى لا يتعرض الأطفال للإصابة بالأمراض، إضافة إلى طول عمر العروسة وعدم تعرضها للكسر.
تعددت أشكال عروسة المولد فمنها من تضع يدها على خصرها أو تحمل في يدها زهورا، فيما انتبهت الصين إلى ما تحمله عروسة المولد من تقدير عند المصريين فقامت بتطويرها وضخ منتجاتها في السوق المصرية بعرائس مصنوعة بأشكال كارتونية تجذب الأطفال بجانب ألوان عدة من حلوى المولد على رأسها السمسمية والحمصية والجوزية.
إلى الدولة الفاطمية يرجع الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، في عهد الخليفة الفاطمي "المعز لدين الله" عام 973هـ، وتنوعت مظاهر الاحتفال منذ ذلك التاريخ إلى الآن لكنها تشير في كل الأوقات إلى حب المصريين للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمهم له.
ويذكر المؤرخ عبدالرحمن الجبرتي الذي عاش في زمن الحملة الفرنسية علي مصر أن نابليون بونابرت اهتم بإقامة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف عن طريق إرسال نفقات الاحتفالات التي كانت تقدر في ذلك الوقت بـ300 ريال فرنسي إلي منزل الشيخ البكري نقيب الأشراف في مصر بحي الأزبكية وأرسلت أيضا إليه الطبول الضخمة والقناديل حتى إذا جاء الليل أقيمت الألعاب النارية احتفالا بالمولد النبوي وعاود نابليون الاحتفال به في العام التالي لاستمالة قلوب المصريين إلي الحملة الفرنسية وقوادها.
وعروسة الحلاوة التي تصنع بطريقة بدائية هي ما كانت تميز المولد النبوي عبر قرون طويلة، ويتم بيعها حتى الآن في أغلب المناطق الشعبية التي تقبل عليها بكثرة (رغم التحذيرات الطبية من تناول تلك الحلوى التي تحتوي على أصباغ ضارة بالصحة) لرخص ثمنها وأحجامها المختلفة التي يستطيع من خلالها رب الأسرة أن يختار ما ستناسب مع إمكانياته المادية.
تاريخ تصنيع عروسة المولد
وظهرت عروسة المولد في الدولة الفاطمية ولذلك فإن مصر الدولة الوحيدة التي تستأثر بها وهي تجمل بالأصباغ الملونة وتنتشر في محال الحلوى والشوادر بينما يعني غيابها فقد أهم الموروثات التي ارتبطت بهذا الاحتفال منذ عدة قرون إلى يومنا هذا.
وذكرت روايات مختلفة ارتبطت ببداية تصنيع العروسة منها وعد الخليفة الفاطمي لجنوده الذين يعودون من المعارك منتصرين بأن يزوج كل منهم بعروس جميلة ما جعل ديوان الحلوى الخاص بالخليفة يقوم بتصنيع نماذج من عرائس الحلوى يتم إهدائها إلى الأطفال والعامة تعبيرا عن الفرحة بالنصر.
بينما ترتبط الرواية الثانية بالحاكم بأمر الله الذي قيل إن زوجته قد خرجت معه إلى الشوارع أثناء احتفال الناس بالمولد النبوي فرآها الناس وهي ترتدي ثوبا أبيض كالعروس وتضع على رأسها تاجا من الياسمين، فاستغل صناع الحلوى الصورة التي طبعت في أذهان العامة فقاموا برسم الأميرة والحاكم في قالبين من الحلوى الأول على هيئة عروس ترتدي فوق رأسها تاجا والثاني رجلا يمتطي جوادا وهو يشهر سيفه.
وكانت احتفالات الزواج في عهد الحاكم بأمر الله أن تقتصر على شهر ربيع الأول الذي يقام فيه الاحتفال بالمولد النبوي، ويسبق ذلك شراء العريس عروسة المولد وتقديمها إلى خطيبته وظلت التزاما اجتماعيا يعكس الارتباط الوثيق بالمولد النبوي.
وكان الحكام الفاطميين يشجعون الشباب على عقد قرانهم فى يوم المولد النبوى ولذلك ابدع صناع الحلوى فى تشكيل عرائس المولد وتغطيتها بأزياء تعكس روح هذا العصر والتراث، فالخاطب لا بد أن يحضرها لخطيبته ، ويجب أن تكون من السكر، فتظل في بيت الخطيبة حتى العام التالي إلى أن يحين موعد إقامة الفرح فيتم استخدامها في تحلية الأرز باللبن الذي يتم تقديمه للمدعوين وهي عادة من عادات الفلكلور في مصر، وتحديدًا بالوجه البحري الذي يستخدم العروسة الحلاوة أيضا في تحلية البليلة أو المهلبية في الأفراح.
وقد ظلت هذه العادة إلى قرون من الزمن ولكن السنوات الأخيرة شهدت عزوفا عن صناعة العروسة الحلاوة تم استبدالها بأخرى مصنوعة من البلاستيك وهي ترتدي ثوبا جميلا مزركشا.
وعلى الجانب الآخر فقد فإن المصريين ارتبطوا بالعروسة الحلاوة لأنها تمثل بالنسبة لهم بعدا إنسانيا خالصا حيث كانوا يتصدقون بها على الفقراء الذين ينتظرون طعم سكرها في أفواههم من عام إلى عام.