مفتي الجمهورية: حرمنا الإجهاض إلا بمبرر طبي قوي
قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: "إن دار الإفتاء لديها منهجية متكاملة نابعة من فهم العلماء الأوائل على مدى التاريخ، ومن حضارة فقهية ومنهجية لم يشهد التاريخ مثلها".
جاء ذلك خلال لقائه التلفزيوني مع الإعلامي الدكتور معتز عبد الفتاح في برنامج "تحت الشمس"، الذي عُرض على فضائية قناة الشمس اليوم، مضيفًا أن منهجية دار الإفتاء تراعي السياق المجتمعي والواقع المعيش فيه والقوانين مع مراعاة ضوابط وأحكام الشرع وقت إصدار الفتاوى، مؤكدًا عراقة دار الإفتاء التاريخية باعتبارها المؤسسة الأهم في مجال الفتاوى ومعالجتها، وكونها أول مؤسسة دينية تغزو الفضاء الإلكتروني لنشر صحيح الدين ومواجهة الفكر المتطرف.
وعن الحرص على الحضور القوي في الفضاء الإلكتروني قال المفتي: إن دار الإفتاء المصرية تولي أهمية بالغة لوسائل التواصل الاجتماعي نظرًا لما لها من قوة وقدرة على التأثير في الناس والوصول إلى أعداد كبيرة لا يمكن الوصول إليهم بالوسائل التقليدية، كما أن هذا الاهتمام يندرج في إطار خطة الدار لتجديد الخطاب الديني وتطوير آلياته؛ وجاء متوافقًا ومتناغمًا مع دعوة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية لتجديد الخطاب الديني.
وأعلن فضيلة المفتي عن أن دار الإفتاء المصرية ستصدر قريبًا جدًا موسوعة «المعلمة المصرية للعلوم الإفتائية»؛ تجمع هذه المعلمة مبادئ وأركان العملية الإفتائية؛ وتدعم التطبيق الأمثل للإفتاء على المستوى المهاري والمؤسسي.
وشدد فضيلته على أن الشرع الكريم قد أرشدنا إلى اللجوء إلى أهل الاختصاص كلٍّ في تخصصه؛ وسؤال أهل الذِّكْر إذا خَفِي علينا شيء؛ فقال تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43]، والمراد بأهل الذكر: هم أهل التخصص والعلم والخبرة في كل فنٍّ وعلمٍ، مشيرًا إلى أن التكلم في علوم الدين بغير علم يئول إلى فساد في الاعتقاد والدين، وكذلك التجرؤ في كافة التخصصات الأخرى من طب، وصيدلة، وهندسة، وغيرها قد يئول إلى فساد في الأنفس، وقد يعرض حياة الإنسان إلى الخطر. ومن المقاصد الشرعية العليا حفظ النفس، وتعد أهم الضروريات المقاصدية الخمس التي قام على أساسها الشرع الشريف؛ فكان حفظها أصلًا قطعيًّا، وكليةً عامةً في الدِّين؛ ولذا وجب احترام التخصص، وخاصة عند تداخله في الفتوى؛ فالفتوى واقعة معينة تراعي أحوال وحال المستفتي.
واستعرض فضيلة المفتي مجهودات الدار في مواجهة التطرف والإرهاب ودورها في توضيح صحيح الإسلام ومحاربة الأفكار المتطرفة التي تروج لها الجماعات الإرهابية مثل داعش وغيرها، مشيرًا إلى أن الدار أول من حذر من التسليم والرضا بمصطلح الدولة الإسلامية التي ادَّعتها داعش الإرهابية؛ لأن مجرد تداوله يُعد إقرارًا لكيانهم غير الشرعي.
وأضاف فضيلة المفتي أن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم هيئة عالمية متخصصة مقرها دار الإفتاء المصرية، وكان إنشاؤها من توصيات أول مؤتمر لدار الإفتاء في 2015م وتقوم بالتنسيق بين دُور الفتوى والهيئات الإفتائية العاملة في مجال الإفتاء في أنحاء العالم بهدف رفع كفاءة الأداء الإفتائي لتلك الجهات، مع التنسيق فيما بينها لإنتاج عمل إفتائي علمي رصين، ومن ثَمَّ زيادة فعاليتها في مجتمعاتها حتى يكون الإفتاء أحد عوامل التنمية والتحضر للإنسانية مشيرًا إلى أن التعاون لا يعني ذوبان كيان إفتائي واندثاره بل يعني التعاون والتكامل. وقد حددت الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم وذلك تحت مظلة دار الإفتاء المصرية يوم 15 ديسمبر «اليوم العالمي للإفتاء» بناء على توصية من المؤتمر العالمي الخامس لدور وهيئات الإفتاء المنعقد في القاهرة تحت عنوان "الإدارة الحضارية للخلاف الفقهي" وقد أوصت الأمانة العامة في البيان الختامي بإطلاق اليوم العالمي للإفتاء يوم 15 ديسمبر من كل عام وهو ذكرى إنشاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم .
واختتم فضيلة المفتي حواره قائلًا: "إننا في دار الإفتاء المصرية ومنذ سنين طويلة نحذر من المفاهيم المغلوطة المتعلقة بالزيادة السكانية التي تدعو للتكاثر بلا مبرر، ولكن في نفس الوقت أكدنا أن الإجهاض محرم شرعًا، وأنه بمجرد أن يخلق الله سبحانه وتعالى الجنين، منذ لحظة التلقيح، فقد أصبح هذا الجنين في حماية شرعية وقانونية، ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن نتخذ من الأسباب ما يجهض هذا الجنين، إلا إذا وجدت أسباب طبية قوية، بتقرير من طبيب، توضح أن في بقاء هذا الجنين خطرًا على الأم".