«القانون» ينهي معاناة البحث عن «ركنة».. ويقضي على مظاهر بلطجة «السائس»
«تنظيم انتظار المركبات» يُبشر الاقتصاد المصري بـ8 مليارات دولار سنويا
يشهد ملف تنظيم انتظار المركبات في مصر، عدة تحركات حكومية تشي بمساعي تنظيمية جادة، تهدف للارتقاء الحضاري بمناطق وساحات انتظار السيارات، لتقضي بذلك على عشوائية الملف الذي لطالما أرقَّ المواطنين في الفوز بـ«ركنة» مناسبة لسياراتهم، دون تعطيل حركة السير.
يبشر الأمر بأكثر من ذلك، فقد يعني مكسباً اقتصادياً يماثل 4% من الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد المصري، تمثل خسائر الاقتصاد سنوياً من الزحام المروري، بحسب تقديرات البنك الدولي.
تطبيق تجريبي في القاهرة والجيزة
التحركات التي بدأها وزير التنمية المحلية اللواء محمود شعراوي، ببدء تطبيقانون تنظيم انتظار المركبات في الشوارع، برقم 150 لسنة 2020، على نحو تجريبي في محافظتي القاهرة والجيزة، تمهيداً لتعميم التجربة في باقي محافظات الجمهورية، إثر انتهاء المحافظين من تشكيل لجان فنية تستهدف اختيار المناطق التي تصلح كساحات انتظار في الشوارع والميادين العامة.
قانون تنظيم انتظار المركبات في الشوارع يعتبر نقلة تشريعية غير مسبوقة للقضاء على عشوائية الانتظار في الشوارع، والتي تفضي إلى تعطيل السيولة المرورية وخلق المزيد من الاختناقات وتعطيل سير الأفراد والمركبات.
50 مليار جنيه خسائر الزحام المروري
دراسة البنك الدولي، المعنونة على موقعه الإلكتروني باسم «دراسة حول زحمة السير في القاهرة» تشير إلى أن أحد أهم أسباب تعطل المرور وخنق السيولة المرورية في مصر هو قلة أماكن وقوف السيارات أو ربما عدم وجودها في بعض المناطق، ما يضطر السيارات إلى «اللف والدوران أو الوقوف في الشوارع»، وقدرت الكلفة الاقتصادية للتكدس المروري بما يماثل 4% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً.
الكلفة الاقتصادية التي قدرتها دراسة البنك الدولي، تشمل زيادة تكاليف استهلاك الوقود اللازم لـ«اللف والبحث عن مكان ملائم للمركبة»، علاوةً على الآثار الناجمة عن تضرر الهواء جراء استهلاك الوقود، وهو ما قدرته في سنة إعداد الدراسة بـ8 مليارات دولار سنوياً.
قانون تنظيم انتظار المركبات في الشوارع، مثل أول تفعيل لتوصيات الدراسة الدولية التي خرجت بتوصيات من بينها تنظيم إدارة أماكن وقوف السيارات وبناء جراجات وساحات انتظار، حيث ستكون المحافظات خلال الأيام المقبلة بصدد إعلان الانتهاء من اختيار ساحات الانتظار اللازمة لتنظيم عمليات وقوف وسير السيارات في الشوارع والميادين العامة، لتوفير الخدمات بمقابل مادي، تعود حصيلته مجدداً للإنفاق على تحسين الطرق ورفع كفاءة الميادين العامة.
7 أحياء في القاهرة والجيزة للتطبيق التجريبي
وبدأ التطبيق بمحافظتي القاهرة والجيزة، في 6 أحياء بالقاهرة وهي الوايلي وبولاق أبوالعلا وعابدين ووسط القاهرة وغرب القاهرة والسيدة زينب بإجمالي 8 شوارع و3 ساحات، وفي الجيزة بدأ التطبيق في حي الدقي بعدد 4 شوارع هي (مكة – الثمار – الثورة – سليمان أباظة).
«الجندي»: ينظم ظاهرة «السايس»
يقول صبري الجندي مستشار وزير التنمية المحلية السابق، إن قانون تنظيم انتظار المركبات في الشوارع، يقضي تماماً على ظاهرة البلطجية الذين يفرضون مبالغ مالية على المواطنين من دافعي الضرائب دون وجه حق نظيره انتظار سياراتهم، وأنه سيتم وفقاً للقانون الجديد تنظيم هذه المهنة وتحديد مهامها واختصاصاتها بشكل محكم.
«القانون يلزم السايس بأن يكون متعلماً، سواء يحمل شهادة دراسية أو يقرأ ويكتب وحاصل على شهادة محو أمية» يضيف «الجندي» مشيراً إلى أنه سيتعين على «السايس» تقديم شهادة صحية معتمدة تؤكد خلوه من المسكرات، لضمان أن يكون شخص واعٍ، وأن يكون أيضاً صاحب سجل جنائي نظيف.
ويوضح «الجندي» أن الرخصة التي سيحصل عليها «السايس» تسري لمدة 3 سنوات، يمكن خلالها للجنة المشكلة من قبل الحي أو الوحدة المحلية إلغائها، حال مخالفته التسعيرة المعلنة أو أي بند من بنود اللائحة، وأن هذا «السايس» سيخضع لتفتيش دوري، حتى تضمن اللجنة أن يكون ملتزماً بالقانون المنظم لمهنته.
وأشار مستشار وزير التنمية المحلية السابق، إلى تعميم تطبيق القانون على باقي المحافظات بعد تطبيقه تجريبياً في القاهرة والجيزة، لافتاً في هذا الصدد إلى أن محافظة القاهرة خصصت 2883 مكاناً ملائماً كساحات انتظار للسيارات، مؤكداً أنه ليس بالضرورة تصلح جميع الشوارع كساحات انتظار، وأن الأمر يخضع فنياً لقدرة الشارع على استيعاب السيارات بأطوالها، داعياً إلى ضرورة استدامة التطبيق والمتابعة الدائمة، وأنه لا ينبغي الحي أو الوحدة المحلية الغياب عن متابعة تطبيق القانون.
«السيد»: يضيف للاقتصاد مكاسب كبيرة
أما الدكتور عبد المنعم السيد، الخبير الاقتصادي، فيرى أن تنظيم عملية انتظار السيارات في الشوارع، سيؤدي إلى تحقيق سيولة مرورية تدفع بشكل مباشر إلى خفض استهلاك الوقود، وبالتالي عدم الإفراط في تشغيل محركات السيارات التي ينشأ عنها مزيد من العوادم الملوثة للهواء، مشيراً إلى أن المكاسب المحققة قد تصل إلى ما أشارت إليه دراسة البنك الدولي بشأن الكلفة الاقتصادية لزحام المرور في مصر، وعدم تكبد هذه الخسائر مستقبلاً.