69 عاما من العزة والكرامة|
ثورة يوليو تضع الشعوب العربية والأفريقية على طريق النضال والحرية
إذا كانت ثورة 23 يوليو 1952 قامت في مصر، فإنها انعكست على العديد من الشعوب العربية والأفريقية التي استلهمت منها النضال، وراحت تدافع عن حريتها، في الوقت الذي كانت فيه مصر السند لحركات التحرر.
السودان
كثفت مصر جهودها ﻟﺤﺼﻮﻝ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻬ ﺑﻌﺪ ﻗﻴﺎﻡ ﺛﻮﺭﺓ ﻳﻮﻟﻴﻮ 1952، وتصدت مصر لمناورات ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻟﺘﺴﻮﻳﻒ ﺣﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﻤﺎ ﻋﺠﻞ ﺍﻟﺘﻮﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﻓﺒﺮﺍﻳﺮ 1953 ﺑﻴﻦ ﻣﺼﺮ ﻭﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻠﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻰ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﻴﺮﻫﺎ، لتصبح بعدها ﺟﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﺃﻭﻝ ﺩﻭﻟﺔ إﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻬﺎ ﻓﻰ ﻳﻨﺎﻳﺮ 1956، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺃﻭﻝ ﺩﻭﻟﺔ ﺗﻌﺘﺮﻑ ﺑﻬﺎ وترسل إليها سفيرا هي ﻣﺼﺮ.
فلسطين
ولم تتوقف مصر عن دعم الشعب الفلسطيني بكل ما تملك، وكان لها الدور الأبرز في المحافل الدولية وفي أروقة الأمم المتحدة، من أجل الاعتراف بهيئة سياسية تمثل الشعب الفلسطيني، ما ظهر في قرارات ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻸﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻋﺎﻡ 1974 ﺑﺄﻏﻠﺒﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻨﻴﻴﻦ، ﻭﺍﻟﻤﺘﻀﻤﻨﺔ ﺩﻋﻮﺓ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺑاﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻣﻤﺜﻼً ﻟﻠﺸﻌﺐ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻰ، واعطائها ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻰ ﺣﻀﻮﺭ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮﺍﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺗﻌﻘﺪ ﺗﺤﺖ إﺷﺮﺍﻑ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ.
الجزائر
وضعت القاهرة ﺇﺫﺍﻋﺔ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻌﺮﺏ في خدمة الثورة الجزائرية، كما ﺃﻧﺸﺌﺖ ﻓﻰ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ 1955 إﺫﺍﻋﺔ ﺳﺮﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ، فيما كانت ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ منبرا للشعب الجزائري، ينشر أخبار الثورة ويتخدث عن انتصاراتها.
أما ﺃﻭﻝ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻟﻠﺠﺰﺍﺋﺮ فقد ﻛﺎﻥ ﻣﻘﺮﻫﺎ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺳﻨﺔ 1958، لتستمر مصر في مساندة الأشقاء حتى الانتصار ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻰ والحصول على الاستقلال ﺳﻨﺔ 1962، ﻭﻇﻠﺖ ﻣﺼﺮ ﺗﺪﻋﻢ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎً ﻭﻋﺴﻜﺮﻳﺎً ﻭﻣﺎﺩﻳﺎً ﻭﻓﻨﻴﺎً ﺑﻌﺪ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻷﻋﺒﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺘﻰ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ، والأهم من أجل أن تستعيد الجزائر ﻫﻮﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.
اليمن
ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻨﺪﺍﺀ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ في اليمن من ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﻌﻮﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻯ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﺑﺈﺭﺳﺎﻝ ﺍﻵﻻﻑ ﻣﻦ ﺟﻨﻮﺩ ﻣﺼﺮ ﻟﻠﻮﻗﻮﻑ بجانبهم ﺿﺪ ﺃﻋﺪﺍﺋﻬﺎ ﻣﻦ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﺃﺳﺮﺓ ﺣﻤﻴﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻤﻌﺰﻭﻟﺔ ، ﻭﻟﻢ ﺗﺨﺮﺝ ﻣﺼﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﺇﻻ بعد أن ﺗﺮﺳﺨﺖ ﺩﻋﺎﺋﻢ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ وخطت إلى ﺮﻛﺐ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ.
