مفتي الجمهورية: تجديد الخطاب الديني والإفتائي واجب الوقت وضرورة حتمية
أكد فضيلة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن تجديد الخطاب الديني والإفتائي هو واجب الوقت وضرورة حتمية، مُحذرا الشباب من الانسياق وراء الشائعات والكلام المرسل والمعلومات غير الموثوق بها.
ودعى الدكتور شوقي علام، الشباب إلى التفكر والبحث في الأمور، مؤكدا أن الإسلام أكد على أهمية تحري الدقة.
وأكد مفتي الجمهورية - خلال كلمته، اليوم الأحد، في اللقاء المفتوح مع طلبة جامعة القاهرة، وذلك ضمن النسخة الرابعة من معسكر قادة المستقبل الذي تنظمه الجامعة للطلاب- أن تجديد الخطاب الديني والإفتائي هو واجب الوقت وضرورة حتمية، وهو نهج الأوائل الذي أدركوا أن الفتوى تتغير بتغير الجهات الأربع وهي الزمان والمكان والأحوال والأشخاص.
وأضاف أن الشرائع جاءت جميعها لتحقيق المقاصد العليا الخمسة وهي حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ العقول وحفظ الأموال وحفظ الأعراض.
وأوضح مفتي الجمهورية أنه مهما تطور البحث العلمي وشققنا من هذه المقاصد الخمسة الكلية الضرورية مقاصد أخرى ومهما تطور الزمان فإنه يمكن أن نرجع في ظل كل ما يستجد ويحدث إلى هذه المقاصد الخمسة، وفكرة بناء الإنسان أصل أصيل في الرسالات السماوية.
وشدد مفتي الجمهورية في حديثه إلى طلبة جامعة القاهرة على أن العلم هو الركيزة الأساسية الذي ينطلق منها العقل الرشيد، مشيرًا إلى أن جامعة القاهرة تقوم بهذا الأمر في سبيل البناء العلمي الحقيقي وأن الرسل جميعًا والرسالات جميعا عنيت ببناء الإنسان، والإسلام لم يأت لهدم شيء ولكن يؤسس لمن كان صالحًا.
وأوضح مفتي الجمهورية أن العقل هو أساس التكليف والبناء والعلم؛ ولذلك فإنه عندما يتم إصدار فتوى فالعقل هو أساس الفتوى، لافتًا النظر إلى أن الفتوى لها أركان ثلاثة، وهي: العقل، والواقع، والنصوص والأدلة.
وبين مفتي الجمهورية أن النصوص الشرعية مكتملة وواضحة من عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن الواقع غير متناهٍ أو محدود، وتابع فضيلته: "لذلك يقول المتخصصون إن النصوص محدودة ومتناهية، والواقع غير متناهٍ وغير محدود، فكيف يحكم المحدود اللا محدود، وهذه مسألة يحكمها العقل، وهذا يحتاج تأهيلًا حقيقيًا وتخصصًا دقيقًا".
وشدد مفتي الجمهورية على ضرورة احترام التخصص، وألا يتدخل أحد في تخصص غيرة حتى لا يفسد شيئًا أو يحدث حيرة وتشككًا لدى الناس، ولفت إلى أن غير المتخصصين دخلوا مجالات ليست تخصصهم حتى دخل الناس في مرحلة التيه، موجهًا نصيحته إلى الشباب قائلًا: "أنصح شبابنا بعدم أخذ نصيحة أو كلمة من غير المتخصصين فيها".
وقال مفتي الجمهورية : "إن الدين علم ويحتاج إلى أهل الاختصاص، وقد نتوقف نحن في الفتوى حتى نسأل أهل الذكر، ونحتاج في المجال الاقتصادي لعلماء المال في مسألة عملة "البتكوين" وهي العملات الإلكترونية الجديدة التي لم أكن أعرف عنها حتى أحيط بها لإصدار فتوى غير مبتورة تعالج الواقع معالجة دقيقة".
وحول المواطنة والعيش المشترك أوضح مفتي الجمهورية أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أرسى هذه الثقافة في كل مكان عاش فيه، فكان ذلك مع أهل مكة حيث غرس فيهم العدل ولم ينعزل عنهم حتى أخرجوه من مكة إلى المدينة التي كانت تضم مجتمعًا متنوعًا في الأعراق والديانات، فوضع وثيقة المدينة المنورة التي تعد دستورًا للعيش المشترك.
وتحدث مفتي الجمهورية عن التجربة المصرية الرائدة في العيش المشترك، والتي حرصت مصر على أن تضمنها في دساتيرها منذ دستور عام 1923م الذي لم يفرق بين جميع المصريين وجلهم كلهم سواسية أمام القانون، وصولًا إلى دستور عام 2014م حيث حرصت لجنة الخمسين التي عملت على تعديل الدستور على ترسيخ العيش المشترك وعدم التفرقة بين جميع المصريين، قائلًا: "على الجميع أن يفخر بالتجربة المصرية أيضًا في التعايش، فالكل مصري بمجرد وقوع العين عليه".
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن أصحاب الفكر الوافد على بيئتنا المصرية قد جاءوا بتأويلات فاسدة وصفت المجتمع المصري بالجاهلية واعتبرت أن الشريعة غائبة فيه، وهو ادعاء باطل.
وقال مفتي الجمهورية: "إن الإخوان منذ عام 1928، اعتبر منظرهم سيد قطب أن المجتمع عاد لجاهلية أشد من جاهلية المجتمع قبل الرسالة المحمدية، وأخرجوا الناس من دائرة الإيمان".
وفي ختام اللقاء كرم الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، فضيلة الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، وأهداه درع الجامعة، فيما توجه فضيلة المفتي بالشكر إلى رئيس جامعة القاهرة وأعضاء هيئة التدريس والعاملين بالجامعة، مؤكدًا أن جامعة القاهرة بما لها من تاريخ عريق هي محراب للعلم وبناء العقول الواعية الرشيدة التي يحتاجها وطننا من أجل رفعته ورقيه.