في مؤتمر الوساطة والتحكيم الدولي
أمين عام مؤتمر القاهرة الدولي يدعو لإنشاء مراكز لتسوية المنازعات في الغرف التجارية
أكد المستشار الدكتور شعبان رأفت عبد اللطيف، أمين عام مؤتمر القاهرة الدولي الأول حول دور الوساطة والتحكيم في تسوية المنازعات وتحقيق التنمية المستدامة، أن استراتيجية مصر 2030 التي وضعتها وتشرف على تنفيذها القيادة السياسية توضح أننا في حاجة إلى إنشاء مراكز لتسوية المنازعات عبر الوساطة والتحكيم بالغرف التجارية أسوة بما هو معمول به في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومعظم الدول الاقتصادية.
وأضاف في كلمته خلال افتتاح المؤتمر: نأمل من خلال المناقشة جلسات المؤتمر التي يقدمها نخبة متميزة من أساتذة القانون في الجامعات المصرية والعربية والمستشارين والقضاة الخروج بتوصية لتبنى هذا المقترح لما فيه من نفع لكلا الطرفين الدولة والمستثمر، وصاحب المشروع التجاري والاقتصادي.
وأوضح أنه إذا كان القضاء معني بتطبيق القواعد القانونية على المنازعات التي ترفع إلى المحاكم وهو مجموع الأحكام التي تصدرها هذه المحاكم فإن الوسائل الحديثة والبديلة لمعالجة بطء التقاضي هي الوساطة كتسوية ودية لموضوع النزاع.
وأشار إلى أن الوساطة تجد أساسها في القضاء الإسلامي فيجوز للقاضي أن يعرض على الخصوم التصالح بل أصبح هذا الإجراء نظرًا لأهميته مقدم في قيد النزاع بالمحاكم فقبل عرض النزاع على القاضي لابد وأن يلجأ المدعى إلى عرض تسوية هذا النزاع عبر القسم المختص، مضيفًا أنه في حالة فشل مساعي التسوية الودية فيتم اللجوء إلى القضاء للنظر بالنزاع والفصل فيه بحكم.
وتابع: ثم يأتي التحكيم كوسيلة بديلة لتسوية النزاع بعيدًا عن القضاء، وقد نشأ التحكيم كوسيلة لفض المنازعات بين الأفراد والجماعات منذ قديم الزمان- وهو سابق على القضاء المنظم الذي نشأ في ظل وجود الدولة بمعناها القانوني وسلطاتها التنفيذية والقضائية والتشريعية.
وأرجع الدكتور عبد اللطيف، قيام التحكيم كنتيجة لتداخل العلاقات بين الأفراد والمجتمعات في المجالات التجارية والسياسية والاجتماعية وغيرها والتي غالبًا ما تنشأ بسببها منازعات من حين لآخر.
وأكد على الرغم من عدم وجود القضاء المنظم في بعض تلك المجتمعات إلا أن شريعة الغاب لم تكن هي المسيطرة ولم يكون القوي فيها آكل والضعيف مأكول هو السائد، بل هنالك عدة وسائل لفض المنازعات منها الوساطة والتحكيم، وهذه الوسائل على الرغم من قيام الدولة وإنشاء المحاكم وتعيين القضاة إلا أنها ما زالت حتى اليوم وسائل هامة يلجأ إليها الناس لحل خلافاتهم.
وأوضح عبد اللطيف، إنه إذا كانت الدولة في عصرنا الحاضر تقوم بإنشاء المحاكم وتعيين القضاة وسن التشريعات، فإنه في الماضي كان الأمر خلاف ذلك، حيث كان الدور البارز في هذا الأمر وما زال لشيوخ القبائل والعشائر، حيث يلجأ إليهم الخصوم لحل الخلافات ويقومون بذلك بأنفسهم أو تعيين شخص أو أشخاص لذلك، كما يلجأ الناس إلى أشخاص عرفوا في المجتمع بالحكمة والأمانة وسداد الرأي والفكر المستنير.
وأكد المستشار شعبان رأفت عبد اللطيف، أن التحكيم يحتل مكانة هامة في تسوية المنازعات بين المتعاملين، وخاصة في مجال التجارة الدولية لما يحققه من عدالة ناجزة، لافتا إلى أن النظم الودية تؤدي إلى تسوية المنازعات كالمفاوضات، والوساطة لها دورًا هامًا في إنهاء المنازعات قبل اللجوء إلى التحكيم.
وأضاف حتى تتحقق الأهداف المنشودة من الوساطة، والتحكيم فانه يتعين صياغة اتفاق الوساطة أو التحكيم بدقة واتباع خطوات إجرائية معينة منذ نشأة النزاع وحتى عقد جلسة إجراءات سواء للوساطة أو للتحكيم، موضحًا أنه يجب أن يتمتع الوسيط، والمحكم بمهارات معينة لإدارة سير عملية الوساطة، وخصومة التحكيم وحتى صدور القرار بالوساطة، أو الحكم التحكيمي.
وأشار الأمين العام للمؤتمر، إلى أهمية تدريبه على فن صياغة قرارات الوساطة، وأحكام التحكيم وتأتي أهمية هذا المفهوم في ضوء ما يشهده العالم حاليًا من تزايد اللجوء إلى الوسائل البديلة لحل النزاعات ومنها الوساطة.
وأكد عبد اللطيف، أن التحكيم سواء كان تحكيمًا مؤسسيًا أو خاصًا كوسيلة مفضلة وفعالة لحسم المنازعات التجارية ومنازعات الاستثمار، لما يتمتع به من مزايا ولما يحققه من سرعة وفاعلية في حسم المنازعات، والمحافظة على السرية، وتحقيقاً للعدالة وصيانة للحقوق.
واستكمل: تماشيًا مع استراتيجية مصر 2030 التي وضعتها وتشرف على تنفيذها القيادة السياسية للنهوض بكافة القطاعات وتطويرها وصولًا لتحقيق التنمية المستدامة بحلول هذا التاريخ، وتحقيق إنجازات على أرض الواقع جاء تنظيم مؤتمر القاهرة الدولي الأول حول "دور الوساطة والتحكيم في تسوية المنازعات وتحقيق التنمية المستدامة" ليتفق والجهود التي تبذلها الدولة خاصة مع تنامي الحاجة إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وضخ الاستثمارات الوطنية وتشغيل العمالة الوطنية وتحقيق وفرة اقتصادية.
وفي نهاية كلمته قال: نرجو من الله سبحانه وتعالى أن يحفظ مصر من كل مكروه وسوء، تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وأن يحقق المؤتمر الغاية من تنظيمه والخروج بتوصيات تترجم الواقع والحاجة إلى إنشاء مراكز لتسوية المنازعات في الغرف التجارية، لتخفيف العبء عن كاهل القضاء، ودعمًا لمجتمع الأعمال وصولاً لتحقيق تنمية مستدامة.