69 عاما من العزة والكرامة| قانون الإصلاح الزراعي.. الأرض تعود لأصحابها
كان الفلاح في مصر يزرع الأرض، إلا أنه لا يحصد خيراتها التي كانت تذهب إلى عدد قليل من الناس، يتعاملون مع الفلاح على أنه عبد، ولا يعطونه إلا قروشا قليلة، لا توفر له ولأسرته حاجاته الأساسية، حتى جاءت ثورة يوليو، لتصفع الإقطاع، وتطبطب على الفلاحين “الغلابة”، وتمنحهم عقود الأرض التي يزرعونها، ملكية خالصة لهم.
بعد قيام ثورة 23 يوليو عام 1952 مباشرة، وفي شهر سبتمبر من العام نفسه؛ قام مجلس قيادة الثورة بإصدار قانون الإصلاح الزراعي الأول في البلاد، والذي بموجبه تمّ تحديد الملكية الزراعية بمئتي فدان للفرد وأربعمئة للأسرة، وتقرّر نزع ما زاد عن ذلك وتوزيعه على الفلاحين، مقابل دفع التعويض عن الأراضي المنتزعة، وأنشئت جمعيات الإصلاح الزراعي لتتولى عملية استلام الأرض من المُلّاك بعد ترك النسبة التي حددها القانون لهم وتوزيع باقي المساحة على الفلاحين العاملين بالأرض نفسها.
أنصف القانون الذي صدر في عهد الرئيس الأسبق محمد نجيب، الفلاح، وكان بمثابة تحقيق لواحد من أهم أهداف الثورة المباركة، وهو «العدالة الاجتماعية، وخريطة طريق لتغيير مستقبل الاف الفلاحين وابنائهم ليشكلوا مجتمعا من القادة فيما بعد.
نص القانون على تحديد الملكية الزراعية للأفراد والأسرة وفق التعديلات المتتالية متدرجة من 200 إلى خمسين فدانا للملاك القدامى، وأخذ الأرض من كبار الملاك وتوزيعها على صغار الفلاحين المعدمين، فيما عرفت هذه التعديلات بقانون الإصلاح الزراعي الأول والثاني.
غير القانون الحياة على وجه مصر، لتتبدل أحوال الفلاحين، ويتمكن الواحد منهم من تربية أسرته بكرامة، ما مكن أطفاله من الذهاب إلى المدرسة، ليصبحوا فيما بعد وزراء ووكلاء وزارة ومديرو عموم ورؤساء جامعات وأطباء ومهندسون ومحامون وصحفيون ومئات الآلاف من الموظفين في جميع مؤسسات الدولة.
ولم يكتف قانون الإصلاح الزراعي بتوزيع الأرض على الفلاحين فقط لكنه أيضا كان يصرف مكافأة لكل من يتفوق في الدراسة حتى يشجعهم على استكمال تعليمهم والوصول إلى أحلامهم بسهولة.
وبلغ مجموع الأراضي التي تم نزع ملكيتها في ظل قانون الإصلاح الزراعي ما يربو على نصف مليون فدان، أي ما يقرب من 8.4% من إجمالي المساحة المنزرعة في مصر في ذلك الوقت. وقد جرى توزيع هذه الأراضي وفقا لنظام معين من الأولويات بحيث أعطيت الأولوية عند التوزيع «لمن كان يزرع الأرض فعلا مستأجرا أو مزارعًا، ثم لمن هو أكبر عائلة من أهل القرية، ثم لمن هو أقل مالا منهم، ثم لغير أهل القرية»