على غرار موكب المومياوات.. إحياء موكب الأوبت بطريق الكباش في الأقصر
أعلن الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار أنه من المقرر افتتاح تطوير طريق الكباش بداية الموسم الشتوي المقبل وسيتم تنظيم احتفالات كرنفالية كبرى لأول مرة في التاريخ ستمر في الطريق بعد افتتاحه مع إعادة إحياء عيد الأوبت.
وفى ضوء هذا أشاد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار بهذه الخطوة غير المسبوقة، ولفت إلى أهمية عيد الأوبت في تاريخ مصر القديمة حيث أن مهرجان الأوبت أو الإبت هو احتفال مصري قديم كان يقام سنويًا في طيبة (الأقصر) في عهد الدولة الحديثة وما بعدها، وفيه كانت تصطحب تماثيل آلهة ثالوث طيبة - آمون وموت وابنهما خونسو - مخفيين عن الأنظار داخل مراكبهم المقدسة في موكب احتفالي كبير من معبد آمون في الكرنك إلى معبد الأقصر في رحلة تمتد لأكثر من 2كم وما يتم إبرازه في هذا الطقس هو لقاء أمون رع من الكرنك مع أمون الأقصر، وتجديد الولادة هو الموضوع الرئيسي في احتفال الإبت، وعادة ما يتضمن احتفالية لإعادة تتويج الملك كذلك.
وأضاف الدكتور ريحان بأن الاحتفالات الأولى من مهرجان الإبت، كانت تماثيل الإله تؤخذ عبر طريق الكباش الذي يربط بين المعبدين، وتتوقف في المعابد الصغيرة التي شيدت خصيصًا في طريقها، وهذه المعابد الصغيرة أو الأضرحة كان يمكن أن تكون مليئة بالقرابين، المهداة للآلهة أنفسهم وللكهنة الحاضرين للطقوس كذلك، وفي نهاية الاحتفالات في معبد الأقصر، تغدو المراكب المقدسة عائدةً مرة أخرى إلى الكرنك، وفي الاحتفالات المتأخرة من تاريخ مصر، كان يتم نقل التماثيل من وإلى الكرنك / الأقصر عن طريق القوارب في النهر وليس عبر طريق الكباش البري، ويُعقد احتفال إبت في الشهر الثاني من فصل أخت، وهو موسم فيضان نهر النيل.
كما كان يبحر قارب ملكي كذلك مع قوارب الآلهة المقدسة، وكانت الطقوس في ما يعرف بـ"غرفة الملك الإلهي" تعيد الاحتفال بتتويج الملك وبالتالي تؤكد أحقيته بالمُلك.
ويوضح الدكتور ريحان أن مدة الاحتفال كانت عشرة أيام تترك خلالها قوارب المعبودات مقاصيرها بالكرنك في الشهر الثاني من موسم الفيضان وتذهب لمعبد الأقصر، ثم تعود للكرنك بعد عشرة أيام، وقد اختلفت عدد أيام الاحتفال بهذا العيد، ففي الأسرة 18 كان الاحتفال به لمدة 11 يومًا، وفي الأسرة 19 كان 21 يومًا وفي الأسرة 20 كان 27 يومًا.
وتبدأ المناظر بعيد الأوبت من الركن الشمالي الغربي من صالة الأعمدة بمعبد الكرنك وتنتهي في الركن الشمالي الشرقي، حيث نجد توت-عنخ-آمون وهو يحرق البخور ويقدم القرابين والزهور لآمون والصور المقدسة للأرباب بعدها تحمل القوارب لتخرج من الصرح أو بوابة المعبد الذي بناه أمنحتب الثالث، "هو حاليًا الصرح الثالث لمعبد الكرنك" حتى تصل إلى شاطئ النهر حيث توضع على متن المراكب التي تجر بالحبال في اتجاه الجنوب حتى تصل إلى معبد الأقصر يصاحبها حملة الأعلام وكبار الموظفين والجنود والموسيقيون من عازفى الطبول والأبواق والمغنيين والراقصين النوبيين.
وعندما يصل الموكب إلى معبد الأقصر يستقبله قادة العجلات الحربية والجنود والراقصون والموسيقيون وحملة القرابين والجزارون الذين يذبحون الثيران المقدمة كقرابين، ثم يحمل الكهنة القوارب ثانية ليمروا بها بين القرابين المكرسة والرقصات الأكروباتية والموسيقيين حتى يضعوها على قواعدها في داخل مقاصيرها.
وينوه الدكتور ريحان إلى أن مظاهر الاحتفال مصورة بمعبد الأقصر في عدة مناظر على الجدار الغربي من الفناء الأول لرمسيس الثاني وعلى الجدار الغربي لبهو 14 العمود الخاص بالملك أمنحتب الثالث والذي ربما أكمله الملك توت عنخ آمون ونقشه بمناظر عيد الأوبت وهناك مناظر على المقصورة الحمراء للملكة حتشبسوت بمعبد آمون رع بالكرنك ومعبد الرامسيوم الخاص برمسيس الثاني.
ونوه الدكتور ريحان إلى أن طريق الكباش يبلغ طوله من حافة المرسى من الخلف 52م وينتهي قبل البيلون الأول بعشرين متر وعرضه 13.10م، وكان يدعى طريق الكباش أيضًا باللغة المصرية القديمة ويزدان المرسى بمسلتين صغيرتين ارتفاع كل منهما 2م وارتفاع القاعدة 75سم أقامهما سيتي الثاني من الأسرة 19 في نهاية المرسى على جانبي الطريق الذي يخرج منها ويمتد إلى واجهة معبد الكرنك.
والطريق في شكله الحالي وما يحف به من كباش يرجع إلى عصر رمسيس الثاني ويبلغ عدد الكباش في كل صف من الطريق في الجزء الخارجي الذي يمتد من المرسى حتى الصرح الأول 20 كبشًا، والجزء الداخلي عدد 13 في الناحية الجنوبية و19 كبشًا في الجهة الشمالية ولا يزال طريق الكباش يحتفظ بجماله
وتابع الدكتور ريحان أنه كشف على جانبي الطريق عن أحواض نباتات أمام التماثيل ومواسير من الفخار مغطاة على شكل جمالون تحمل الماء إلى أحواض النباتات من بئر مستديرة محفورة خلف الطرف الجنوبي الشرقي لطريق الكباش.
والكبش كان رمزًا للإله آمون حيث صورة الإله آمون رابضًا فوق قاعدة مرتفعة له جسم أسد ورأس كبش وقد صور الملك واقفًا تحت رأسه وبين قوائمه الأمامية رمزًا لحماية الإله له وقد نقش على القاعدة اسم الملك وألقابه.
وطريق الكباش الحالي ينتهى عند البيلون الأول وهو أضخم بيلون في مصر كلها وأسهم في بنائه عددًا كبيرًا من الملوك.