تكبيرات العيد.. العطر المسموع
كان الولد الصغير يستيقظ على تكبيرات العيد، فيعرف أنه يوم الفرحة، اليوم الذي يرتدي فيه بنطلونه وقميصه الجديدين، ويخرج بحذائه اللامع وجوربه النظيف من البيت قاصدًا المسجد مع والده، حتى إذا فرغ من الصلاة حصل على العيديات من أسرته وأقاربه وأصبح في إمكانه شراء الحلوى واللعب.
كبر الولد الصغير، تزوج وأصبح أبا، وتزوج أبنائه وبات جدا، لكن الطفل الذي بداخله لم يكبر، الطفل الذي يفرح بتكبيرات العيد، ويتنفس عبير الفرحة أثناء ذهابه وإيابه إلى المسجد، ظل كما هو يستأنس برؤية أفراد العائلة والأقارب ويسعد بمصافحتهم وهو يتبادل معهم التهنئة، كل شيء كما هو باستثناء العيدية التي كان يأخذها في الماضي وصار يعطيها في الحاضر.
تكبيرات العيد هي تلك الكلمات التي تدخل السرور على قلوب المسلمين، تمنحهم ابتسامات حصرية على وجوههم في صباحات الأعياد، تختلط الكلمات بعطور المصليين، فتشم رائحتها الحلوة قبل أن تدخل من أذنيك لتستقر في فؤادك.
"الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرًا وسبحان الله بكرة وأصيلًا، لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وعلى أصحاب سيدنا محمد وعلى أنصار سيدنا محمد وعلى أزواج سيدنا محمد وعلى ذرية سيدنا محمد وسلم تسليمًا كثيرًا".
تلك هي الصيغة التي يرددها المصريون من قديم الزمان، ستجدها في كل المحافظات بلا استثناء كما هي، الكل يردد الكلمات نفسها في الوقت نفسه، وهي صيغة شرعية وفق الإمام الشافعي الذي قال "وإن كبر على ما يكبر عليه الناس اليوم فحسن، وإن زاد تكبيرًا فحسن، وما زاد مع هذا من ذكر الله أحببتُه".
ساعات قليلة ونسمع تكبيرات العيد ترج القلوب، وتصنع تلك السعادة في قلوب الكبار، وعلى ملامح الصغار، نسمعها ونرددها، مع الحجاج على جبل عرفات، بقلوب مطمئنة بالإيمان، وراضية بالله، تحمده وتشكره وتسبح بفضله.