مفتي الجمهورية: الأديان جميعها تدعو إلى السلام والتعاون لإنقاذ البشرية من المشكلات
قال فضيلة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، إن الأديان جميعها تدعو إلى السلام والتعاون من أجل إنقاذ البشرية من المشكلات، مؤكدا أهمية تجديد الخطاب الديني واستخدام الوسائل الحديثة والمعاصرة لإيصال صحيح الدين إلى الناس ومواجهة الأفكار المتطرفة، خاصة في الفضاء الإلكتروني الذي يعد الأكثر جذبًا خاصة لفئة الشباب، مشيدا بدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي القادة الدينيين والمؤسسات الدينية لتجديد الخطاب الديني.
وأضاف مفتي الجمهورية - خلال استقباله اليوم الأحد، جاستن ويلبي رئيس أساقفة كانتربري، ووفدًا رفيع المستوى من رجال الدين من الطائفة الأنجليكانية حول العالم - "لدينا مسئولية مشتركة لإنقاذ سفينة العالم، ونحن معًا يدًا بيد من أجل البناء والسلام"، معربا عن اعتزازه بالزيارة المهمة التي تؤكد أهمية التعاون من أجل مواجهة كافة التحديات التي تواجه العالم المعاصر، خاصة فيما يتعلق بالتطرف والإرهاب.
واستشهد مفتي الجمهورية بمثل السفينة في الحديث الشريف للنبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي يقول فيه: "مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذِ مَن فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا"، مما يؤكد على المسئولية الجماعية لكافة أفراد المجتمع في حمايته من المخاطر.
وأشار إلى أن دار الإفتاء المصرية استجابت لدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي التي وجهها إلى القادة الدينيين والمؤسسات الدينية لتجديد الخطاب الديني، وأنشأت عام 2014 أول مرصد من نوعه وهو مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة الذي يعمل على مدار الساعة من خلال محاور ثلاثة؛ الأول: وهو عملية رصدية لما يصدر من آراء وفتاوى تكفيرية وآراء متشددة، والثاني: هو تحليل هذا المرصود من خلال وحدة التحليل الموجودة في دار الإفتاء المصرية، والثالث: وهو إصدار تقرير عن عملية الرصد، مؤكدًا إصدار المرصد 600 تقرير حتى الآن، كلها تصنع الخبرة التي اكتسبناها من خلال تحليل الأحداث والفتاوى.
وأوضح مفتي الجمهورية أن الجماعات الإرهابية تلجأ لتفسيرات منحرفة ومتطرفة للنصوص الدينية تخرجها عن سياقها وتبرر بها أفعالها الإجرامية، لذا علينا أن نعمل على بيان صحيح الدين والتفسيرات الصحيحة للنصوص الدينية، وهي من أهم التحديات الفكرية التي نواجهها في وقتنا المعاصر.
واستعرض بعض جهود دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم في مواجهة الفكر المتطرف وتجديد الخطاب الديني، منها مرصد الفتاوى التكفيرية، وإنشاء وحدة "موشن جرافيك" تقدم المعلومات الدينية الصحيحة بصورة مبسطة، ومجلة Insight التي أصدرتها الدار باللغة الإنجليزية للرد على مجلتَي دابق ورومية اللتين يصدرهما تنظيم داعش الإرهابي، فضلًا عن عدد من المطبوعات المهمة الأخرى باللغات المختلفة.
وقال مفتي الجمهورية إن المواجهة الفكرية للفكر المتطرف هي الأهم، مشيرًا إلى أن مواجهة الفكر المتطرف تحتاج إلى سياسات تعتمد على محاور أساسية، منها: الوقاية، وذلك بتحصين الشباب من الوقوع في براثن التطرف بمختلف الوسائل والآليات، وأيضًا العلاج لمن تخلوا عن هذا الفكر المتطرف، ثم يأتي بعد ذلك العلاج الأمني، ولكن نؤكد أن المعالجات الفكرية هي الأساس.
من جانبه، أشار جاستن ويلبي رئيس أساقفة كانتربري إلى أن هناك الكثير من المشتركات بين المسيحية والإسلام يمكن أن تكون أرضية مشتركة للتعاون والحوار والعيش المشترك، بعيدًا عن التفسيرات المغلوطة للنصوص الدينية.
وقال إن المسيحية كذلك تعاني من بعض التفسيرات المتطرفة من بعض رجال الدين المسيحيين، مشيرًا إلى أنها تفسيرات تخالف تعاليم الكنيسة، وهو ما يجب مواجهته بخطاب وتفسيرات دينية تواكب العصر، وكذلك التعاون بين القادة الدينيين من أجل مواجهة المتطرفين في كل مكان.
وأشاد رئيس أساقفة كانتربري بالجهود الحثيثة التي يقوم بها مفتي الجمهورية ودار الإفتاء في تجديد الخطاب الديني واستخدام الوسائل الحديثة مثل الموشن جرافيك لتصحيح المفاهيم المغلوطة، وكذلك أبدى إعجابه بموضوع المؤتمر العالمي السادس للإفتاء الذي عقد أغسطس الماضي حول "مؤسسات الفتوى في العصر الرقمي" مؤكدًا أهمية استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة.
وفي ختام اللقاء أهدى مفتي الجمهورية الوفد مجموعةً من المطبوعات الصادرة عن دار الإفتاء والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم لمواجهة الفكر المتطرف باللغة الإنجليزية، وتشتمل على التفسيرات الصحيحة للنصوص الدينية التي تستغلها جماعات التطرف والإرهاب لتبرير أعمالهم الإجرامية.