شادي عبد السلام «السهل الممتنع».. أخرج فيلما مدته 3 دقائق وحول السينما لوثيقة تاريخية
تخرج صانع فيلم المومياء المخرج شادي عبدالسلام من مدرسة أبناء الأثرياء والنبلاء كلية "فيكتوريا" بالإسكندرية عام 1948، ثم طار إلى مدينة الضباب لندن ليدرس فنون المسرح لمدة عام كامل، من 1949- 1950، ومن كلية فنون الجميلة- جامعة القاهرة عام 1955.
شادي عبدالسلام الذي تحل ذكرى رحيله الـ35، اليوم الجمعة، تعامل مع الفن عامة، والسينما حبيبته الأولى والأخيرة برقي وصفه البعض بـ"المبالغ فيه"، وهو ما انعكس على الصورة التي كان يقدمها، وبرزت قناعاته الشخصية في نظرته للسينما خلال لقاء صحفي قال فيه: "إنني لا أعمل السينما على أنها شيء استهلاكي، ولكنني أعملها كوثيقة تاريخية للأجيال القادمة".
عبقري الصورة شادي عبدالسلام اخترق عالم السينما من الأبواب الواسعة التي تليق بحجم موهبته، فبدأ عمله بها من خلال فيلم "الفتوة" لمخرج الواقع صلاح أبو سيف، فكانت مهمته أن يدون كل لقطة بالفيلم استغرقت كمًا من الوقت عند تصويرها.
بدأ عمله السينمائي كمساعد مخرج مع صلاح أبو سيف
حصل شادي عبدالسلام على بكالوريوس العمارة بدرجة امتياز، لكن العمل كمهندس معماري لم يشغله، رغم النجاح الذي حققه خلاله، بالتزامن مع اتجاه الحكومة المصرية، في ذلك الوقت، للتشييد والبناء، وتبني نهضة صناعية كبرى.
عاد صانع "المومياء" للسينما مرة أخرى من بوابة مساعد للمهندس الفني رمسيس واصف عام 1957، ثم التقى صلاح أبو سيف مرة ثانية، وعمل مساعدًا له، في أفلام "الوسادة الخالية، الطريق المسدود، أنا حرة".
الصدفة لعب دورًا كبيرًا في منتصف طريق شادي عبدالسلام الفني، أثناء عمله كمساعد مخرج مع حلمي حليم في فيلم "حكاية حب" تغيب مهندس الديكور، فقام شادي عبدالسلام بتصميمات ديكور الفيلم، التي لفتت نظر المنتجين، ونالت إعجاب الفنانين والنقاد، فتدافعت شركات الإنتاج الكبرى حينها للتعاقد معه لوضع تصميمات وتنفيذ عدد من الأفلام، كان أبرزهم فيلم "واإسلاماه".
المخرج الإيطالي روسيلليني سر نجاح في حياة شادي عبدالسلام
قبل أن يذاع صيت شادي عبدالسلام عالميًا كمخرج، وصلت شهرته للخارج كمهندس ديكور، ومصمم ملابس، فأشترك وضع ديكورات فيلم "كيلوبترا" الأمريكي، و"فرعون" البولندي عام 1966.
المخرج الإيطالي روسيلليني، الذي بدأ شادي عبدالسلام العمل معه كمساعد في فيلم "الحضارة" كان نقطة تحول محورية في حياة عبقري الصورة، فالمخرج الإيطالي أثر فيه فكريًا وفنيًا، ودفعه لآن يتخذ القرار الأهم في حياته، وهو التفرغ الكامل للإخراج.
أخرج شادي عبدالسلام العديد من الأعمال المميزة، أبرزهم فيلم "المومياء"، و"الفلاح الفصيح" فيلم قصير استوحى فكرته من بردية فرعونية.
وهج شادي عبدالسلام بدأ عام 1974
مواهب شادي عبدالسلام المهنية عديدة، وكل موقع عمل فيه نجح نجاحًا باهرًا، حتى عندما اتجه للعمل الإداري، بعد توليه إدارة مركز الأفلام التجريبية بوزارة الثقافة عام 1970.
حالة من الوهج الفني عاشها شادي عبدالسلام في الفترة ما بين عامي 1974 و 1980، فأخرج 4 أفلام تسجيلية قصيرة بعنوان "آفاق" عام 1974، وهو نموذج لأوجه النشاط الثقافي المختلف في مصر، وفيلم جيوش الشمس عام 1976، ويتناول العبور وحرب أكتوبر 73، وفيلم عن إحدى القرى الصغيرة التي تقع بالقرب من معبد "أدفو" الفرعوني في أسوان، كذلك قام بعمل فيلم مدته 3 دقائق ونصف عن ترميم واجهة بنك مصر.
شادي عبدالسلام الذي ولد في 15 مارس 1930، كتب قبل وفاته بفترة قصيرة مقالاً قال فيه: "منذ أن بدأت أعمل وأنا أعتقد أن لي قضية، قضيتي هي التاريخ الغائب أو المفقود، الناس الذين نراهم في الشوارع والبيوت، في الحقول والمصانع، هؤلاء الناس أغنوا الإنسانية، كيف نعيدهم للدور نفسه؟، كيف نستعيد مساهمتهم الإيجابية والقوية في الحياة؟، لا بد أولا أن يعرفوا من هم؟ وماذا كانوا؟ وماذا قدموا؟ لا بد أن نوصل بين إنسان اليوم وإنسان الأمس لنقدم إنسان الغد، هذه هي قضيتي".