حمدي الكنيسي.. رحلة إعلامي مهذب من الإذاعة إلى قلوب الجماهير
توفي حمدي الكنيسي الرجل المهذب الذي فرض احترامه على الجميع، بما يمتلكه من أخلاق عالية، وخبرة كبيرة، ورؤى في المجال الإعلامي لا يمكن لأحد أن يتجاهلها.. مات حمدي الكنيسي في الثمانين من عمره إلا أن روحه ظلت في عمر الشباب، يفتح بها قلوب من يتحدثون إليه وجها لوجه، أو عبر الهاتف، وابتسامته الحلوة التي لم تغادر ملامحه الطيبة وهو يتعامل مع من حوله.
رحل الإذاعي حمدي الكنيسي الذي درس اللغة الإنجليزية في مصر وأمريكا، وأتقن اللغة العربية حديثًا وكتابة، سواء في برامجه الإذاعية التي ينفرد فيها بصوت هادئ ووقور، ونبرة قوية، وأسلوب لا يقاوم، ومعلومات غزيرة، أو من خلال كتاباته في الصحف والمجلات، أو حتى عن طريق تصريحاته المختلفة للصحافة والإعلام.
منذ أيام حصل الإعلامي حمدي الكنيسي على اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أمر بتوفير الرعاية الكاملة له ليتم نقله إلى مستشفى المعادي العسكري بعد إصابته بأزمة في القلب، إلا أن الموت فوت علينا فرصة الفرحة بشفائه وعودته سالما، ليختطفه في لحظة ويترك الحزن لكل عشاق حمدي الكنيسي من المحيط إلى الخليج.
تاريخ طويل صنعه الأستاذ حمدي الكنيسي عبر رحلة ممتدة أثبت فيها أنه الإذاعي الأمهر بين أبناء جيله، وشجاعته الخاصة وهو يعبر إلى الضفة الشرقية من القناة ليصبح أشهر مراسل إذاعي في حرب أكتوبر المجيدة، وينتظر الشعب المصري صوته المبشر بالنصر على جبهات القتال وهو يؤدي المهمة بروح قتالية عالية، ووطنية حفرت اسمه في قلوب الشعب المصري والشعوب العربية.
مات حمدي الكنيسي بعد أن كتب اسمه كأول نقيب للإعلاميين، يقدم خدماته التي لا تنتهي إلى زملائه في الإذاعة والتلفزيون والفضائيات المختلفة.. مات ليقول لنا إن أعمال الطيبين لا تغادر معهم، وتظل شاهدة على ما قدموه وما صنعوه من أجل هذا الوطن.
وداعا أيها الإعلامي النبيل، سوف تظل في قلوبنا إلى الأبد، اسمك النبيل يزين سجلات الفخر والمحبة، ويحميك من النسيان، ويجعلنا مبهورين بكل ما قدمته لنا من جهد وإخلاص وتفاني، وهذا أفضل وسام يمكنك الحصول عليه بالرغم من حصولك على العديد من الأوسمة والتكريمات خلال رحلتك الحافلة بالنجاح على مدار عشرات الأعوام.
مولد ونشأة حمدي الكنيسي
إلى محافظة طنطا بلد الأصوات الحلوة ينتمي الإذاعي حمدي الكنيسي ولد في العام 1941 بإحدى قرى المحافظة (شبرا النملة)، وفي جامعة القاهرة العريقة حصل ابن طنطا على شهادة الليسانس في اللغة الإنجليزية، قبل أن يطير إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ويتخصص في مجال الترجمة الفورية ويتخرج في الجامعة الأمريكية سنة 1966 ويعود إلى مصر ويبدأ مشواره في دنيا الإعلام.
حمدي الكنيسي وحرب أكتوبر
وحصل حمدي الكنيسي على شهرته الواسعة أثناء حرب أكتوبر المجيدة وهو يعبر إلى الضفة الشرقية للقناة ويبث من أرض الفيروز ما يحدث على أرض المعركة الخالدة التي انتصر فيها جنودنا على القوات الإسرائيلية.
لم تكن الإذاعة هي أول عمل مارسه حمدي الكنيسي فقد عمل معلما لمادة اللغة الإنجليزية لطلاب المرحلة الثانوية في بداية الأمر وبالتحديد عام 1962
مشوار حمدي الكنيسي في الإذاعة
بدأ الإعلامي حمدي الكنيسي مشواره المهني في عام 1962، حيث عمل في البداية في مجال التعليم، حيث قام بتدريس الثانوية في تخصص اللغة الإنجليزية، قبل أن يشق طريقه في الإعلام من خلال البرنامج العام وهو يقرأ نشرة الأخبار، ويعمل بعدها كمراقب للبرامج الثقافية.
وتولى حمدي الكنيسي منصب رئيس شبكة صوت العرب التي ازدهرت في عهده، قبل أن يصبح مديرًا لإذاعة الشباب والرياضة سنة 1988، ويقفز بعدها إلى مقعد رئيس مجلس الإدارة بمجلة الإذاعة والتلفزيون.
وما يزال محبي الإذاعة يذكرون البرامج المميزة التي قدمها الإعلامي حمدي الكنيسي مثل يوميات مراسل حربي، والمجلة الثقافية، وقصاقيص، وصوت المعركة، وتليفون وميكروفون و200 مليون.
الجوائز والأوسمة التي حصل عليها حمدي الكنيسي
نال الأستاذ حمدي الكنيسي عددا من التكريمات والأوسمة من بينها وسام الجمهورية إضافة إلى درع التفوق نتيجة عمله كمراسل حربي، فضلا عن جائزة التفوق في الأداء، فيما يعتبر الكنيسي واحدا من الخبراء الدوليين لدى منظمة اليونسكو في الفترة ما بين 1975 إلى 1977.