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﺼﺮﻯ ﻓﻰ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻰ، ﺣﺎﻓﺰﺍً ﻟﺠﺒﻬﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻓﻰ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻰ ﻟﺘﺼﻌﻴﺪ ﻛﻔﺎﺣﻬﺎ ﺿﺪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ. ﻭﻣﻊ ﺗﺰﺍﻳﺪ ﻣﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﻣﺼﺮ ﻟﻠﺜﻮﺭﺓ ﻓﻰ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﺍﻧﺪﻻﻋﻬﺎ ﻋﺎﻡ 1963 ، ﺍﺗﺴﻌﺖ ﺣﺪﻭﺩﻫﺎ ﻭﺷﻤﻠﺖ ﻛﻞ ﻣﻨﺎﻃﻘﻬﺎ ﻭﺣﻘﻘﺖ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭﺍﺕ ﺳﺮﻳﻌﺔ ﻣﻜﻨﺘﻬﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺪﻓﻬﺎ ﺑﻘﻴﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﻋﺎﻡ 1967.
العراق
عندما أطاح ﺟﻴﺶ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻓﻰ 14 ﻳﻮﻟﻴﻮ 1958 ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤﻠﻜﻰ ﻭﺃﻋﻠﻦ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺼﺮ ﻓﻰ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻤﺴﺎﻧﺪﺓ، تدعم النظام الجديد ماديا ومعنويا.
ﻗﻄﻊ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﺯﻳﺎﺭﺗﻪ ﻟﻴﻮﻏﺴﻼﻓﻴﺎ ﻭﺗﻮﺟﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺳﻜﻮ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻫﺪﺩﺕ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻳﺔ ﻟﻠﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺜﻮﺭﻯ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻰ ﻭﻫﻰ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﻭﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻭﺑﺪﺃﺕ ﺗﺤﺮﻛﺎﺕ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻭﺣﺸﻮﺩ ﻓﻰ ﺍﻷﺭﺩﻥ.
وﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ ﻳﻘﻨﻊ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﻜﺮﻣﻠﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻤﻨﺎﻭﺭﺍﺕ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﺒﻠﻐﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﻭﺣﻤﻠﺖ ﻣﻮﺳﻜﻮ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺗﺪﺧﻞ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻓﻰ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ، قبل أن يعلن ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﺃﻥ ﺃﻯ ﻋﺪﻭﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻳﻌﺪ ﻋﺪﻭﺍﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ ، ﻭﺗﻢ ﺗﻮﻗﻴﻊ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺗﻌﺎﻭﻥ ﻛﺎﻣﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒﻠﺪﻳﻦ ﻋﺎﻡ 1958.
تونس والمغرب والصومال والكويت
وفي تونس والمغرب، قامت مصر بتدعيم ﺣﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻘﻖ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻬﻤﺎ ﻋﺎﻡ 1956، ﻭﻗﺎﻣﺖ ﻣﺼﺮ ﺑﺎﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺣﻖ ﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻝ ﻓﻰ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮ، وﺳﺎﻫﻤﺖ ﻓﻰ الحفاظ على استقلال الكويت.
أفريقيا
بعد ثورة يوليو 1952 تحولت مصر إلى ملتقى لحركات التحرر في كوبا والكونغو وموزمبيق، ودول غرب افريقيا مثل غانا والكاميرون، حيث تم تدعيمهم من قبل الدولة المصرية، من أجل انصافهم ضد الاستعمار، ما جعل « نيلسون مانديلا» عندما جاء إلى القاهرة يحرص على زيارة ضريح الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وقال كنت أقف وأشب على أصابعى لكى ترانى مما يؤكد مدى تعلق هؤلاء القادة بزعيم الثورة المصرية.
قدمت مصر للدول الأفريقية ما تحتاج إليه من مساعدات مادية ولوجوستية، فيما لعبت الإذاعات الموجهة دورا كبيرا في دعم هذه الحركات التحررية وفتح مصر على العالم الإفريقى، ما أعطاها قيمة كبيرة في المجال العالمي وجعلها ذات اسم وهيبة تاريخية كبيرة.
وما يدل على حب الأفارقة للثورة إطلاق اسم الزعيم جمال عبد الناصر على الشوارع الرئيسية في مدنها الكبرى كرمز للحرية والاستقلال، مؤكدين أن مصر دعمت الدول الافريقية والعربية بكافة الإمكانيات لإجلاء الاستعمار عن أراضيها.