تقرير.. هل ينتظر أفغانستان مستقبل قاتم بعد خروج القوات الأمريكية منها؟!
قبل أسابيع من الموعد المقرر لإنهاء الولايات المتحدة مهمتها في أفغانستان، أرسلت إدارة بايدن ثلاثة آلاف جندي جديد إلى مطار كابول للمساعدة في الإخلاء الجزئي للعاملين بالسفارة الأمريكية.
وذكرت دورية (ذا دبلومات) المتخصصة في الشئون الآسيوية أن الخطوة تسلط الضوء على السرعة المذهلة التي تسيطر بها طالبان على أجزاء كبيرة من البلاد، من بينها قندهار، ثاني أكبر مدينة أفغانية ومسقط رأس حركة طالبان.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن سفارتها ستستمر في العمل في أفغانستان، إلا أن القرار الدراماتيكي بإرسال آلاف من القوات الأمريكية الإضافية، يعتبر علامة على تراجع الثقة في قدرة الحكومة الأفغانية على صد تصاعد حركة طالبان، حيث جاء الإعلان بعد ساعات فقط من سيطرة الحركة على مدينة هرات الغربية وكذلك غزنة، التي تُعد عاصمة إقليمية استراتيجية هامة تقع جنوب كابول، كما سيطرت طالبان منذ أيام على ثلاث عواصم إقليمية أخرى في الجنوب، تشمل هلمند، التي شهدت بعض أعنف المعارك في العقدين الماضيين.
وبذلك تكون الحركة، التي حكمت من عام 1996 حتى غزو القوات الأمريكية بعد هجمات 11 سبتمبر، قد تمكنت من السيطرة على أكثر من عشرة عواصم إقليمية في الأيام الأخيرة، بما يعني أكثر من ثلثي البلاد، وأدى تقدم طالبان، بجانب الإخلاء الجزئي للسفارة الأمريكية، إلى عزل عاصمة البلاد بشكل متزايد، والتي تُعد موطن لملايين الأفغان، رغم تأكيدات المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس أنها مجرد "عملية إخلاء وليست انسحابًا شاملًا"، وتستهدف فقط "تقليص حجم البصمة المدنية للقوات".
ورفض برايس الإيحاء بأن الخطوة ترسل إشارات مشجعة لطالبان أو تحبط معنويات المدنيين الأفغان المذعورين، مصرًا على أن "الرسالة التي نرسلها إلى الشعب الأفغاني هي رسالة شراكة دائمة".
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي أصر على إنهاء المهمة الأمريكية التي استمرت 19 عامًا في أفغانستان بحلول نهاية الشهر الحالي رغم اكتساح طالبان، قد أجرى مشاورات مع كبار مسؤولي الأمن القومي قبل أن يعطى الأمر بإرسال قوات مؤقتة إضافية.
وأجرى وزير الخارجية أنطوني بلينكين ووزير الدفاع لويد أوستن محادثات مع الرئيس الأفغاني أشرف غني، كما حذرت الولايات المتحدة مسؤولي طالبان مباشرة من أن الولايات المتحدة سترد إذا هاجمت طالبان الأمريكيين خلال عمليات الانتشار العسكرية الأمريكية المؤقتة.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية يوم الخميس الماضي إنها سترسل حوالي 600 جندي إلى أفغانستان على أساس قصير الأجل لمساعدة مواطني المملكة المتحدة على مغادرة البلاد، كما قال مصدر مطلع بالحكومة الكندية إن قوات البلاد الخاصة ستنتشر في أفغانستان لمساعدة الطاقم الكندي على مغادرة كابول .
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) جون كيربي إنه بالإضافة إلى إرسال ثلاث كتائب مشاة، اثنتين من مشاة البحرية وواحدة من الجيش، إلى المطار، سيرسل البنتاجون 3500 إلى 4000 جندي من لواء قتالي من الفرقة 82 المحمولة جواً إلى الكويت للعمل كقوة احتياطية، حيث سيكونوا على أهبة الاستعداد في حالة الاحتياج لمزيد من القوات في كابول.
وقال كيربي إن 3000 جندي سيصلون إلى مطار كابول خلال اليومين المقبلين، للمساعدة في أمن المطار وتسهيل عملية مغادرة موظفي السفارة، وليس للتورط في حرب الحكومة الأفغانية مع طالبان.
ومنذ أن قرر بايدن في أبريل الماضي إنهاء التدخل العسكري الأمريكي في أفغانستان، على أن يكتمل الانسحاب بحلول 31 أغسطس الجاري، سحبت الولايات المتحدة بالفعل معظم قواتها، إلا أنها احتفظت بنحو 650 جنديًا في أفغانستان لدعم الأمن الدبلوماسي الأمريكي، بما يشمل أمن المطار.
وأوضح كيربي أن إرسال القوات الجديدة لا يعني أن الولايات المتحدة ستعاود الاشتراك في القتال مع طالبان، مشيرًا إلى أن تلك القوات لديها "مهمة مؤقتة بتركيز محدد".
ومع ذلك، فإن قدرات الجيش الأفغاني الذي دربته الولايات المتحدة تشير إلى مستقبل قاتم ينتظر البلاد، حيث تشير التقييمات العسكرية إلى أن كابول قد تتعرض لضغوط طالبان في أقرب وقت ممكن بحلول سبتمبر المقبل، وإذا استمرت في تصاعدها الحالي، قد تسقط البلاد بأسرها في أيدي طالبان في غضون بضعة أشهر.